من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد حامد الطلحي.
إجمالي القراءات : ﴿5422﴾.
عدد المشــاركات : ﴿6﴾.

ثقافة الفضاء وانعكاساتها السلبية على الأبناء.
■ الكل منا لا يخفى عليه الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام وفي مقدمتها التلفزيون في التأثير على ثقافة الفرد وصقل شخصيته وخاصة في السنوات المبكرة من العمر.
يقول الاستشاري النفساني مروان المطوع في إحدى دراساته : أن التلفزيون والذي ركز بشكل كبير في دراسته العلمية عليه, يأتي في مقدمة وسائل الإعلام من حيث قدرته الهائلة على التأثير في الأطفال حتى أنه أطلق عليه لقب "الصندوق السحري" حيث أن قدرته القوية على التأثير تأتي من حيث أنه يتعامل مع حواس الإنسان الرئيسة؛ السمع والبصر. وبين أن الإنسان يحصل على معلومات بنسبة 75 بالمائة عن طريق البصر و 13 بالمائة عن طريق السمع وذلك لتوفر المؤثرات الفنية العالية مثل اللون والصوت حتى يكاد يحاكي الحقيقة.‏
إن أبرز ما يمكن أن يلاحظ على معظم أبنائنا هي تلك الأوقات الطويلة التي يقضونها أمام الشاشات لمشاهدة القنوات الفضائية واستخدام الإنترنت والتي تمتد إلى ساعات دون أدنى مراقبة تذكر من الوالدين. إننا لو علمنا أن هناك أكثر من 6000 قناة فضائية يمكن مشاهدتها عبر الإنترنت لأدركنا مدى الخطر الكبير لاسيما وأن الكثير من هذه القنوات والمواقع تعرض عادات وتقاليد لشعوب لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا. لقد اتضح أن الأطفال الذين يكثرون من مشاهدة برامج القنوات الفضائية على التلفاز دون إرشاد أو توجيه هم أقل إبداعاً وابتكاراً وخيالاً من الذين يشاهدون البرامج المنتقاة ويبحثون عن نشاطات أخرى لتمضية أوقات فراغهم.
لقد أثبتت الدراسات العلمية أن كثيراً من الذين يشاهدون البرامج ذات المضمون الهابط والخادشة للحياء والأغاني المصورة التي أصبحت قاسماً مشتركاً بين جميع القنوات الفضائية دون استثناء العربية والغربية منها على حد سواء، يطورون مجموعة من السلوكيات والتصرفات الغريبة، على سبيل المثال لا الحصر : الأنانية وعدم التعاون مع الآخرين، وعدم الإحساس بمشاعر الآخرين بل وازدرائهم وعدم احترامهم والتقليد الأعمى في الملبس والمأكل والمشرب وفي موديلات الشعر وفي المشي وفي أسلوب الحديث مع الآخرين وقتل روح الإنتاج والإبداع لديهم، والسلبية وعدم الاكتراث بما يدور حولهم، ويفهم من ذلك أن التلفاز يهدد الدماغ ويعيد تشكيله. وتعزز هذه الدراسات أبحاثا سابقة أظهرت أن مشاهدة التلفاز يقصر أمد الانتباه فضلاً عن أنه يعد أحد أسباب الإصابة بمرض الصرع كنتيجة لذلك، يأتي الابن إلى المدرسة في اليوم التالي متشتت الذهن وقد أضناه السهر فيجلس في أخر الفصل ليأخذ قسطاً من الراحة أو النوم في بعض الأحيان، يسأله المعلم فلا يجيب، يطلب منه الواجب المنزلي الذي كلف به بالأمس فلا يجده، وليس هناك من عذر يبرر به هذا التقصير. إن مثل هذه الملهيات والمغريات وهذه التصرفات ألا مسئولة في ظل غياب مراقبة الوالدين في المنزل، من شأنه ترك آثار سلبية يصعب التعامل معها ومعالجتها.

■ إذاً : ما هو واجب الآباء والمربون والإعلام حيال هذا الخطر الداهم ؟
● أخي الكريم :
لنبدأ من منطلق "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ولعلنا نجد في هذه الحلول المقترحة ما يساعدنا في درء هذه المخاطر ويقودنا إلى بر الأمان.
♦ غرس القيم والثوابت المستمدة من عقيدتنا الإسلامية في إطار القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لتكريس الهوية الحضارية في وجدان الابن المسلم.
♦ جدولة أوقات الأبناء في المنزل بحيث تشمل حل الواجبات المدرسية والمذاكرة واللعب والمشاهدة المقننة للتلفزيون.
♦ انتقاء البرامج التلفزيونية المفيدة ذات الطابع الإسلامي وتوجيههم لمشاهدتها.
♦ تقنين استخدام الإنترنت للضرورة القصوى مع المراقبة الجادة من حين لآخر.
♦ غرس وتدعيم عادة حب القراءة في نفوسهم وتدريبهم على احترام الكتاب وتقدير قيمته الثقافية والحضارية.
♦ على الجهات الإعلامية تقديم مواد إعلامية علمية وتعليمية تسهم في إثراء المنهج المدرسي بأساليب جذابة.
♦ توعية الأبناء بالمضار الصحية التي تترتب على بقائهم ساعات طويلة أمام التلفاز.
♦ كسر حالة الجمود في المنزل وذلك بالخروج في نزهة برية أو بحرية حيث الهواء الطلق والطبيعة الخلابة.
♦ ممارسة الأنشطة المختلفة والمواد الترفيهية التي تحقق الميول نحو اللعب والانطلاق، وملء الوقت بأشياء مفيدة.*

■ وفي الختام :
أسال الله العلي القدير أن يعيننا جميعاً على الأخذ بأيدي أبنائنا إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم وذلك بتجنيبهم مواطن الزلل والرذيلة ليبلغوا أسباب العزة والفضيلة وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.