من أحدث المقالات المضافة في القسم.

د. أحمد محمد أبو عوض.
عدد المشاركات : 706
1443/12/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات :: ﴿﴿2800﴾﴾

النهي عن تجصيص القبر والكتابة عليه.
عن جابر قال : نهى رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أن يجص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (1). رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، وأبو داود، والترمذي وصححه. ولفظه: نهى أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ (2) (3) وفي لفظ النسائي : أن يبنى على القبر، أو يزاد عليه، أو يجص، أو يكتب عليه.
والتجصيص معناه الطلاء بالجص، وهو الجير المعروف. وقد حمل الجمهور النهي على الكراهة، وحمله ابن حزم على التحريم، وقيل : الحكمة في ذلك أن القبر للبلى، لا للبقاء، وأن تجصيصه من زينة الدنيا، ولا حاجة للميت إليها. وذكر بعضهم أن الحكمة في النهي عن تجصيص القبور كون الجص أُحرق بالنار، ويؤيده ما جاء عن زيد بن أرقم، أنه قال لمن أراد أن يبني قبر ابنه ويجصصه : جفوت، ولغوت، لا يقربه شيء مسته النار.
ولا بأس بتطيين القبر قال الترمذي : وقد رخص بعض أهل العلم، منهم الحسن البصري، في تطيين القبور. وقال الشافعي : لا بأس به أن يطين القبر.
وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره من الأرض شبراً، وطين بطين أحمر من العرصة، وجعل عليه الحصباء. رواه أبو بكر النجاد. وسكت الحافظ عليه في "التلخيص".
وكما كره العلماء تجصيص القبر كرهوا بناءه بالآجر، أو الخشب، أو دفن الميت في تابوت، إذا لم تكن الأرض رخوة أو ندية، فإن كانت كذلك، جاز بناء القبر بالآجر ونحوه، وجاز دفن الميت في تابوت من غير كراهة، فعن مغيرة، عن إبراهيم، قال : كانوا يستحبون اللبن، ويكرهوّن الآجر، ويستحبون القصب، ويكرهون الخشب. وفي الحديث النهي عن الكتابة على القبور، وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيره.
قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث : الإسناد صحيح، وليس العمل عليه؛ فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون على قبورهم، وهو شيء أخذه الخلف عن السلف. وتعقبه الذهبي، بأنه محدث، ولم يبلغهم النهي.
ومذهب الحنابلة أن النهي عن الكتابة للكراهة؛ سواء أكانت قرآناً أم كانت اسم الميت ووافقهم الشافعية، إلا أنهم قالوا : إذا كان القبر لعالم أو صالح، ندب كتابة اسمه عليه وما يميزه؛ ليعرف. ويرى المالكية، أن الكتابة إن كانت قرآناً، حرمت، وإن كانت لبيان اسمه أو تاريخ موته، فهي مكروهة. وقالت الأحناف : إنه يكره تحريماً القبر، إلا إذا خيف ذهاب أثره، فلا يكره. وقال ابن حزم : لو نقش اسمه في حجر، لم نكره ذلك. وفي الحديث النهي عن زيادة تراب القبر على ما يخرج منه، وقد بوب على هذه الزيادة البيهقي، فقال : باب لا يزاد علي القبر أكثر من ترابه؛ لئلا يرتفع.
قال الشوكاني : وظاهره، أن المراد بالزيادة عليه الزيادة علي ترابه. وقيل : المراد بالزيادة عليه، أن يقبر على قبر ميت آخر. ورجَّح الشافعي المعنى الأول، فقال : يستحب ألا يزاد القبر على التراب الذي أخرج منه. وإنما استحب ذلك؛ لئلا يرتفع القبر ارتفاعاً كثيراً، قال : فإن زاد، فلا بأس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مسلم : كتاب الجنائز - باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (94) (2/ 667)، ومسند أحمد (3/ 295، 332،339، 6/ 299).
(2) توطأ : تداس.
(3) الترمذي : كتاب الجنائز - باب ما جاء في كراهة تجصيص القبور والكتابة عليها، برقم (1052) (3/ 359) وقال : حسن صحيح، ومسلم مختصراً : كتاب الجنائز - باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (4 9، 5 9) (2 / 667)، والنسائي : كتاب الجنائز - باب تجصيص القبور (4 / 88).

|| د. أحمد محمد أبو عوض : عضو منهل الثقافة التربوية.