من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد عبدالعزيز الحارثي.
إجمالي القراءات : ﴿4489﴾.
عدد المشــاركات : ﴿31﴾.

بعد إجازة يومنا الوطني يوم التوحيد والنصر والتَّمكين أذكّركم بدولة من الدول وشعب من شعوب العالم توالت عليهم الأزمات والابتلاءات في سنين عجاف عاشوا فترة من الزمن في حروب وزلازل أبادت مئات الآلاف منهم، وبعد الحرب عمّ في الشعب الدمار في كل شيء. فهل استسلمت هذه الدولة، وهل استسلم الشعب للحالة الأليمة بسبب الحرب وتسلط الأعداء عليهم. كلا بل انتفض الشعب لم ينتفض على دولته وحاكمه، لم يصنع الفوضى في البلاد ويحطم ممتلكات دولته ووطنه بل تعاون مع الدولة والحاكم ليتخلص من حالته المؤلمة ومعيشته الضنكا وجهله المطبق. إنّها دولة وشعب لم يستسلم للغرق في جهله وشهواته وشبهاته ولم يتبنى ما يسمى بالـ (الهياط) والقول بلا فعل، ولم يسخر الناس في هذه الدولة عقولهم وتفكيرهم في الثأر والانتقام برفع السلاح وسفك الدماء بل ثأروا لأنفسهم وانتصروا على أعدائهم في سنين وجيزة بسلاح العقلاء والحكماء انتصروا بسلاح العلم والتعلم وتقدير البحث العلمي والعمل بتوصياته فأصبح العالم بأسره اليوم لا يستغني عن هذه الدولة وشعبها، لا يستغني عن صناعاتهم واختراعاتهم وابتكاراتهم العلمية والتكنولوجية. إنها اليابان التي تعد اليوم من أكبر الدولة المتقدمة في المجال الصناعي والإلكتروني. ولعلي أشير إلى بعض العوامل والأسباب التي أوصلتهم إلى ما هم فيه ومن هذه الأسباب :
1- عرف اليابانيون قيمة الإنسان فاستثمروا فيه ولم يكن من أولولياتهم في بداياتهم التطاول في البنيان بل ركزوا واستثمروا في الإنسان بتنشئته وتربيته وتعليمه، فاهتموا بالقوى البشرية وطوروها.

2- بالعلم والتعلم عرف اليابانيون قيمة الوقت فنشروا بين أطفالهم وفي مجتمعهم ثقافة احترام الوقت واحترام المواعيد وغرسوه في أجيال المستقبل، ومن أمثلة اهتمامهم بالوقت حددوا وقت سير القطارات بالدقائق فينطلق القطار وتنطلق الحافلات في وقتها وتصل في وقتها، ومن شدة احترامهم للوقت أن شركة قطار يابانية تعتذر لركاباها لمغادرة قطارها قبل موعده بخمس وعشرين ثانية.

3- جعلوا شعارهم القراءة في كل مكان واعتنوا بالتطبيق العملي لما يتعلمونه، فمدارسهم تهتم بتطبيق ما تعلموه. بروفسور ياباني قال عن تعليمهم نحن نعلم الرياضيات والعلوم في كتب بسيطة هدفنا التعليم، وليس إثقال الطلاب بالكتب.

4- اليابانيون يغذون أولادهم منذ الصغر على الولاء لوطنهم ولقائدهم الأعلى فلذلك انشغلوا في العلم وتعاون المواطن والحاكم وسخروا كل طاقاتهم لتقدم بلادهم علميا وصناعيا.

إنّ أساب وعوامل نجاح وتقدم اليابان وغيرها من الدول المتقدمة نحن كمسلمين أولى بها وأحق بها، بل أنّ ديننا حثنا على أسباب وعوامل النجاح وفي الوحي نصوص تدلنا على أسباب أعظم من تلك الأسباب ؛ ألم يكن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5}) ألم يقل الله عز وجل: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ألم نسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) ألم يقل الله تبارك وتعالى : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). ما أكثر ما تأمرنا نصوص الوحي في الكتاب والسنّة بالقراءة وتحثنا على العلم وتعلمنا العمل واحترام الوقت والولاء لوطننا وولاة أمورنا.

إنَّ من الواجب علينا بعد إجازة اليوم الوطني أن يكون هناك انتفاضة علمية وتربويّة في البيوت والمدارس والجامعات لتحقيق رؤية 2030 التي تركز على الاستثمار في الإنسان وتحسين مخرجات مدارسنا وجامعاتنا ؛ فهذه الدولة المباركة منذ تأسيسها وهي تعنى بالعلم والعلماء، وأكبر ميزانية تخصصها الدولة الرشيدة حفظها الله لوزارة التعليم فالمسؤولية على الجميع كبيرة والأمانة عظيمة فلنؤدي حقها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..).