من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. علي عبده أبو حميدي.
إجمالي القراءات : ﴿3701﴾.
عدد المشــاركات : ﴿37﴾.

التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة «5».
■ من خلال ما سبق يتضح أن الإنسان إذا كانت أحب العلم للعلم فهي قوة تعينه في تحصيله.
العلم في اللغة : العِلْمُ نقيضُ الجهل (1).
العلم نقيضُ الجهل تقول عَلِمْتُه يَقيناً وفي التنزيل العزيز وإنَّه لَحَقُّ اليَقِين أَضاف الحق إلى اليقين (2).
يمكن النظر إلى العلم معنىً وأهدافًا وممارسةً من زاويتين رئيسيتين تتداخلان ولكن يمكن التمييز بينهما.
في المنظور الأول : يبرز العلم من المنظور الديني بوصفه متصلاً باليقين أو الإيمان.
وفي المنظور الثاني : ينظر إلى العلم بوصفه نشاطًا إنسانيًا بحتًا ينتج عن سعي الإنسان للتعرف على نفسه وما يحيط به من ظواهر معتمدًا على مناهج وأدوات تحقق معرفة تتفاوت في الصحة والخطأ.
للعلم تعاريف يكون فيها معرفة يحصل عليها طالب العلم لذا، فالعلم نقل صورة المعلومة من الخارج وإثباتها في النفس، فإن كان الثابت في النفس مطابقاً للحقيقة في نفسها فهو علم صحيح.

وكثيراً ما يثبت ويتراءى في النفس صورة ليس لها وجود حقيقي فيظنها الذي قد أثبتها في نفسه علماً، وإنما هي مقدرة لا حقيقة لها وأكثر علوم الناس من هذا الباب وما كان منها مطابقا للحقيقة في الخارج نوعان :
نوع تكتمل النفس بإدراكه والعلم به، وهو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وكتبه وأمر ونهيه. ونوع لا يحصل للنفس به كمال وهو علم لا يضر الجهل به، فأنه لا ينفع العلم به (3).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع، فعن زيد بن أرقم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (اللَّهمَّ إني أعوذ بك من العجْزِ، والكَسَلِ، والجُبنِ، والبُخْلِ والهَرَمِ، وعذاب القبر، اللَّهمَّ آتِ نَفسي تَقْوَاها، وزَكِّها أَنت خَيرُ مَنْ زكَّاهَا، أَنتَ وَلِيُّها ومولاها، اللَّهمَّ إِني أَعوذ بك من علم لا ينفعُ، ومن قَلبٍ لا يَخشَع، ومن نَفسٍ لا تشبع، ومن دعوة لا تُستَجَاب) (4).

كما أن العلم هو : إدراك الشيء بحقيقته وذلك ضربان أحدهما إدراك ذات الشيء، والثاني الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له أو نفي شيء هو منفي عنه، فالأول هو المتعدي إلى مفعول واحد نحو قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (الأنفال : 60).
والثاني المتعدي إلى مفعولي نحو قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الممتحنة : 10).
وقـوله تعـالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ۖ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (المائدة : 109).
فإشارة إلى أن عقولهم طاشت، والعلم من وجه ضربان : نظري وعملي.
فالنظري : ما إذا علم فقد كمل نحو العلم بموجودات العالم.
والعملي : ما لا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات. ومن وجه أخر ضربان عقلي وسمعي (5).
ويعرف العلم : معرفة المعلوم من الذوات والصفات والمعني على ما هو عليه (أي في الواقع والصورة الخارجة له) وهو مصدر علم يعلم علماً وينقسم إلى ضروري ونظري.
فالعلم الضروري هو ما لا يحتاج المرء معه إلى تأمل وتفكر من سائر البديهيات. كمعرفة المحسوسات والمرئيات مما يدرك بالحواس الخمس التي هي السمع والبصر واللمس والشم والذوق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة ـ تأليف : الدكتور علي عبده أبو حميدي.
(1) محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت، جـ 12، صـ 416.
(2) المرجع السابق، جـ 13، صـ 457.
(3) محمد أبو بكر بن القيم، مرجع سابق، صـ208.
(4) مسلم بن الحجاج بن مسلم، الجامع الصحـيح المسمى صـحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، دار الكتاب العلمية، بـيـروت، د.ت، جـ8، صـ 81ـ82.
(5) الحسن محمد الراغب الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القران، دار الكتب العلمية، بيروت، 1425هـ ـ 2004م، ص ـ384.
(6) أبو بكر جابر الجزائري، العلم والعلماء دار الكتب السلفية، القاهرة، د.ت، صـ11ـ