من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. عبدالله سافر الغامدي.
إجمالي القراءات : ﴿5341﴾.
عدد المشــاركات : ﴿32﴾.

ذلك الذي يظهر أمامك وأمام غيرك في صورة المؤدب الخلوق، والمسالم الوديع، بينما هو حاقِد بغيض، ومشاحن ذميم، تعرفه من نظرات عينيه الحادة، وشظاياها المتطايرة، أو من خلال أقواله الماكرة، وتصرفاته الخادعة.
الذئب الحقود صاحب قلب يصطنع البياض، ويجيد لبس القناع، وعباءة الخداع، حيث تراه ينثر الكلمات الحسان؛ بينما يخبئ بين زواياه خبثاً وريبة، وقبحاً وغيبة، فيطعنك من خلفك؛ بسيف البراعة، وخنجر الخيانة.
إنه الذئب الماكر، الذي يقوم بالافتراء عليك، والاستهزاء بك، والسخرية منك، كما يسعى إلى إنقاصك واقتناصك، واتهامك والتهامك، كذلك تراه يتجرأ على تحجيمك وقمعك، والتضييق عليك في طريقك وأثناء سيرك، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران : 118).
الشخص الحقود موبوء بالعقلية الصغيرة، ومصاب بالنفسية الوضيعة؛ حيث يئن بالغل والحسد، ويطفح بالشر والزلل، ذلك لأنه يعيش بشخصية كالحة ظالمة؛ تراقب الأفعال، وتتابع الأعمال، فإن رأى تفوقك أو فرحك؛ اغتم لذلك وتألم، وإن شاهد تأخرك، أو ظهر ضعفك؛ هش وبش وأطلق مظاهر البهجة والحبور، وعلامات الفرح والسرور، قال تعالى : (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران : 120).
تجد هذا الشخص لا يعرف للعفو طريقاً، ولا للصفح سبيلاً، ولا يرجو لنفسه ثواباً، ولا يخاف عليها عقاباً، وهو كذلك لا يقبل من أحد مناكفة، ولا يرغب من غيره معارضة، ولا يرضى بمن يسبقه، أو يتفوق عليه؛ حيث يؤدي ذلك إلى اشتعال الغضب في داخله، وتحويل غضبه إلى حقد دفين، وضغينة كامنة، ليقوم بعدها بالتشفي والانتقاص، والتعدي والانتقام؛ في أقرب فرصة، وبأي وسيلة أو طريقة.
فإن أراد هذا الشخص لنفسه النجاة والسلامة، ورجا المعيشة الآمنة، والحياة المربحة المريحة؛ فيجب عليه استلال الضغينة من صدره، ومنع الشر من فعله، وإلزام نفسه بالمودة والرحمة، والتآخي واللحمة، مع معالجة المقاطعة بالمصالحة والمصافحة، وتقديم هدية وإن كانت رمزية، حيث ورد من التوجيهات النبوية قوله عليه الصلاة والسلام : (تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ)، أي وساوسه وحقده وغيظه، مع يقين في الذات أن الحياة الدوارة، تصيب الظالم بما ظلم، والشامت بما شمت، والـمُسيء بما أساء.
وعلى كل مسلم سؤال الله تعالى؛ أن يجعل لسانه طيباً نظيفاً، وقلبه طاهراً نقياً؛ من براثن الغل والزيغ، والحقد والحسد، وأن يصون نفسه من استجلاب العداوات، ومن كرب الخصومات، وهم المنازعات، قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر : 10).