من أحدث المقالات المضافة في القسم.

د. أحمد محمد أبو عوض.
عدد المشاركات : 702
1442/02/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات : ﴿﴿3318﴾﴾

الجواهر المكنونة بأصداف سورة الرعد.
خواص سورة الرعد المباركة :
1) من خواص القرآن : روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى, وكل سحاب يكون, ويبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله, ومن كتبها وعلقها في ليلة مظلمة بعد صلاة العشاء الآخرة على ضوء نار, وجعلها من ساعته على باب سلطان جائر وظالم, هلك وزال ملكه).
2) وعن جعفر الصادق : من كتبها في ليلة مظلمة بعد صلاة العتمة, وجعلها من ساعته على باب السلطان الجائر الظالم, قام عليه عسكره ورعيته, فلا يسمع كلامه, ويقصر عمره وقوله, ويضيق صدره, واِن جعلت على باب ظالم أو كافر أو زنديق, فهي تهلكه بإذن الله تعالى.
3) ونقل عن الشيخ البهائي رحمه الله : أن تكتب الآية (31) من سورة الرعد بحروف مقطعة أي (و ل و أ ن ق ر آ ن ..) (ولو أن قرآنا ..) وتعلق على خاصرة المرأة فتحمل بإذن الله تعالى, وقال الشيخ : اِنه أعطاه لتسعمائة أمرأة فحملن.
● الجوهرة الأولى : يبدأ الله سبحانه وتعالى السورة بأحرف مقطعة تشبه تماماً اسم استفهام معروف لغويا (ألم ؟), واحرف أخرى ممكن أن تقرأ على عدة وجوه وصور من باب الجناس التام من الناحية البلاغية ولكنها تعطي معنى مغايرا تماماً عند الحركة الإعرابية أو حركة بعض حروفها، مثل : المر بفتح الميم والمر بضم الميم والمر بكسر الميم وطبعا كل حركة تغير لفظ الكلمة فلا بد أن تغير المعنى تماما مثل : البر - بفتح الباء وتعني الخلاء والبر بضم الباء وتعنى الحنطة أو القمح والبر بكسر الباء وتعني الإحسان. ولكنه تعالى : وتحديا للعرب أهل اللغة والفصاحة والبلاغة واللسان العربي الذلق بالكلام الذي لا يعجزه تعبير : فيقول لهم : أنني أقول لكم هذه الأحرف بأسمائها وليست بمسمياتها. إنكم تعرفون يا أيها العرب بان حرف الألف يسمى ألف ولكنه لا ينطق ضمن الكلمة الواحدة بالألف وكذلك اللام وكذلك الميم وكذلك الراء. فيا جهابذة اللغة والفصاحة أبًـا عن جد وجيلا بعد جيل ويا أصحاب الشعر والنثر ويا أصحاب الاسم والفعل والحرف. ما معنى (ألمر ؟) لماذا تعجزون عن تفسير أربعة احرف فقط من احرف كلامكم المعروف بلغتكم أنتم وليست من لغات أخرى. أليس هذا عجز منكم مقابل عدم إيمانكم برسالة هذا النبي المرسل محمد صلى الله عليه وسلم.
● الجوهرة الثانية : الإشارة للقريب بإشارة البعيد (تلك) آيات الكتاب الذي بين أيديكم تسمونه من فم هذا الرسول وهو ابنكم ومن بطن عشيرتكم وقبيلتكم وانتم تقولون عنه الأمين فكيف لا تصدقون بالحق الذي أنزل عليه وهو القرآن الكريم. ولكنكم أنتم لا تعرفون الشيء الحق على حقيقته بل إنكم أجهل من يعرف الحق الصحيح.
● الجوهرة الثالثة : الإشارة إلى معجزة رفع السماوات بغير عمد ضد الجابية الأرضية ورؤيتها مرفوعة من عيون جميع الكون. فهل من عاقل على الأرض أن يقول أن السماء ليست فوقه ؟ فاصل معنى كلمة سماء باللغة أن سماك هو كل م علاك. ثم تسخير الشمس والقمر إلى أجل محدد وسيذهب نور الشمس وضوء القمر ويبقى نور الله وحده لا شريك له.
● الجوهرة الرابعة : عدم مفاجأة ظهور الليل أو النهار بل تعاقبهما قبل الإيلاج بالتدريج البطيء شيئا فشيئا لأن الأرض مدحية بشكل كروي وبيضاوي وليست مسطحة تماما أو ذات شكل هندسي منتظم كالمربع أو المستطيل .. الخ، ومن حكمة الله تعالى بذلك أن يتوزع نور الشمس بالنهار على الوجه المقابل لها فقط وليكون على جميع سطح الأرض المقابل للشمس بالنهار أو المختفي عنها بالوجه الآخر من الأرض ليلا أن يكون هناك ذكر لله وطاعة من صلاة وأذان، وان يكون وجه الأرض عليه فجر وضحى وظهر وعصر ومغرب وعشاء وما بين كل اربع درجات من خطوط الطول ساعة زمانية كاملة تقدر بستين دقيقة عن خط طول جرينتش أو خط طول مكة المكرمة (حيث ثبت علميا وهندسيا أن بيت الله الحرام هو مركز الكون في الأرض وعلى أعلاه بالسموات العلا البيت المعمور) وكذلك لتكون ساعات الليل مختلفة بالجزء الآخر من الأرض كأول الليل لمن يتناولون طعام العشاء بعد كد النهار وشقاء العمل ووسط الليل لمن أراد أن يسهر ويداعب زوجته طاعة لله بالمباضعة والجماع الحلال الذي آمر به الله تعالى وهو نوع من العبادة والطاعة لله تعالى وبه صدقة كل طرف على الطرف الآخر ووقت السحر للعابدين والتائبين إلى الله تعالى من معاصي النهار ومن يتلون كتاب الله في جوف الليل طاعة لله بدون رياء ولا نفاق.
● الجوهرة الخامسة : معجزة اختلاف ألوان وأذواق الثمار والأشجار وخاصة الفاكهة والنخيل حيث إنها أنواع متعددة وألوان مختلفة ولكنها تسقى بماء واحد يتكون من ذرات متشابهة تماما من الناحية الكيماوية (ذرتين هيدروجين وذرة واحدة أوكسجين H2O -) ومن حكمته تعالى أن يضرب الأمثال بالأشياء المرتفعة وليست الدنيئة أو الدنية. فأشجار الفاكهة والنخيل مرتفعة عن الأرض لحفظ ثمارها اللذيذة الحلوة (وكما يقول فضيلة المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي : لتكون بعيدة عن الحشرات الأرضية والقوارض كالفئران والجراذين والثعالب وغيرها من الحيوانات البرية كالدبية وغيرها) فان قنو البلح يكون مرتفعا على النخلة الباسقة بطولها ويحميه من أسفله الجريد الذي يحتوي على السلاية الحادة لتجرح كل من تسول له نفسه من ضرر هذا النبات المبارك وهو طعام طعم لهذا الإنسان الذي كرمه الله تعالى على سائر مخلوقاته (ولقد كرمنا بني آدم).
● الجوهرة السادسة : تعجب واستغراب الرسول صلى الله عليه وسلم كفرهم بالله تعالى وعدم إيمانهم رغم وجود المعجزات الحسية والمادية في كل أمور حياتهم، خاصة من قضية الخلق والبعث والنشر بعد الموت يوم القيامة، غير معتبرين من نبات المزروعات في الأرض بعد أن كانت جافة وجامدة كأنها في حالة ميتة، ثم بعد أن غرست بالأرض وارتوت بالماء قامت بإذن الله خضرة نضرة لها جذر راسخ في الأرض وساق وفروع وأغصان محملة بالثمار وما يسر الناظرين من أذواق وألوان وأوراق خضراء يانعة تفوح بروائح ذكية وندية وتظل كل مخلوق وكائن حي من وهج الشمس وحرارة البيداء وكذلك جعل الله من فوائد أوراق جميع الأشجار والنباتات بانها في النهار تعمل على عكس عملية تنفس الإنسان والحيوان، إذ إنها تكريما لهذه المخلوقات تتنفس النباتات ثاني أوكسيد الكربون السام للكائنات الأخرى وتقوم بالليل بتنفس الأوكسجين المنتشر جدا في طبقة الهواء القريبة لسطح الأرض لكي يكون هناك تبادل طبيعي ما بين هو مفيد للمخلوقات الأخرى بالنهار وما هو مفيد للنباتات بالليل. فسبحانه أحكم الحاكمين ولكنهم (ما قدروا الله حق قدره) ؟
● الجوهرة السابعة : طلب سرعة البينة على أعمالهم الكافرة وعدم اعتبارهم من عذاب وهلاك الأمم السابقة، فمن عنادهم وغبائهم من عدم الحكمة القائلة (الشقي من اتعظ بنفسه والسعيد من اتعظ بغيره) فهل يمكن لعاقل أن ينتظر وصول أية مصيبة أو خطر إلى نفسه أو جسمه أو بيته أو أهله حتى يتعظ ويعتبر ؟ زلا يفهم معنى الخطر الذي أصاب غيره ولم يتعظ به ؟
● الجوهرة الثامنة : التزام الله بنفسه على نفسه تعالى بان يرسل لكل قوم هاد يهديهم إلى الحق والخير وعبادة الله وحده، لكي لا يحتجوا على الله أمام الأمم يوم القيامة بانه لم يصل لهم رسول بالأمر لطاعة الله ووحدانيته لا شريك له، وذلك قبل أن يحل بهم العذاب الذي يستحقونه جراء كفرهم بالدنيا قبل يوم القيامة وهذا أسلوب من أساليب التربية الإلهية لهذا الإنسان بان لا يأخذ احد بجريرة أو ذنب أو خطا وهو جاهل بعقوبة أو بنتيجة هذا الخطأ غير ما يقال في القوانين الوضعية. (القانون لا يحمي المغفلين) فمن رحمته تعالى أن رفع عن هذه الأمة المحمدية الكريمة محبة وتكريما للرسول الحبي محمد صلى الله عليه وسلم : الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فهل من راحم أو رحمن أو رحيم بعد أو قبل الله تعالى بعباده ؟
والله تعالى يعلم ما في القلوب قبل أن يخلق الخلق في الأرحام من ذكر وأنثى وبما يحصل في فترة الحمل لأنه تعالى هو عالم ما سبق في القدر والتقدير منه وحده لا شريك له ما كان وما سيكون وما هو كائن وما لم يكن كيف سيكون، وقد روي انه في زمن الإمام احمد بن حنبل رضي الله عنه أتاه رجل فقال : يا أيها الإمام تركت زوجتي منذ سنتين وهي حامل، وتقول أني لا زلت على عهدك بي لم انجب، وأنا يوسوس لي الشيطان بعفتها حيال فترة غيابي فماذا تقول ؟ فقال : اسمع ما أقوله لربي : اللهم إن كان بزوجة هذا الرجل ريحا فأخرجه من غير ضرر ولا ضرار وان كانت حاملا بجارية فابدلها غلاما ذكرا، ثم قال له اذهب إلى زوجتك واقرأ عليها دعائي هذا، فما أتم الرجل الدعاء على بطن زوجته حتى وضعت له غلاما له ثنايا كاملة في فمه غير أن حبل السرة لم يقطع، فلما عالجت النساء الزوجة من تنظيف المكان وقطع الحبل السري ثم رأى الرجل الغلام، فقام وكبر وقال : الله أكبر والله انه ابني، ثم ذهب إلى الإمام احمد بن حنبل وقال له : الحمد لله الذي نجاني بك من النار في الدنيا والآخرة. نعم إن الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيظ الأرحام بالإجهاض أو ما تزداد من فترة الحمل أو ما تزداد بعدد التوائم في البطن الواحد. وكم سمعنا أن بعض النساء حملت بنحو ثمانية توائم دفعة واحدة.
وكذلك الحالة بالنسبة للناس فمنهم من يكون على الحق والنور فهو يمشي آمنا مطمئنا في وضح النهار يرى كل شئ حوله بوضوح تام وبصيرة ثاقبة وعين واسعة، بعكس ذلك الذي يمشي في ظلمات الليل الحالك يتلمس أي طريق أو شعب أو مسلك على ضوء من نجم أو شهب أو نور لاح فجأة من بعيد لا يعرف مدى ومتى وكيف يصل إليه.
● الجوهرة التاسعة : (القانون الإلهي) بل جعل للمؤمن حافظات يحفظنه من كل سوء ومكروه لأنه العبد المطيع لسيده وربه، فهو إذا يستحق الحماية والرعاية والحفظ. فمن أطاع الله سخر الله كل شئ ليطيعه ويخدمه وجعل له ناموسا وقانونا الهيا لا يتغير من اجل نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا ولي طائع ولا عاص جاحد فقال تعالى : (إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) فالله تعالى جزم أمرا جازما وقاطعا لا رجعة فيه البتة ولا استثناء ولا واسطة بشرية أو ملائكية بتاتا، فالله تعالى لا يغير حال قوم من البشر التي هم عليها من سعادة ومسرة أو من غيظ ونكد وفقر وبؤس أو من دناءة إلى علو وحالة افضل أو أسوأ إلا إذا قام القوم بتغيير ما في انفسهم سواء كانوا جماعات أو فرادى، فإدا كان في برنامج حياة هؤلاء القوم منكرات أو ترف فليعلموا أن أيامهم التي يعيشونها اليوم ما هي إلا أيام استدراج لهم، فان أعمالهم السيئة سوف تسبب لهم غضب الله وعذابه الذي لا قدرة قادر ولا أموال ملك ولا عقارات ومزارع وحدائق أمراء او وزراء حاشية او بطانة او مهما امتلكوا من قوة صواريخ أرضية وجوية ونووية وعابرة للقارات وكل ما يستطيعون من بوارج وغواصات وغيرها من الأسلحة الحديثة والمتطورة منها التي استعملوها او التي سوف يجربون استعمالها في الأرض أو البحر أو الجو. ليعلموا انه الله وحده لا شريك له وقد قام الله تعالى من خلال كلمات هذه الجوهرة الكريمة بأصداف الأيات 20-24 بمقارنة عظيمة متسلسلة من اعظم الطاعات والأعمال التي تجلب العبد الطائع لله جلبا ومنها :
أ- الوفاء بالعهد : سواء ما بين المسلمين او ما بين المسلمين وغيرهم من أهل الشرائع الأخرى، ولو حتى من أهل ألأوثان.
ب- عدم نقض الميثاق : ومنه الميثاق ما بين الزوجين وهو عقد النكاح بكل أسراره وشروطه، حيث أن الله تعالى اسماه (ميثاقا غليظا).
ج - صلة الرحم : والمقصود بالرحم كل أقارب الرجل من الإناث وكذلك الرجل رحم الرجل وليس كما يقول الجهلة بان النساء فقط هم رحم الرجل (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم) (الأنفال : 75).
د- خشية الله : أي الخوف من الله ومراقبته بكل شئ وهو من أعلى مراتب الإحسان (اعبد الله كأنك تراه فان لم تراه فانه يراك).
هـ- مخافة سوء الحساب : حيث انه ورد بالأثر أن أبا بكر رضي الله قال : (لو أن قدمي اليمنى بالجنة واليسرى خارجها ما ضمن دخولها) فكيف نحن بمن هو الصديق عند الله تعالى وهو الوحيد من أمم الكون لا يعرض للحساب بتاتا ؟
و- الصبر ابتغاء وجه الله : الصبر في كل شئ مهما استعظمته أو استصغرته فكن من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والصابرين على الطاعات والعبادات ومعاملة الناس والتعلم والتعليم ومعاملة الناس من مسلمين وغيرهم.
ز- إقامة الصلاة : بكل معنى شامل للإقامة بكل خشوع وإخلاص نية صادقة لا سيما الصلوات النافلة كالضحى وقيام الليل .. الخ. وليس إقامة الصلاة بالركوع والسجود وحركات الأركان والسنن بل أن يشعر العبد بانه الذليل بين يدي ربه.
ح- النفقة من رزق الله سرا وعلانية : مهما قلت أو كثرت فاجعل نيتك صوب الله فالله سوف يبارك لك بالبقية لا محالة.
ط- درء وإبعاد السيئة مهما صغرت بنظرك بأية أعمال حسنة. فالحسنة ولو بالنية تمحو السيئة المعمولة بدون قصد أو تعمد في ضرر الآخرين. فمن الحسنات تجزى بحسنة ومنها بعشرة ومنها بسبعمائة ومنها بما لا نهاية كالصوم فانه لله وهو يجزي به.
ي- الجزاء الحسن والمستحق لهؤلاء المؤمنين عقبى واستحقاق الدار الآخرة لأنها الباقية والدائمة وهي (الحيوان لو كانوا يعلمون) أي الحياة التي ليس بعدها موت بتاتا.
● الجوهرة العاشرة : بيان فضل وعذاب الله في سيول الماء وتمثيله تعالى بان الماء خير وهبة من الله تعالى : (امن جعل ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) ؟ فمن الماء يعيش كل كائن حي (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فالعاقل من الناس كالماء النافع الذي يرسخ في الأرض ويتغلغل في ثنايا جوفها ليشرب منه النبات والمزروعات ويخزن بالأبار والعيون الجوفية ليشرب منه الناس طيلة العام، وبه كذلك تطفأ الحرائق المدمرة .. الخ. والله ينفع به حتى الكافر والجاحد له، لأن الله لا يريد أن يحاسب عباده على رزقه الذي هو أصلا منه فضلا ونعمة في هذه الحياة الدنيا، ولئن الدنيا وما فيها لو كانت تساوي عند الله شربة ماء ما سقى منها الكافر قطرة واحدة. فلا طاعة المؤمنين لله تنفعه ولا عصيان وجحود الكافرين يضره.
وأما الزبد والرغوة الخفيفة على سطح الماء التي تحمل الغثاء وأوساخ سطح الأرض خلال جري السيل فهي خفيفة جدا ولا تخترق الأرض وسرعان ما تتبخر وتذهب إن بقي منها شئ أصلا إلى حيث يصب السيل بالبحر أو كبد الرمال في الصحراء القاحلة وبعيدا عن مساكن ومزارع ومنافع الناس. ومن استجاب للإيمان بالله وطاعته فله الجزاء الحسن بالدنيا والآخرة، ومنها مشاهدة وجه الله تعالى مباشرة بدون حائل بتاتا (وهو اعظم الكرامات والفضائل من الله تعالى بالآخرة لمن عمل عملا صالحا بشرط الإيمان بالله وبرسالة نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدنيا، وهي الزيادة با كرام الله لهم عن كل ما يوجد بالجنة من النعم الأخرى).
ومن حرم نفسه من خير الدنيا والآخرة فانه مثل بقية المخلوقات فسيموت، لكن شتان بين من ضمن سعادة الآخرة (جوازا) وبين من يحاول افتداء نفسه (لو ملك يومئذ شيئا) بكل ما كان موجود بالدنيا له أو لغيره، ولكنه في تلك الساعة لا ولم ولن يملك شيئا، لأنه مهما كان غنيا أو ثريا أو فقيرا لم يخرج بغير الكفن والقطنه في دبره لكي لا يخرج غائطه "أعزكم الله" على من يتابعون حمل جثمانه على النعش حتى يصلوا به إلى اللحد في القبر تحت التراب مجردا من كل ممتلكات الدنيا له وما فيها. ويقولون له : وداعا لا لقاء بعده بيننا وبينك في الدنيا بتاتا يا من كنت كذا وكذا ؟
● الجوهرة الحادية عشرة : قدرة الله تعالى على سعة الرزق لمن يشاء وتدبيره عن الآخرين وذلك امتحان لكل منهما من الناس بالدنيا فسعة الخير والرزق للمؤمن فضل من الله تعالى، وأما للكافر فهو استدراج وكذلك فالله يهدي من يريد له الهداية في لوح القدر وهو اللوح المحفوظ التي ثبتت بنود مواده القانونية من الله تعالى ولا مبدل لها إلا هو والله كذلك يهدي من يريد أن يهتدي ويتلمس طرق الهداية التي تقربه من الله تعالى كالتوبة الصادقة والندم على فعل كل معصية سابقة قبل ساعة الوفاة ويرجع إلى طريق الحق فسوف يعينه الله ويقربه إليه بأسرع من البرق، بل حتى أن الله ليفرح لتوبة العبد العاصي اكثر من الرجل الذي ضاع بعيره في الصحراء ثم استسلم للموت وغفي غفوة ثم استيقظ فوجد بعيره الذي عليه زاده وطعامه ومائه عليه فأخطأ من شدة الفرح وشكر الله بأسلوب مستعجل فقال : أشكرك يا عبدي فانا ربك ؟ ولكن الله عرف ما كان ينوي أن يقول من داخل قلبه فلم يحاسبه على هذا الكفر البواح لو كان في حالة نفسية وصحية وعقلية سليمة، ومن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فلا شك انه سيتبع الهدى فسيكون له حسن المرجع والمآب وسيأكلون من شجرة (طوبى) بالجنة ثمارها كأعناق البخت (النياق طويلة الأعناق بيضاء الوبر جميلة تسر الناظرين سريعة العدو) وظلها يزيد عن 100 عام لا يقطعه الفارس البارع على فرسه الأصيل التي تسابق الريح بمقياس الدنيا.
● الجوهرة الثانية عشرة : بيان عظمة القرآن الكريم كمعجزة وآية عظمى من الله تعالى، فمن يؤمن بالله وحده لا شريك له وأن القرآن كلام الله المعجز فانه يستطيع أن يسخر الجبال لطاعته ويقطع به المسافات الطويلة على سطح الأرض بدون اعتبار للزمن بتاتا ويكلم به الموتى للتأكد منهم حول صحة وسلامة هذا الدين الإسلامي الحنيف ويتأكد من إجاباتهم له بعد موتهم أن كل ما يدور في خلده وذهنه من أمور حقيقية لا يستطيع أن يستوعبها بعقله الجامد الذي يتبع به آباءه وأجداده الأولين، بل يستطيع أن يكلم به آبائهم الموتى الذين فارقوا الحياة الدنيا ورأوا الحياة الآخرة رأي العين حقيقة الحياة الآخرة وهم لا زالوا في البرزخ، ولكن الله تعالى أمر أمرا خاصا في عدم بتر الكفار بالدنيا دفعة واحدة. لكن ميعاد وموعد عذابهم عند الله وبأمره وحده، فلا بد من عقاب وعذاب كل من كفر به.
● الجوهرة الثالثة عشرة : كشف صورة مادية وحسية من أيام الجنة ووصف أنهارها وطعامها ودوام ظلها الوارف لمن هم كانوا من المتقين بالدنيا والذين كانوا يعرفون انهم في كل زمان ومكان تحت نظر الله تعالى لا يخالفونه أو رسله بشيء بتاتا، حتى ان من بعض أهل الكتاب (عبدالله بن سلام) كان يقرأ البشائر التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه آمن به وسوف ينال من خير هذه البشائر، ولكن حقد الآخرين كان ينهش قلوبهم وهم يعلمون انه الحق من ربهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يعترف بان كلام الله حق وسوف نعود جميعا بعد البعث لله وكل سوف ينال جزائه.
● الجوهرة الرابعة عشرة : كل من يخالف أوامر الله تعالى فسوف يعاقب عقابا شديدا ولو كان نبيا مرسلا أو ملكا مقربا وليس له واسطة أو وقاية دون الله تعالى، وليست من صلاحية أي رسول مهما كانت مكانته عند الله تعالى حتى ولو كان محمد حبيب الله أن يأتي بآية واحدة من عنده ثم ينسبها لله تعالى إلا بإذن الله، ولا يستطيع أن يقول اعبدوني من دون الله.
● الجوهرة الخامسة عشرة : إن عمل الحسنات لله تعالى يذهب السيئات حتى الله تعالى ينسي الأرض التي عمل عليها الإنسان سيئاته إذا تاب لله توبة نصوحا وكان صادقا وكذلك تمسح من صحف عمله والله ينسيها الملائكة الكاتبين لها عند فعلها منه في صحيفة أعماله يوم القيامة، وكل شئ إلا لزوم الموت وعدد أيام الحياة والشقاء والسعادة فهذه الأشياء قد تثبت في اللوح المحفوظ أو ما يسمى بأم الكتاب وبقرب يوم القيامة فسوف يحشر جميع الخلق بأرض الشام وليس للناس ملجأ يخرجون من حدود الأرض التي ستضيق شبرا شبرا إلا في ارض المحشر فقط، وعندئذ ليس لأي إنسان إلا رحمة الله وشفاعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقط لا غير وسوف يكون حساب جميع أمم الأولين والآخرين سريعا جدا، ولكن الانتظار لساعة الحساب كخمسين ألف سنة مما تعدون من أيام الدنيا، حيث إن الشمس تكون فوق رؤوس الأشهاد بمقدار ميل طول مرود المكحلة فقط فمنهم من يغرق بعرق جسمه تماما ومنهم من تداركه رحمة الله تعالى حتى يكون العرق إلي اخمص قدميه وسيكون المؤذنون المحتسبون لله مجانا أعناقهم أطول الناس يوم القيامة لأنهم يرفعون بأصوات حناجرهم الموجودة في رقابهم اسم الله تعالى عاليا : الله اكبر الله لا اله إلا الله.
● الجوهرة السادسة عشرة (42-43) : أن المكر سيطيح بصاحبه مهما طال الزمن فقد مكرت الأمم السابقة بأنبيائهم كما هو حال كفار هذه الأمة ومحاربة دينهم (كما يفعل الآن بمسلمي بورما وسيلان والهند وكشمير وفلسطين وبقية الدول الإسلامية لمحاولة حرق الهوية الإسلامية عن الوجود حقدا وحسدا وعندا لرسالة الله تعالى، ولكنهم مهما كفروا وانكروا رسالة ربك فان الله يشهد انك (يا محمد) رسوله وكفى به شهيدا بينك وبينهم وهو شاهد لك ومعك عليهم. بل حتى انت تكون شهيدا وشاهدا على بعثة إخوانك من النبيين السابقين لأممهم التي ارسلوا إليها.
ثم الله تعالى يسمح لحبيبه ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن يسأل من عنده علم الكتاب (وقيل هو آصف بن بارخيا أو الخضر) وهو العبد الصالح الذي رافقه موسى عليه السلام ليعلمه مما علمه الله عندما وجده على نقطة التقاء البحرين المالح والعذب والقصة كاملة موجودة بسورة الكهف ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفض سؤال غير الله، وقال : والله لا اسأل بعد الله أحدا.
|| د. أحمد محمد أبو عوض : عضو منهل الثقافة التربوية.

◂يلتزم منتدى منهل الثقافة التربوية بحفظ حقوق الملكية الفكرية للجهات والأفراد وفق نظام حماية حقوق المؤلف بالمملكة العربية السعودية ولائحته التنفيذية. ونأمل ممن لديه ملاحظة على أي مادة في المنتدى تخالف نظام حقوق الملكية الفكرية مراسلتنا بالنقر على الرابط التالي ◂◂◂ ﴿هنا﴾.