من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿3626﴾.
عدد المشــاركات : ﴿722﴾.

نظرات تربوية من القرآن الكريم : سورة الطور.
جواهر قرآنية من سورة الطور.
الحمد لله القائل في كتابه الكريم : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وبعد، فهذه بعض الجواهر والكنوز في بداية سورة الطور من الآية الأولى إلى الآية 23.
1 = جبل الطور هو جبل زبير من أرض مدين بأرض قبيلة سيدنا شعيب عليه السلام بمنطقة البدائع شمال السعودية. ولا زالت تلك البئر الواردة بقصة سيدنا موسى نفسها إلى الآن وقد أحاطت عليها الحكومة السعودية بحماية حديدية لعدم اقتراب الأطفال والحيوانات منها ثم موتها.
وقد كلم الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام بعد إتمام العشر سنوات بالرعي كمهر لبنت شعيب عليه السلام للزواج الشرعي بها. وكان سبب سفره هو شوقه لأهل وأرض مصر. التي هرب منها خوفا من فرعون. باعتبار أن فرعون قد نسيه من فترة ومدة 10 سنوات، وإن مدة عقد العمل بدل مهر زوجته قد انتهى ويحق له العودة لأهله وبلاده ومسقط رأسه. وكما يقول المثل العربي : اشتاقت الأرض لأهلها. بل هو من اشتاق لمسقط رأسه ووطنه وخاصة أمه وأخته. لم يذكر القرآن اسم أم سيدنا موسى عليه السلام صراحةً، ولم يَرد كذلك في السنة النبوية المطهَّرة، وقد اختلف العلماء في تحديد اسمها، فقيل: محيانة بنت يصهر بن لاوي، وقيل: يوخابذ بنت لاوي بن يعقوب، وقيل: يارخا، وقيل: يارخت، وقيل غير ذلك.
وُلِدَت وعاشت في مصر، كانت كريمة الأصل، عريقة المنبت، مؤمنة صالحة، تزوَّجت عمران بن قاهت بن لاوي بن سيدنا يعقوب عليه السلام.
وأخت سيدنا موسى عليه السلام هي مريم بنت عمران، وافق اسمها اسم السيدة مريم أم عيسى عليه السلام وقيل: إن اسمها كلثمة، وقيل: كلثوم.
وتُعد قصة سيدنا موسى عليه السلام من أكثر قصص القرآن ذِكْرًا، فقد ذُكِرَت بجميع حوادثها وتفصيلاتها منذ مولده، بل قبل مولده.
وورد ذكر أم سيدنا موسى عليه السلام وأخته في موضعين في القرآن الكريم، الأول في سورة طه، وهو قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ۝ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ۝ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ۝ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾ [طه: 37 - 40].
والثاني في سورة القصص وهو قوله تعالى : ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ۝ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ۝ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۝ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۝ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۝ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ۝ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: 7 - 13].
وذكرت هذه الآيات الإيحاء إلى أم سيدنا موسى عليه السلام بإرضاعه وإلقائه في اليم وذلك لما خافت عليه من فرعون وجنوده أن يقتلوه؛ لأنهم كانوا يقتلون أطفال بني إسرائيل بسبب رؤيا رآها وفسرها له المفسرون بأن هلاكه سيكون على يد طفل من بني إسرائيل.
فأوحى الله إليها بأن تضعه في صندوق وتلقيه في النيل، ووعدها الله بأنه سيحفظه ويرده إليها ويجعله من المرسلين، ففعلت ما أمرها الله بكل ثبات ويقين في وعد الله.
ووضحت لنا الآيات أحوال أمه وكيف مرَّت بها هذه الخطوب العصيبة من ولادته حتى رجوعه، ووصفت أحوالها وخلجات نفسها، وهي بهذا الوصف تبين لطف الله بها وحسن تدبيره لها.
وذكرت لنا هذه الآيات ما اتَّصفت به أم موسى عليه السلام، فقد ضربت لنا مثلًا في الأمومة الحانية وفي العاطفة الجياشة الصادقة، العاطفة المنضبطة والمحكومة بالإيمان واليقين والالتزام بأوامر الله عز وجل، فهي مع حبها لموسى وخوفها عليه فقد ألقت به في اليم امتثالًا لأمر الله عز وجل ويقينًا بوعده سبحانه.
وبيَّنت لنا أيضًا الآياتُ موقفَ أخت موسى عليه السلام حيث ضربت لنا مثلًا طيبًا للبنت المطيعة لأمها وللأخت الفاضلة المحبة لأخيها، وللفتاة الذكية الحكيمة، القادرة على مواجهة المواقف بإيمان وثبات وبحكمة وسرعة بديهة، وكيف كان لها الأثر الكبير في نجاة سيدنا موسى عليه السلام، تجلَّى ذلك واضحًا وهي تقص أثر أخيها في حيطة وحذر، وتتحدث مع آل فرعون في ثبات وحكمة وبلاغة وفطنة، وقد كرَّمهما الله عز وجل بهذا العمل وأنزل في شأنهما قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة.
وقد أقسم الله تعالى بمكانة وعظمة هذا الجبل لأنه تعالى أظهر من نوره الكريم عليه بجانب شجرة كان النور نار ليراها سيدنا موسى عليه السلام في ظلمة الليل الحالك والبرد الشديد في الصحراء الباردة طيلة أيام السنة ليلا والحرارة بالنهار. وقد كلم الله تعالى موسى من فوقه وليس من عليه لأنه عندما طلب موسى رؤية الله تعالى تجلى نور فقط من نوره فقد ذاب الجبل كالرصاص على النار فخر موسى صعقا. ولله تعالى حرية القسم بما شاء من مخلوقاته ولا يجوز لأي مخلوق أن يقسم إلا بالله فقط ولو حتى بالكعبة المشرفة نفسها، وهي بيت الله الحرام.
2 = أقسم الله تعالى أيضا بالكتاب المسطور وهو الكتاب المحفوظ في جلد متين و منشور في صحف مفتوحة يقرئها بنو ادم يوم القيامة وهو ديوان الحفظة الكرام، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا، وقد كتبتها الملائكة ولو كانت في العقل الباطني أو النفس، ولكن الله تعالى لا يحاسب إلا على العمل فقط ولا على ما تحدث به النفس ما لم يعمله الإنسان رحمة من الله تعالى.
3. = و أقسم الله تعالى بالبيت المعمور، وهو يسمى بالسماء (الضراح) بالضاد وهو في السماء السادسة، وهو مقابل الكعبة المشرفة في الأرض. وقد رفعه الله تعالى بزمن طوفان سيدنا نوح عليه السلام من الأرض. ولكن بقيت قواعده بالأرض وفي مكانها اليوم التي بنى عليها سيدنا إبراهيم عليه السلام، وأنه يدخله يوميا سبعون ألف 70000 ملك من الملائكة لا يخرجون أبدا إلى يوم القيامة، وهو البيت الذي بناه سيدنا آدم عليه السلام شخصيا بتوجيه ومخطط من الله تعالى وتحديد الملائكة الكرام للقواعد والأركان الأربعة.
4 = واقسم تعالى بالبحر المسجور وهو بحر فوق السماء السابعة تحت العرش ويسمى بحر الحيوان يحيي به تعالى كل الخلائق، وهو بحر حار جدا وسوف يفتح أبوابه على جهنم لتزداد حرارة من غير أن يطفئها أبدا كذا للكفار.
5 = سوف تمور أي تدور السماء بالناس دوران عظيما وتختلط أجسامهم ببعض من تزاحم الأقدام عل بعضها البعض، أي كأنهم في خلاط كهربائي، أي تحد من الله تعالى إن الفائز الآن من يحمي نفسه.
6 = يصف الله لنا أن المؤمنين المتقين سوف يكونون في الجنة في إكرام خاص لهم لأنهم آمنوا بالله وأنبياؤه ورسله ولم يشركوا به شيئاً، فهم في الجنة في بساتين وروضات خاصة لكل منهم، أي لكل منهم سند ملكية خاص وبكل جنة خاصة وبستان به أربعة انهار هي من اللبن العسل المصفى والماء والخمر غير المسكر، والأكل من كل الثمار هنيئا مريئا بلا داء ولا إثم ولا موت ولا عرق ولا بول ولا غائط ولا بول أبدا.
بل المتعة مع الزوجات من الحوريات ذات العيون الواسعة ذات البياض والسواد الساحر لكل من يراها، ومهرهن فقط هو عدم الشرك بالله تعالى، بل قيل بأنهم سنة كاملة في شغل فاكهون، أي فض الأبكار، وبعد كل جماع تعود الحورية بكرا عذراء.
7 = وقد وصف تعالى أن الأكل لهم الفاكهة واللحم وهم يأخذون ويتعاطون كل ذلك بدون ثمن إلا توحيد الله تبارك وتعالى.
وعند المؤمنين بالجنة خدم خاص من الغلمان، بل سوف تدركهم أولادهم المؤمنين بالجنة ككرامة للآباء المؤمنين المتقين.