من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : مشاري محمد الحربي.
إجمالي القراءات : ﴿4528﴾.
عدد المشــاركات : ﴿6﴾.

في ثقافة الشعوب : الكذب.
■ ‏مما جعلني اكتب هذا المَقالُ موقِفٌ تعرضت له شخصياً من شخص كنت اعتبره قدوة ومعلم وموجه وصاحب قرار، وذلك عندما سألته عن موضوع فأجابني، وبعد مدة اتضح لي أنه غير صادق فيما قال، وهو من رجال التربية والتعليم حاملين الرسالة، ولكن إلى الله المشتكى.

الكذب خصلة ذميمة وصفة قبيحة وعمل مرذول وظاهرة اجتماعية انتشرت مع الأسف في أوساط الكثيرين، في المنتديات والمجالس والعلاقات والمعاملات وقلَّ أن يسلم منه الصغير والكبير والذكر والأنثى، والناس فيه بين مقل ومستكثر إلا من رحم الله. حتى كاد الكذب أن يكون بضاعة التجار والأزواج والأولاد والزيجات والكتاب والإعلامين وأهل الفن ويكاد الواحد لا يعرف صادق ولو وجده عامله على حذر لكثرة الكذابين.

وتعريف الكذب في شرع الله هو : كل كلام مخالف للحقيقة سواء كان مزحاً أو جد أو على غضب، والكذاب آثم، وعواقب الكذب خطيرة على الفرد والمجتمع، والكذب دليل على ضعف النفس وحقارة الشأن وقلة التقوى، والكذاب مهين لنفسه بعيد عن عزتها، فالكذاب يقلب الحقائق، فيقرب البعيد، ويبعد القريب، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، قال صلوات الله وسلامه عليه محذراً من الكذب ومما يؤدي إليه : (وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) وكم من كذبة أوقعت بين الناس عداوة وبغضاً وكم من كذاب فقد الناس الثقة به وعاملوه على خوف وعدم ثقة.

والكذب أنواع وأشده الكذب على الله تعالى كالذي يفترى على الله الكذب فيحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله قال الله سبحانه وتعالى : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [سورة النحل : 116] وقال الله تعالى : (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب أو كذّب بآياته إنه لا يُفلِح الظالمون) [سورة الأنعام : 21].
ومن مظاهر الكذب البشعة الكذب على الأولاد، فكثيراً ما يكذب الوالدان على أولادهما الصغار رغبة في التخلص منهم أو تخويفاً لهم كي يكفوا عن العبث واللعب أو غير ذلك وكثيراً ما يطلقون كلمات خبيثة في الكذب كقولهم إن فعلت كذا الله يخنقك أو يعذبك وهو تكذيب للشريعة أيضاً إذ أن المقرر عند المسلمين أن الولد الذي دون البلوغ غير مكلف ولا عذاب عليه فيما يعمله قبل البلوغ، ولا شك أن هذه صورة سيئة وقدوة أسوأ وإهمال في التربية والتوجيه، فينشأ الولد على ذلك وقد تلقن الكذب من أمه وأبيه ثم يطالب أن يكون صادقاً !
زد على ذلك ما اشتهر من الكذب في البيوع والعقود وما يتعلق بالأموال.

ومما يؤسف له ذهاب الصدق في هذه الأزمنة وكثرة الكذب في الأعم والأغلب، فما أقل من يصدق في حديثه، وما أقل من يصدق في علاقاته ومعاملاته ووعوده وما أحوجنا أن نصدق ونتحرى الصدق {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} {33} الصدق نور ونجاة وثقة، والكذب شيمة أهل النفاق وطريق قصيرة يفضح الكذاب ويمقت ولو تستر بالكذب جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (آية المنافق ثلاث : إذا حَدَّث كَذَب، وإذا وعَد أخلف، وإذا أوتُمن خان) فالكذب من صفات النفاق كما الصدق من أمارات الفلاح للمؤمن في الدنيا والأخرة قال عليه الصلاة والسلام : (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتبَ عند الله صديقاً).
فلنتحرى الصدق في القول والفعل لنفلح في الدنيا والأخرة.