من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. حامد مصطفى المكاوي.
إجمالي القراءات : ﴿5074﴾.
عدد المشــاركات : ﴿23﴾.

البعث أكبر حقيقة كونية «4».
■ تقرير عدم انعدام الإنسان كلية بعد موته.
2- الإنسان بموت حياته الجسدية، لا ينعدم كلية، بل يبقى من الإنسان عجب الذنب، حاملا لصفاته الوراثية، ولا تقبل خلاياه الفناء بالطرق أو الحرق، أو الإذابة في أقوى الأحماض، وفي ذلك يقول الله -جل في علاه- : (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) (سورة ـ ق4) والكتاب الحفيظ هو عجب الذنب، وبدليل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- : "ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهـو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة". وهو ما ينفى اعتراض الفلاسفة بأن قضية الاستدلال على البعث، وصحة العود، ذهنية لا وجود لها في الخارج، فلا يصح الحكم عليه بإمكان العود، ولا تصح الإشارة إليه؛ لأن الإنسان لا ينعدم جسمه كليا، بل أصل خلقته، ومنبت نشأته، موجود برمته، حاملا لصفاته الوراثية، قابلا لإعادته بالكلية، وهو ما يثبت صحة استدلال فلاسفة المسلمين على إمكانية الإعادة، بأن الوجود الأول، ربما أفاد ذلك المعدوم زيادة قبول، واستعداد للوجود، بناء على أنه قد وجد أولا، فقد صارت قابليته للوجود ثانيا أهون، والله أعلى من ذلك مثلا.
وأخرج ابن منده بسند حسن، عن أبي الزناد (عبد الله بن ذكوان) أن عبدالرحمن الأعرج، حدثه أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : قال الله -عز وجل- : " كذبني ابن آدم، ولم يكن ينبغي له أن يكذبني، وشتمني ابن آدم، ولم يكن ينبغي له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي، فقوله : لن يعيدني كما بدأني، أوليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي، فقوله : اتخذ الله ولدا، وأنا الله الصمد لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لي كفوا أحدا" وقد أثبت العلم الحديث، صدق العليم الخبير، من إخباره عن البدء والإعادة بقوله : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) (سورة البروج ـ 13) وصدق فلاسفة المسلمين من القول بأن الإعادة أهون من البدء وأسرع، فها هو ذا، الإنسان تتجدد خلاياه الحية، في عظامه، وأجهزته الداخلية، وجلده، كل بضعة شهور، حيث تموت، ويخلق الله ويعيد ويجدد إحياء خلايا مماثلة، غير التي ماتت وخرجت من الجسم، ولا يوجد عملية تتكرر يوميا ببلايين البلايين من المرات، مثل عملية الإعادة، والتجديد، والبعث من بعد الموت، وبالرغم من ذلك يسخر الشيطان من ابن آدم بوسوسته، فلا يجعله يتشكك، ويعالج في نفسه، ويجمجم في صدره، ويتردد في قضية من القضايا، مثل قضية البعث من بعد الموت، بالرغم من تأكيد العلم على أن الإنسان وهو حي، يأت على خلاياه الوقت الذي تموت فيه بجميع خصائصها، وتنشأ خلايا أخرى جديدة مكانها بجميع خصائصها، هي هي، لا تغير من خصائص الإنسان شيئا، ولا من كيانه، وشخصيته، وصفاته، فسيان الأمر، إن تم إعادة عين ما فقد من الإنسان بعدما مات وتشتت عناصره من غاز وتراب، وتنقلت في أجساد مخلوقات أخرى، أو تم إعادة ما فقد من الإنسان بعدما مات من عناصر جمادية أخرى، مماثلة في الخصائص والصفات، للعناصر التي مات بها، وتشتت وتنقلت في أجساد مخلوقات أخرى، وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا : (يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون) (الأنعام ـ 95) ولاحظت أن الخلايا الجديدة تكون قوية نشيطة، وأنه لا حياة للكائن الحي بدون عملية الموت والبعث في خلاياه، بل يصوم الإنسان عن الطعام والشراب والشهوة، لتموت الخلايا الضعيفة، ويخلق الله ويجدد له خلايا قوية، فاستنتجت أن الموت والبعث به حياة الإنسان، وقوة صحته البدنية، وأن من القياس الصحيح عليه أن يكون إيمانه ببعثه من بعد موته، فيه حياته الروحية، وقوة، صحته النفسية، وصدق الله ومن أصدق من الله حديثا : (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) (الأنعام ـ 122).