من أحدث المقالات المضافة في القسم.

اسمُ الكاتب : د. عبدالله سافر الغامدي.
عدد المشاهدات : ﴿6168﴾.
عدد المشـاركات : ﴿31﴾.

بسم الله الرحمن الرحيم

تأملات : عدوان المفلس.
يعد السلوك العدواني من السلوكيات المحرمة شرعاً، والمجرمة قانوناً، والمرفوضة اجتماعياً، والذي ينتشر في كافة المجتمعات، ويزداد ظهوره في البيئات الفقيرة، والحواري الشعبية، والمجتمعات القروية والبدوية؛ التي تربي أفرادها على الصراعات والمشاحنات، وعلى حمل العصا والمشعاب، والسكين والرشاش، ورد الصاع بأربعة أصواع.

وهو لا يختص في ممارسته بطفل سفيه، أو مراهق طائش، أو شاب أهوج، بل تجده واقعاً من كبير أرعن، ومسن معتوه، يوقع الزلة تلو الزلة، ويحدث الأذية تلو الأذية، وذلك بسبب اتخاذه لثقافة العدوان منهجاً في تعامله مع الناس، ومصدراً لقراءة المواقف، وتحليل الوقائع.

والسلوك العدواني يظهر على شكل اعتداءات كلامية متكررة؛ من غمز ولمز، وسباب وشتيمة، وتهديد ووعيد، وتهكم وسخرية، أو من خلال أفعال حركية عنيفة؛ كالضرب باليد، أو بواسطة أداة، أو من خلال القيام بتشويه سيارة ومنزل ونحوهما، وقد يقع التعدي والاستفزاز بأساليب المنع والعناد، أو بالتجاهل والتغافل، أو من خلال تتبع العورات، وتقييم الأعمال، والحط من قدرها، وتنقيص أصحابها، أو من خلال نسج مؤامرات، وحبك مكايد، وصناعة معوقات.

ولكن لماذا تشتعل المشاعر العدائية بين الناس، ولماذا تستوطن الكراهية الشديدة بين المسلمين، وبين الزملاء في عملهم، وبين الجيران والأقارب والأصهار ؟

هل السبب هو التربية الأسرية البئيسة؛ التي أرضعت المعتدي سلوك الطيش والبطش، وأشبعته لغة التعدي والتجني، أم السبب هو الصعوبات الحياتية؛ كالشعور بالظلم، أو النقص، أو الفشل، أو الإحباط، أم السبب هو الاختلالات والاضطرابات التي يعيش بها المعتدي، كالحقد والحسد، والكبر والغرور، والعشق للسيادة، والرغبة في التسلط والزعامة.

إن أي سلوك عدواني يصدر من الإنسان؛ فلن ينجو صاحبه من ارتكاب المعاصي، واقتراف الذنوب؛ كالكذب والغيبة، والتهكم والسخرية، كما سيتجرع من سلوكه المشين وباء التعاسة، ونكد الحسرة، وبتر التواصل، وقطع العلاقات، وشيوع النبذ والعناد، والتفكك والهجران، وسيجد كذلك إعاقة للطموحات، وتشويه للقدرات، وللصورة الجميلة للإنسان.

والإنسان الحصيف ينبغي عليه الفرار من السفيه، والأحمق، والمعتدي، وعدم مجاراتهم، ولا مواجهتهم، أو الجلوس في نقاش معهم، لأن الوقوف أمامهم سيلحق به الضرر، وسيزرع في جنبيه الكدر، ولن يجني منهم سوى التوتر والضرر، قال صلى الله عليه وسلم : (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).

كما يمكنه مواجهة أي عدوان؛ بأسلوب الروية والسكينة، والهدوء والحكمة، مستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم، ومكثراً من التسبيح والدعاء والسجود، [وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون • فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين]، وهذا يجعل الصدر واحة جميلة من الهدوء والراحة، وله أن يزيد في تفريغ الشحنة الانفعالية بصور بدنية، وأعمال علمية وفنية منوعة، تساعده في السيطرة على الجسم، والتحكم في الحواس.

ومن الأهمية بمكان في حالة العدوان؛ تذكير المعتدي بكف عـدائه وعـدوانه، وطلب الإنصاف في ذلك من أهله، أو من الجهة الأمنية المختصة، مع سؤال الله تعالى أن يكفيك شره وأذيته، وهو سبحانه الذي سيتولى النصر ولو بعد حين، وكفى به ناصراً ومعيناً، [ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ]، وفي الحديث الصحيح : (إن الحقوق لتؤدى إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء).

التسلسل الزمني: 1435/10/01 (06:01 صباحاً).