من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : ناصر محمد العُمري.
إجمالي القراءات : ﴿5623﴾.
عدد المشــاركات : ﴿4﴾.

مدرسان لحصة واحدة إيجابيات متعددة.
أعتدنا في مدارسنا أن نرى معلماً واحداً فقط يقوم بكل المهام التعليمية حتى في ظل وجود عدد كبير من الطلاب داخل الفصل الدراسي ووجود فئات من الطلاب بطيئي التعلم وطلاب آخرين يحتاجون دعماً شخصياً لوجود مشكلات بسيطة لديهم (تعليمية - سلوكية، أو مشكلات تتعلق بالانتباه) من هنا نبعت فكرة وجود (المعلم المساعد) جنباً إلى جنب مع المعلم داخل الفصل بهدف تحقيق مخرجات نوعية، وتعد بريطانيا إحدى الدول الرائدة في هذا المجال حيث تتبنى مدارسها هذا التوجه ومن المألوف هناك وجود (مدرس مساعد) بل أنها تعمل باستمرار على إنضاج هذا التوجه عبر التوسع فيه وإصدار أدلة وتقارير إرشادية تهدف إلى تحقيق أفضل استفادة من (المعلم المساعد) كما تصدر توصيات ناتجة عن بحوث ميدانية ومؤتمرات متعددة تهدف تلك التوصيات إلى تعظيم دور مساعدي المدرسين في المدارس عن استخدام وأثر المدرس المساعد في تحسين نتائج الطلاب.
وقد بلغ عدد المدرسين المساعدين في إنجلترا أكثر من عدد المعلمين في مدارس الحضانة والمرحلة الابتدائية وترجع أسباب هذه الزيادة إلى الإيمان بالدور الذي يقوم به المدرس المساعد حيث يقوم بدور كبير في مساعدة المعلم في التعامل مع مشاكل وأعباء العمل التي تواجه المعلم إضافة إلى زيادة إندماج التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات التعليمية في المدارس العادية حيث يوفر المدرس المساعد في كثير من الأحيان الوسائل التي من خلالها يحدث الإندماج بين ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الدخل المنخفض مع أقرانهم العاديين والمتفوقين.
لهذا وضعت الحكومة البريطانية ما أسمته (الإنفاق الوطني للمساعدة في رفع مستوى الطلاب ومعالجة عبء العمل الزائد عن المعلم) من خلال إتباع طرائق جديدة بينها (المدرس المساعد). وقد أنعكس هذا التوجه على مستوى تحصيل الطلاب بشكل ظاهر كما أفادت تقارير منهجية كانت تركز على سؤال مهم هو ما التأثير الجوهري للمدرسين المساعدين في المدارس ؟ وتبين أن الطلاب الذين درسوا في فصول تعمل بنظام المعلم المساعد أحرزوا تقدما مذهلاً المعلمون البريطانيون من جانبهم يشيرون إلى الجوانب الإيجابية في حال وجود معلم مساعد بينها توفير دعم شخصي للطالب، تطوير الثقة والدوافع، وعادات العمل الجيد، الاستعداد لإنهاء مهام تعليمية.
كما أشارت دراسات عدة أن وجود مدرس مساعد له العديد من الإيجابيات منها ما يتعلق بطبيعة التفاعلات بين مساعدي المدرسين وجودتها حيث يساعد المعلم التلاميذ على المشاركة وإنجاز مهامهم ويقدمون للطالب دعم فوري ومتميز ويؤدي المدرسون المساعدون عملهم وفق أدلة منظمة ويخضع عملهم لمراجعة مستمرة عبر البحث وعقد الورش التدريبية وإصدار توصيات تعمل على تقليل النتائج الغير مرغوب فيها كما يخضع المدرس المساعد لتدريب مكثف ومستمر لتمكينه من أداء مهمته على الوجه الأكمل. على المستوى الشخصي أؤمن بجدوى وجود معلم رئيس وآخر مساعد ليس على مستوى المردود التعليمي المتوقع ولا على مستوى التغيير المطلوب في النمط الحالي بل حتى على مستوى فتح فرص وظيفية للمؤهلين وانعكاسات هذا التوجه على الممارسين حيث تنضج الممارسة ويرتقي الأداء للمعلم نفسه وتفريغ المعلم لمهام محددة وقد لمست فعلياً هذا من خلال العمل مع محضر المختبر حيث كان يقوم بمهمة مشابهة أثناء حصص العلوم عندما كنت معلماً. وكان وجوده إيجابياً رغم اختلاف المهام والأدوار وما عنيته أنه كان عاملاً إيجابياً لي كمعلم في الأدوار التي كان يؤديها وكانت تخفف العبء عني كمعلم وفي ظل عدم وجود كان الأمر سيتطلب مني مجوداً مضاعفاً وستسبب لي مزيد من الأعباء.
ولقد لمست أثناء عملي في قسم التدريب أن البرامج والورش التي يديرها أكثر من مدرب يكون التفاعل فيها أكبر حيث كنا نطبق هذه التجربة في برنامج لتدريب معلمي المدارس النائية ونوزع المهام بيننا أثناء فعاليات الورش بشكل يضمن الديناميكية أثناء الورشة وتبادل الأدوار وإثارة النقاشات حيث يتحول المدرب المساعد إلى مدرب رئيسي فيما يتحول المدرب الآخر لمنشط ومثير للأسئلة ومساعدة المتدربين على إثراء النقاش وكانت تدار الورشة بمدربين وقد رصدنا إيجابياتها بالملاحظة خصوصاً عندما يقل حماس المتدربين أو تنخفض معدلات تفاعلهم.
انطلاقاً من هذه الفكرة حري بنا أن نتساءل ما لمانع أن نرى في قادم الأيام (معلمين داخل الصف يتبادلان الأدوار ويعملان معاً على إثراء فعاليات الحصة وتقديم المعونات اللازمة للطلاب ؟).
ما يعزز هذا التوجه حقيقة أن التعليم ميدان خصب للتجريب ومن الحقائق المتعارف عليها أن العمل الذي يؤديه فريق عمل جماعي متناغم بالضرورة كفيل بأن يعطي نتائج أفضل من العمل الفردي حتى وإن كان هذا العمل هو التدريس.