من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله علي الخريف.
إجمالي القراءات : ﴿7488﴾.
عدد المشــاركات : ﴿27﴾.

إلى المشرف التربوي : عشر وصايا لتسهم في صنع معلم فاشل.
■ لنفترض أن أثر المشرف التربوي على المعلم يجب أن يكون ظاهراً وإلا فما الداعي لكل هذا الحشد الهائل من المشرفين وكل هذه الميزانيات والمكاتب والبرامج و .. الخ.
بخلاف السائد فإنني هنا سأخبر زملائي المشرفين في كل مكان بهذه الوصايا التي يمكنها حقاً أن تصنع أو تسهم بقوة في صناعة المزيد من الفاشلين وفي ضخ الكثير من عوامل الفشل في بناء التربية والتعليم الشامخ في عمق الكرة الأرضية منذ أمد.

● الوصية الأولى :
كن كما أنت تماماً، لا تطور نفسك، إياك أن تقرأ كتاباً أو حتى مقالاً، حافظ تماماً على ذات الأفكار والمعلومات التي انزوت بحياء في إحدى زوايا دماغك المشمخر كجبل أملس، دعك من كل الذين يدعونك لتطوير الذات وتنمية المهارات والبحث باستمرار عن الجديد فإنهم أعداء البقاء على الحال المائل لدهور !

● الوصية الثانية :
دع كل الحفر والأنفاق التي بينك وبين المعلم كما هي، لا بل زدها عمقاً وامتداداً، اقطع كل الجسور وتربس كل النوافذ، ودع العلاقة بينك وبينه رسمية ناشفة كجلد الضب, إياك أن يجد منك ثغراً باسماً أو ثناء على جهد قدمه, ضع في حسبانك دوماً أن هذا الأسلوب يضمن أن تظل شخصيتك أمامه قوية وحاسمة مثل حد السيف !

● الوصية الثالثة :
إذا فرطت في الوصية الأولى, أو صادف أن مرت بك معلومة بطريق الخطأ, أو وجدت تجربة ناجحة عند معلم آخر فإياك أن تحاول نقل ذلك للمعلم, لا تخبره أبداً بجديد, ولا تكن طريقاً لنقل أي إضافة, دوماً كن حاداً وقاطعاً وواحد زائد واحد يساوي واحد, وبذلك فإني أضمن لك ببريدي الإلكتروني الغالي أن تكون قد قطعت عنه كل الإمدادات اللوجستية وغير اللوجستية !

● الوصية الرابعة :
ركز كثيراً على صغائر الأمور, وكرس جهودك للنبش عن التفاصيل, فإنها لعمر الحق دليلك للإسهام بجلاء في صناعة الفاشلين, وتعبئة القوائم بالمزيد من الخاملين والناقمين, دعك من الأمور العامة والكبيرة, ولا تهتم بما يقدمه لبناء الطلاب في مهاراتهم ومعارفهم, بل أهتم بمقدار كون الباب مفتوحاً أو مغلقاً أثناء الشرح, وبكون الأهداف كتبت بالعرض أو الطول, وخير وبركة !

● الوصية الخامسة :
أشعره دوماً بالإحباط, أخبره في كل مرة أن التعليم في الحضيض, وأن زمن التعليم قد ولى إلى غير رجعه, اسحب قدميك إليه في الفصل الدراسي, وابق عنده لدقائق معدودة وكن من غير الصابرين, خذ دفترين من دفاتر الطلاب البائسين واشخط بهما شخطة صغيرة تحلة للقسم, وأنظر بنفس مسدودة وعلى عجل إلى مذكرة الواجبات, ثم أهرب من الفصل ولا تلتفت وراءك, وبهذا فإنك ستسد نفسه تماماً, وسيصبح مثلك !

● الوصية السادسة :
أخبر مدير المدرسة عن عجره وبجره, وافضحه عنده, واملأ صدره عليه غيظاً, وأخبره أن هذا المعلم لا يصلح لشيء وأنك لم تجد عنده ما يسر, ولا تنس أن تأخذ من المدير وعداً أنه لا ينّم !

● الوصية السابعة :
أثن دوماً على النمط التقليدي, واسخر من كل الذين يحشدون قواهم للتقنية والوسائل الحديثة, وإذا رأيته مقبلاً على استخدام الوسائل الحديثة فتجاهل الأمر, وأظهر له أن الأمر لا يعنيك.

● الوصية الثامنة :
إياك أن تنظم له برنامجاً تدريبياً, أو توصي له بدورة, أو تعقد لقاء مع المعلمين لنقل الخبرات فيما بينهم, أو تريه تطبيقاً عملياً أو درساً نموذجياً, فإن كل ذلك قد يسهم في بنائه مما يخالف نصاً وروحاً الهدف من وراء صياغة هذه الوصايا.

● الوصية التاسعة :
تعامل معه كآلة لتقديم الدرس, فلا تلق بالاً لشخصه أو سلوكه, فإنك إن كنت في منأى عن ذلك ضمنت أن يبقى على وضعه البائس إن كان كذلك, بينك وبينه الدرس والكتاب والدفتر, فلا تدخل نفسك معه في حوار وإن رأيت منه البلاء والضياع.

● الوصية العاشرة :
أكتب تقريرك بعناية, وليكن تقريراً نمطياً ثابتاً يبدأ وينتهي في كل زيارة كما كان ويكون, لا يأخذ منه المعلم لا حقاً ولا باطلاً, وكأنك تكتب الأغراض التي تطلبها أم العيال تماماً, وبذلك فإنه لن يقرأ ما فيه, وسيكتفي بالتوقيع وحسب, لأنه علمه سلفاً.

■ صديقي وأخي المشرف التربوي :
أضمن لي أنك تلتزم بهذه الوصايا, أضمن لك معلماً على درجة راسخة من الفشل, إلا أن يحميه الله من العدوى, ويعصمه من التأثر. حفظ الله المخلصين والصادقين وهدى المفرطين والعابثين.