
د. محمد الصفى بن عبدالقادر
عدد المشاركات : ﴿65﴾
التسلسل الزمني : 1440/03/01 (06:01 صباحاً)
عدد القراءات : ﴿3808﴾
ثقافة العنف لدى الأطفال بين الموروث الأسري والتربية الحديثة.
◄ ربما أنه من الأخطاء التي ما تزال عالقة في ذهن العديد من الأطفال وحتى الآباء أن العنف هو ظاهرة تعتبر رغم ما تعبر عنه من مظاهر سلبية هو نوع من الشجاعة التي يتسم بها الطفل وجرأة زائدة عن الحد، والحقيقة عكس ذلك، حيث أنه لا ارتباط بين العنف والشجاعة في شيء بقدر ما هو انحراف أخلاقي و نفسي واجتماعي. فالعنف عند الأطفال ليس وليد عصر أو لحظة بل هو نتيجة سلوكات ناتجة عن مجموعة مؤثرات منها ما هو نفسي أو اجتماعي أو أخلاقي بحكم الوسط الذي يعيش فيه هذا الطفل ومدى تأقلمه معه، فقد يزداد حدة وقد يندثر ويقل أحيانا أخرى لتبقى معالجة هذه الظاهرة مقتصرة في ذاتها على كل من الأسرة الحاضن الرسمي والمربي أو الأستاذ بحكم تعاملهم اليومي مع هذا الطفل.
لقد أضحت ظاهرة العنف ثقافة خاصة تحيط بأطفالنا انطلاقا من المدرسة والشارع ووسائل الإعلام بكل مشاربها خصوصا المرئي منها بما فيها أجهزة الفيديو والأقراص المدمجة حيث أننا نكون ربما نحن الذين نشأنا أطفالنا على أن يكون العنف هو الاختيار الأول بدلا من أن يكون الاختيار الأخير حيث أن العديد من الآباء خصوصا منهم النساء اللواتي يلجئن حين يأتيهم الطفل من المدرسة أو الشارع شاكيا أن أحد أصدقائه أو زملائه قد ضربه إلى نهره ومساءلته عن عدم ضربه هون الآخر وأخد حقه بيده بدعوى أنه من الضروري والواجب أن يأخذ حقه بيديه وبالتالي جعل الآخرين يخافونه ويهابونه بفرض سيطرته عليهم "صعصع الدرب" لأن القوة في نظرهم هي القيمة الأكثر احتراما في المجتمع، أما الضعيف المغلوب على أمره المشتكي دائما فهو جبان ومغضوب عليه ومحط احتقار واستهزاء.
وبذلك فإننا أكيد نربي العنف في أعماق أبنائنا دون أن ندري ويزداد بما يشاهده هذا الطفل من ممارسات في الشارع والتلفزة بالخصوص من خلال الأفلام والمسلسلات، قد يطرح السؤال ما العمل ؟ هل نحجب عن الطفل أفلام العنف، قد لا نستطيع كما أنه من الأفيد أن يشاهدها على أساس أن نعلمه كيف عليه أن يرفضها وينزعج منها، كما أنه عليه أن يعرف كل أنواع الشتائم وأساليب العنف المعبر عنها وغير المعبر عنها سمعا أو مشاهدة سواء بالشارع ويعرف معناها حتى يتمكن من التمييز بين ما هو مباح وما هو عيب وعيب خصوصا من خلال ما يعرض بشاشات التلفزة، فهناك منفذ آخر لثقافة العنف دون الأفلام والمسلسلات والتي يتجلى في ما تقدمه نشرات الأخبار اليومية من خلال ما يحدث في أرجاء العالم من حروب ودمار واعتداءات وإرهاب في حق البشرية وهو واقع لا يمكن تغافله أو حجبه عن الأطفال، واقع لابد من مشاهدته ثم توضيحه ومناقشته مناقشة بناءة قد يتحول معها مفهوم العنف لدى الطفل إلى ما هو إيجابي وبالتالي يتغير مفهوم ثقافة العنف لديه وزرع بذور الكره لهذه الثقافة لديه.
أما عن دور العقاب وما له من انعكاسات على سلوكيات الطفل وأخلاقياته فهو بمثابة رد فعل، لأنه يتحول إلى عنف مضاد، حيث أن الأب أو المربي الذي يلجأ إلى العقاب في حالة ارتكاب الطفل لجرم إما بالضرب أو التأنيب الجارح والماس لشخصيته وإنسانيته حيث أن ذلك لا يثمر عن نتيجة تحد من هذا العنف الصادر منه بقدر ما تأجج فيه الغل المتزايد فيضاعف ما ارتكبه سابقا وهذا ما نستخلصه من شهادة مجموعة آباء أنهم يعاقبون أبناءهم بالضرب المبرح لكن بدون فائدة حيث لم يعد ذاك الضرب يؤثر فيهم ولم يثنيهم عن ارتكاب أخطاء ضارة بهم وبالغير كما أنها لم تردعهم مما يعكس أن هذه الطريقة غير صحيحة وبالتالي وجب من باب الإفادة أن نظهر لهم استياءنا من كل تصرفاتهم غير المقبولة والخاطئة وذلك لمدة تجعلهم يدركون نتيجة مال حصدوه من أفعالهم ثم محاولتهم للبحث عن سبل إرضاء آبائهم بمحاولة تغيير سلوكاتهم خصوصا أن الأطفال يحبون التواصل مع الآخرين – الآباء بالخصوص – الذين هم في حاجة ماسة إليهم كيفما كان الحال معنويا أو ماديا.
وكلما كانت التربية داخل الأسرة مبنية على الحب والاحترام والتفاهم بين كل أطرافها وإصلاح الأخطاء بأسلوب يعتمد على الحوار والمناقشة كلما سهل دور المدرسة التي تأتي في المرتبة الثانية ليليها الشارع أو المحيط الخارجي بكل تجلياته حيث لا يمكن آنذاك من التأثير على شخصيته، "لأنه إذا أردنا أن نتصالح مع ثقافة العنف سنستطيع إذا كنا نريد ذلك حقا".
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.
◄ ربما أنه من الأخطاء التي ما تزال عالقة في ذهن العديد من الأطفال وحتى الآباء أن العنف هو ظاهرة تعتبر رغم ما تعبر عنه من مظاهر سلبية هو نوع من الشجاعة التي يتسم بها الطفل وجرأة زائدة عن الحد، والحقيقة عكس ذلك، حيث أنه لا ارتباط بين العنف والشجاعة في شيء بقدر ما هو انحراف أخلاقي و نفسي واجتماعي. فالعنف عند الأطفال ليس وليد عصر أو لحظة بل هو نتيجة سلوكات ناتجة عن مجموعة مؤثرات منها ما هو نفسي أو اجتماعي أو أخلاقي بحكم الوسط الذي يعيش فيه هذا الطفل ومدى تأقلمه معه، فقد يزداد حدة وقد يندثر ويقل أحيانا أخرى لتبقى معالجة هذه الظاهرة مقتصرة في ذاتها على كل من الأسرة الحاضن الرسمي والمربي أو الأستاذ بحكم تعاملهم اليومي مع هذا الطفل.
لقد أضحت ظاهرة العنف ثقافة خاصة تحيط بأطفالنا انطلاقا من المدرسة والشارع ووسائل الإعلام بكل مشاربها خصوصا المرئي منها بما فيها أجهزة الفيديو والأقراص المدمجة حيث أننا نكون ربما نحن الذين نشأنا أطفالنا على أن يكون العنف هو الاختيار الأول بدلا من أن يكون الاختيار الأخير حيث أن العديد من الآباء خصوصا منهم النساء اللواتي يلجئن حين يأتيهم الطفل من المدرسة أو الشارع شاكيا أن أحد أصدقائه أو زملائه قد ضربه إلى نهره ومساءلته عن عدم ضربه هون الآخر وأخد حقه بيده بدعوى أنه من الضروري والواجب أن يأخذ حقه بيديه وبالتالي جعل الآخرين يخافونه ويهابونه بفرض سيطرته عليهم "صعصع الدرب" لأن القوة في نظرهم هي القيمة الأكثر احتراما في المجتمع، أما الضعيف المغلوب على أمره المشتكي دائما فهو جبان ومغضوب عليه ومحط احتقار واستهزاء.
وبذلك فإننا أكيد نربي العنف في أعماق أبنائنا دون أن ندري ويزداد بما يشاهده هذا الطفل من ممارسات في الشارع والتلفزة بالخصوص من خلال الأفلام والمسلسلات، قد يطرح السؤال ما العمل ؟ هل نحجب عن الطفل أفلام العنف، قد لا نستطيع كما أنه من الأفيد أن يشاهدها على أساس أن نعلمه كيف عليه أن يرفضها وينزعج منها، كما أنه عليه أن يعرف كل أنواع الشتائم وأساليب العنف المعبر عنها وغير المعبر عنها سمعا أو مشاهدة سواء بالشارع ويعرف معناها حتى يتمكن من التمييز بين ما هو مباح وما هو عيب وعيب خصوصا من خلال ما يعرض بشاشات التلفزة، فهناك منفذ آخر لثقافة العنف دون الأفلام والمسلسلات والتي يتجلى في ما تقدمه نشرات الأخبار اليومية من خلال ما يحدث في أرجاء العالم من حروب ودمار واعتداءات وإرهاب في حق البشرية وهو واقع لا يمكن تغافله أو حجبه عن الأطفال، واقع لابد من مشاهدته ثم توضيحه ومناقشته مناقشة بناءة قد يتحول معها مفهوم العنف لدى الطفل إلى ما هو إيجابي وبالتالي يتغير مفهوم ثقافة العنف لديه وزرع بذور الكره لهذه الثقافة لديه.
أما عن دور العقاب وما له من انعكاسات على سلوكيات الطفل وأخلاقياته فهو بمثابة رد فعل، لأنه يتحول إلى عنف مضاد، حيث أن الأب أو المربي الذي يلجأ إلى العقاب في حالة ارتكاب الطفل لجرم إما بالضرب أو التأنيب الجارح والماس لشخصيته وإنسانيته حيث أن ذلك لا يثمر عن نتيجة تحد من هذا العنف الصادر منه بقدر ما تأجج فيه الغل المتزايد فيضاعف ما ارتكبه سابقا وهذا ما نستخلصه من شهادة مجموعة آباء أنهم يعاقبون أبناءهم بالضرب المبرح لكن بدون فائدة حيث لم يعد ذاك الضرب يؤثر فيهم ولم يثنيهم عن ارتكاب أخطاء ضارة بهم وبالغير كما أنها لم تردعهم مما يعكس أن هذه الطريقة غير صحيحة وبالتالي وجب من باب الإفادة أن نظهر لهم استياءنا من كل تصرفاتهم غير المقبولة والخاطئة وذلك لمدة تجعلهم يدركون نتيجة مال حصدوه من أفعالهم ثم محاولتهم للبحث عن سبل إرضاء آبائهم بمحاولة تغيير سلوكاتهم خصوصا أن الأطفال يحبون التواصل مع الآخرين – الآباء بالخصوص – الذين هم في حاجة ماسة إليهم كيفما كان الحال معنويا أو ماديا.
وكلما كانت التربية داخل الأسرة مبنية على الحب والاحترام والتفاهم بين كل أطرافها وإصلاح الأخطاء بأسلوب يعتمد على الحوار والمناقشة كلما سهل دور المدرسة التي تأتي في المرتبة الثانية ليليها الشارع أو المحيط الخارجي بكل تجلياته حيث لا يمكن آنذاك من التأثير على شخصيته، "لأنه إذا أردنا أن نتصالح مع ثقافة العنف سنستطيع إذا كنا نريد ذلك حقا".
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.