من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿3052﴾.
عدد المشــاركات : ﴿722﴾.

في الشريعة الإسلامية : اللقطة ــ أنواعها ــ أحكامها.
تعريف اللُّقَطة : هي الشيء الملتقط؛ أي: المأخوذ من الأرض.

■ حكم اللُّقَطة :
أ- اختلف العلماء في حكمها من حيث الندب وغيره.
• قال الحنفية والشافعية : الأفضل الالتقاط؛ لأن من واجب المسلم أن يحفظ مال أخيه المسلم، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : حين سئل عن اللقطة : (اعرِفْ وكاءها وعِفاصَها ثم عرِّفْها سنة؛ فإن لم تعرفها فاستنفِقْها، ولتكن عندك وديعة، فإن جاء طالبُها يومًا من الدهر فأدِّها إليه) [1].

• وقال المالكية والحنابلة بكراهة الالتقاط؛ لما ذهب إليه ابن عمر وابن عباس، وأنه تعريض لنفسه لأكل الحرام، ولما يخاف أيضًا من التقصير فيما يجب لها من تعريفها وردِّها لصاحبها وترك التعدي عليها.

ب- حكمها من حيث الضمان : اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها، ويضمن الملتقط اللُّقَطة إذا دفعها إلى غيره بغير إذنِ القاضي، وإن هلكت اللقطة في يد الملتقط وكان قد اشتهر على اللقطة بأن قال للناس : إني وجدت لقطة فمن طلبها فدلُّوه عليَّ - فإنه لا يضمن؛ لأنه متبرِّع بالحفظ، وهذا ما صرحت به الأحاديث؛ (ولتكن وديعة عندك).

■ نوع اللقطة :
الشيء الضائع قد يكون حيوانًا، وقد يكون غير حيوان :
1- فإن كان حيوانًا ينظر : فإن كان مما يمتنعُ بنفسِه - أي يحمي نفسه - لم يَجُزْ له التقاطها؛ فقد جاء في الحديث أنه سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضالَّة الإبل ؟ فقال : (ما لك ولها، دعها، معها حذاؤها وسقاؤها، تَرِدُ الماء، وتأكل الشجر حتى يجدَها صاحبُها) [2]، وقِسْ على الإبل ما في معناها من الحيوانات التي تقدر على الامتناع بنفسها من عدوها.
• وإن كان الحيوان لا يمتنع بنفسه - كالغنم، أو البعير المريض، أو الفرس المكسور - جاز التقاطه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سُئِل عن ضالَّة الغنم : (خذها؛ فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب).
2- وإن كان الشيء الضائع غيرَ حيوان : وهو المال الساقط الذي لا يُعرَف مالكه، فقد ذكرنا الاختلاف في حكم اللقطة.

■ أحكام اللقطة :
1- لُقَطة الحرم : إذا وجد المسلم في مكَّة وما حولها من الأماكن التي تعرف بالحرم، لم يحلَّ له التقاطُه إلا بقصد الحفاظ، لا يحل له وما له تملكها أبد الدهر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مثله يوم الفتح : (ولا تحل لقطتها إلا لمُنشِد) [3]؛ أي : معرِّف على الدوام.

2- حكم الشيء التافهِ : الرغيف والسوط والتمرة وكل ما من شأن الناس عادةً إذا فقدوه لم يطلبوه حسب العُرْف، فإن الملتقِط يتملَّك ذلك دون أن يعرِّف به ويباح الانتفاع به؛ لما روى جابر قال : (رخَّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العصا والسوط والحبل يلتقطُه الرجل ينتفع به) [4].

3- كيفية تعريف اللقطة :
أ- يتعرَّف على العين الملتقطة بما يميزها من غيرها من الصفات، بحيث إذا جاء من يدعيها وسأله عن صفاتها استطاع أن يعرِفَ هل هو صاحبها أم لا.
ب- فإذا عرَف صفاتها وميَّزها نادى عليها في الأماكن العامة والأسواق وعلى أبواب المساجد ويكره في المسجد، ومدة التعريف سنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتعريف اللقطة سنة.
ج- وإن احتاج إلى نفقة لتعريفها - كأجور الإعلان في الصحف مثلاً - اختلف العلماء في ذلك : فقال الحنفية والحنابلة: تكون على الملتقط، قال مالك: يخيَّر صاحبها بين أن يفتديَها من الملتقط بدفعِ نفقتها أو يسلِّم اللقطة لملتقطها مقابل نفقتها.
وقال الشافعية : يلزم القاضي من بيت المال أو يقترض على المالك.

4- تملك اللقطة : للملتقط أن يتملك العين الملتقطة حكمًا إن كانت باقية، أو ثمنها حال بيعها بعد انتهاء مدة تعريفها اللازمة؛ فإذا تملكها صارت مضمونة عليه، ويغرم قيمتها لصاحبها - إن ظهر - يوم تملكها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ثم عرِّفْها سنةً، فإن لم تعرف فاستنفِقْها)، ولا يملكها من دون تعريف.
وهناك مَن قال : لا يجوز تملُّك اللقطة، وإنما يجب على الملتقِط أن يتصدَّق بها على الفقراء؛ لأنه مالُ الغير، فلا يجوز الانتفاع به بدون رضاه لإطلاق النصوص في ذلك: (لا يحل مالُ امرئ مسلم إلا بطِيب نفس منه)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحل اللقطة، فمن التقط شيئًا فليعرِّف سنة، فإن جاء صاحبها فليردَّها عليه، وإن لم يأتِ فليتصدَّق) [5].

5- دفع اللقطة إلى مدَّعيها : إذا جاء من يدعي اللقطة وأنها ملكه، يسأله الملتقط عن أوصافها، فإن وصفها وذكر علامة تميِّزها عن غيرها، أو ثبت أنها له بالبينة؛ كأن يعرف عِفَاصها (الوعاء) ووكاءها (ما تربط به) فحينئذٍ يجوز للملتقط أن يدفعها إليه، عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - : (فإن جاء صاحبها وعرَف عِفَاصها ووكاءها وعددها فأعطها إياه) [6].

■ لكن هل يجب عليه أن يدفعَها بمجرد الوصف أو لا بد من إقامة البيِّنة عند القاضي ويحكم بذلك ؟
• قال الحنفية والشافعية : لا يجبر على ذلك.
• وقال المالكية والحنابلة : يجبر الملتقط على تسليم اللقطة لصاحبها إذا وصفها بصفاتها المذكورة؛ عملاً بالحديث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• المراجع :
[1] البخاري ومسلم.
[2] البخاري.
[3] البخاري ومسلم.
[4] البخاري ومسلم.
[5] البزار والدار قطني.
[6] مسلم.
■ الألوكة.