من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : أ. د. عبدالله سالم بافرج.
إجمالي القراءات : ﴿5400﴾.
عدد المشــاركات : ﴿8﴾.

ترتيل القرآن الكريم : المفهوم ــ الإيجابيات ــ المقصود ــ الأدلة الشرعية.
■ أمر الله تعالى بترتيل القرآن حتى يتمكن التالي والمستمع من التأمل في الآيات ودقائقها؛ فقال تعالى : ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ (المزمل : 4), والترتيل : مأخوذ من اتّساق الشيء وانتظامه على استقامة، وهو : إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة, والترتيل في القراءة هو : التأني فيها والتمهل, وتبيين وإظهار الحروف والحركات, تشبيها بالثغر المرتل الذي ليس بين ثناياه افتراق كبير، فيقرأه على تمهل؛ فذلك عون على فهم القرآن وتدبره, وهو المطلوب من قراءة القرآن, ويكون بالتعلم والدرس.
ومن ثمار ترتيل القرآن الكريم حصول التدبر والتفكر, وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته, وفهم المعاني، وإفهام الغير، وإذا قرأها بسرعة لم يَفهم ولم يُفهم، فلذا الترتيل أولى؛ قال الله تعالى : ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ (ص : 29).
وبالترتيل يحصل عند ذكر اللّه استشعار عظمته وجلالته، وعند الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف، وحينئذ يستنير القلب ويحصل المقصود.
وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بترتيل امتثالاً لأمر الله تعالى، فعَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا، رواه مسلم. وسُئِلَ أَنَسٌ رضي الله عنه كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ : كَانَتْ مَدّاً, ثُمَّ قَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, يَمُدُّ بِبِسْمِ اللهِ, وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ, وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ، رواه البخاري. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ,ثم يقف, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, ثم يقف. رواه أبو داود, وقال الألباني : صحيح.
والإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعاني، لأن النفس تبتهج بذكر الله تعالى، ومن ابتهج بشيء أحب ذكره، ومن أحب شيئاً لم يمر عليه بسرعة، قَالَ رَجُلٌ لابن مسعود رضي الله عنه : إِنِّي لأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ! فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ ؟ إِنَّ أَقْوَاماً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ, وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ. رواه البخاري ومسلم وهذا لفظه.
فالمقصود من الترتيل إنما هو حضور القلب وكمال المعرفة, قال مجاهد رحمه الله : أحب الناس في القراءة إلى الله أعقلهم عنه.
ومن الأحاديث الدالة على استحباب الترتيل وتحسين الصوت بالقراءة : قَولَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا" رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح, وقال الألباني : حسن صحيح, وقوله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ" رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة, وقال الألباني: صحيح.