من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

فوائد لغوية ﴿22214﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. محمد عبدالله الشدوي.
إجمالي القراءات : ﴿10872﴾.
عدد المشــاركات : ﴿34﴾.

يبدو أن الارتجال في ألفاظ اللغة العربية على وجه الخصوص أتفه طرق الوضع اللغوي ومن ثم فهو أقل طرائق نمو اللغة حيث إنه محدود الأثر في لغتنا العربية ولعل سبب ذلك يعود إلى ما أحاطها به اللغويون من سياج حصين في كل العصور لذلك فإن تلك الكلمات المخترعة ظلت وستظل حبيسة ما نسميه العامية الدارجة.
إن اللغويين القدماء ولا سيما أصحاب فقه اللغة عندما يشيرون إلى طرق الوضع اللغوي فيذكرون منها الارتجال يضطربون في شرحه بعض الاضطراب إلا أننا نستشف من كلامهم في غالب الأحيان أنهم يعنون بالارتجال "الاختراع" كأن ينطق المتكلم بكلمة جديدة في معناها أو جديدة في صورتها فلا تمت لمواد اللغة بصلة أو لا تناظر صيغة من صيغها، وأحياناً كانوا يطلقون الارتجال ولا يعنون به أكثر من الاشتقاق الذي قد يولد لنا صيغة من مادة معروفة وعلى نسق صيغ معروفة مألوفة في مواد أخرى.

■ ولقد أخذ اضطراب علماء اللغة في شرح الارتجال والتمثيل صوراً مختلفة نوجزها مع التمثيل لها في الآتي :
1- الارتجال من الاشتقاق :
حيث تولد لنا صيغة جديدة من مادة معروفة مألوفة في لفظها ومعناها. وقد روى مثل ذلك ابن جني في باب "ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب" ككلمة "فأقعنسا" في قول رؤية : "تقاعس العز بنا فاقعنسا".

2- التصرف والارتجال :
حيث يقول بن جني : "الشيء يسمع من العربي الفصيح لا يسمع من غيره. فإما أن يكون شيئًا أخذه عمن ينطق بلغة قديمة لم يشارك في سماع ذلك منه، وإما أن يكون شيئًا ارتجله ابن أحمر، فإن الأعرابي إذا قويت فصاحته وسمت طبيعته تصرف وارتجل ما لم يسبقه أحد قبله به، فقد حكي عن رؤية وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظًا لم يسمعاها ولا سبقا إليها" ولا ندري ما ذا يعني ابن جني بقوله : "تصرف وارتجل" ؟ أيقصد الاختراع من العدم، أم يعني فقط ذلك الاشتقاق المقيس على شيء معهود مألوف ؟! ويبدو أنه يقر فكرة الارتجال قاصرًا هذا الحق على الفصحاء من العرب.

3- الخلط بين الكلمات المخترعة والمستعارة من لغة أخرى :
فابن جني نفسه نراه يعدد بضع كلمات رويت عن ابن أحمر الباهلي ويذكر من تلك الكلمات "البابوس" وهو أعجمي بمعنى : ولد الناقة ! وكلمة "جبر" في قول القائل : اشرب براووق حبيت به وانعم صباحًا أيها الجبر ويبدو أن هذه الكلمة مألوفة معروفة في العبرية والسريانية والآرامية وتعني : الرجل والسيد صاحب القوة والنفوذ.