من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. حامد مصطفى المكاوي.
إجمالي القراءات : ﴿4507﴾.
عدد المشــاركات : ﴿23﴾.

البعث أكبر حقيقة كونية «2».
■ بدء الخلق، دليل على إمكانية إعادته، فالله -تعالى- يقول : (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) (يس 78 ـ 79)، وأخرج ابن جرير الطبري بسنده عن سعيد بن جبير، قال : جاء العاص، بن وائل السهمي - والد الصحابي عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام ـ بعظم حـائل، ففته بين يديه، فقال يا محمد : يبعث الله هذا حيا بعد ما أرم ؟ قال : نعم يبعـث الله هذا، ثم يميتك، ثم يحييك، ثم يدخلك نار جهـنم، قال : ونزلت الآيات (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين) (يس 77) إلى آخر الآيات، وأورد الطبري بسنده، أن أبي بن خلف فعل ذلك، ورد عليه نبينا بنفس الرد - فالآية متعددة النزول، ويقول الله -تعالى- : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت ـ 20) ويقول : (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى من قبل ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل شيء بهيج) (الحج : 5).
فاستدل القرآن على إعادة خلق الإنسان بنشأة أصله آدم من طين الأرض، وتحول جسد الإنسان إلى تراب، ما أسهل أن يتحول طينا بنزول الماء عليه، فهذه الصورة التي بدأ منها أبوهم آدم، هي الصورة التي انتهى إليها أبناؤه، وكما قدر الله على خلق أبي البشر آدم من الطين اللازب، وأودع فيه الحياة والروح، كذلك هو قادر على إعادة أبنائه من الصورة الطينية التي آلوا إليها بإيداع الحياة فيها، ورد أرواحهم إليها -بدليل أن أجسامهم متكونة من نفس العناصر الموجودة في الطين، لا يوجد ولو عنصر واحد ليس موجودا في الطين- بل إن ذلك يبدوا تصوره بالنسبة للعقل أهون عليه من خلق آدم ابتداء، حيث يبلى جسم الإنسان إلا عجب الذنب الذي تحتفظ خلاياه بصفات كل واحد من أبناء آدم الوراثية؛ لتمطر السماء مادة كيميائية خاصة كمني الرجـال، فتختلط بعجب الذنب، فتنتشر اللحوم والأبدان، مستخلصة عناصرها من الطين، فكما بدأ آدم من الطين المنزرع في الأرض، ونبت نباتا، كذلك يعيد الله بعث أبنائه من الطين الذي انغرس فيه عجب الذنب، وأمطرته السماء بمادتها الكيميائية الشبيهة بمني الرجال، فينبت إنباتا، فما أشبه ذلك بعملية إنبات النبات التي تحدث أمام ناظرينا ليلا ونهارا، يقول الحق سبحانه : (والله أنبتكم من الأرض نباتا • ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا) (نوح 17 ـ 18).