من أحدث المقالات المضافة في القسم.

د. أحمد محمد أبو عوض عدد المشاركات : ﴿716﴾ التسلسل الزمني : 1439/05/01 (06:01 صباحاً) عدد القراءات : ﴿3778﴾

الجواهر المكنونة بأصداف سورة الرعد.
أبرز الجواهر المكنونة :
● الجوهرة الأولى : يبدأ الله سبحانه وتعالى السورة بأحرف مقطعة تشبه تماماً اسم استفهام معروف لغويا (ألم ؟), واحرف أخرى ممكن أن تقرأ على عدة وجوه وصور من باب الجناس التام من الناحية البلاغية ولكنها تعطي معنى مغايرا تماماً عند الحركة الإعرابية أو حركة بعض حروفها، مثل : المر بفتح الميم والمر بضم الميم والمر بكسر الميم وطبعا كل حركة تغير لفظ الكلمة فلا بد أن تغير المعنى تماما مثل : البر - بفتح الباء وتعني الخلاء والبر بضم الباء وتعنى الحنطة أو القمح والبر بكسر الباء وتعني الإحسان. ولكنه تعالى : وتحديا للعرب أهل اللغة والفصاحة والبلاغة واللسان العربي الذلق بالكلام الذي لا يعجزه تعبير : فيقول لهم : أنني أقول لكم هذه الأحرف بأسمائها وليست بمسمياتها. إنكم تعرفون يا أيها العرب بان حرف الألف يسمى ألف ولكنه لا ينطق ضمن الكلمة الواحدة بالألف وكذلك اللام وكذلك الميم وكذلك الراء. فيا جهابذة اللغة والفصاحة أبًـا عن جد وجيلا بعد جيل ويا أصحاب الشعر والنثر ويا أصحاب الاسم والفعل والحرف. ما معنى (ألمر ؟) لماذا تعجزون عن تفسير أربعة احرف فقط من احرف كلامكم المعروف بلغتكم أنتم وليست من لغات أخرى. أليس هذا عجز منكم مقابل عدم إيمانكم برسالة هذا النبي المرسل محمد صلى الله عليه وسلم.
● الجوهرة الثانية : الإشارة للقريب بإشارة البعيد (تلك) آيات الكتاب الذي بين أيديكم تسمونه من فم هذا الرسول وهو ابنكم ومن بطن عشيرتكم وقبيلتكم وانتم تقولون عنه الأمين فكيف لا تصدقون بالحق الذي أنزل عليه وهو القرآن الكريم. ولكنكم أنتم لا تعرفون الشيء الحق على حقيقته بل إنكم أجهل من يعرف الحق الصحيح.
● الجوهرة الثالثة : الإشارة إلى معجزة رفع السماوات بغير عمد ضد الجابية الأرضية ورؤيتها مرفوعة من عيون جميع الكون. فهل من عاقل على الأرض أن يقول أن السماء ليست فوقه ؟ فاصل معنى كلمة سماء باللغة أن سماك هو كل م علاك. ثم تسخير الشمس والقمر إلى أجل محدد وسيذهب نور الشمس وضوء القمر ويبقى نور الله وحده لا شريك له.
● الجوهرة الرابعة : عدم مفاجأة ظهور الليل أو النهار بل تعاقبهما قبل الإيلاج بالتدريج البطيء شيئا فشيئا لأن الأرض مدحية بشكل كروي وبيضاوي وليست مسطحة تماما أو ذات شكل هندسي منتظم كالمربع أو المستطيل .. الخ، ومن حكمة الله تعالى بذلك أن يتوزع نور الشمس بالنهار على الوجه المقابل لها فقط وليكون على جميع سطح الأرض المقابل للشمس بالنهار أو المختفي عنها بالوجه الآخر من الأرض ليلا أن يكون هناك ذكر لله وطاعة من صلاة وأذان، وان يكون وجه الأرض عليه فجر وضحى وظهر وعصر ومغرب وعشاء وما بين كل اربع درجات من خطوط الطول ساعة زمانية كاملة تقدر بستين دقيقة عن خط طول جرينتش أو خط طول مكة المكرمة.
● الجوهرة الخامسة : معجزة اختلاف ألوان وأذواق الثمار والأشجار وخاصة الفاكهة والنخيل حيث إنها أنواع متعددة وألوان مختلفة ولكنها تسقى بماء واحد يتكون من ذرات متشابهة تماما من الناحية الكيماوية (ذرتين هيدروجين وذرة واحدة أوكسجين H2O -) ومن حكمته تعالى أن يضرب الأمثال بالأشياء المرتفعة وليست الدنيئة أو الدنية. فأشجار الفاكهة والنخيل مرتفعة عن الأرض لحفظ ثمارها اللذيذة الحلوة (وكما يقول فضيلة المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي : لتكون بعيدة عن الحشرات الأرضية والقوارض كالفئران والجراذين والثعالب وغيرها من الحيوانات البرية كالدبية وغيرها) فان قنو البلح يكون مرتفعا على النخلة الباسقة بطولها ويحميه من أسفله الجريد الذي يحتوي على السلاية الحادة لتجرح كل من تسول له نفسه من ضرر هذا النبات المبارك وهو طعام طعم لهذا الإنسان الذي كرمه الله تعالى على سائر مخلوقاته (ولقد كرمنا بني آدم).
● الجوهرة السادسة : تعجب واستغراب الرسول صلى الله عليه وسلم كفرهم بالله تعالى وعدم إيمانهم رغم وجود المعجزات الحسية والمادية في كل أمور حياتهم، خاصة من قضية الخلق والبعث والنشر بعد الموت يوم القيامة، غير معتبرين من نبات المزروعات في الأرض بعد أن كانت جافة وجامدة كأنها في حالة ميتة، ثم بعد أن غرست بالأرض وارتوت بالماء قامت بإذن الله خضرة نضرة لها جذر راسخ في الأرض وساق وفروع وأغصان محملة بالثمار وما يسر الناظرين من أذواق وألوان وأوراق خضراء يانعة تفوح بروائح ذكية وندية وتظل كل مخلوق وكائن حي من وهج الشمس وحرارة البيداء وكذلك جعل الله من فوائد أوراق جميع الأشجار والنباتات بانها في النهار تعمل على عكس عملية تنفس الإنسان والحيوان، إذ إنها تكريما لهذه المخلوقات تتنفس النباتات ثاني أوكسيد الكربون السام للكائنات الأخرى وتقوم بالليل بتنفس الأوكسجين المنتشر جدا في طبقة الهواء القريبة لسطح الأرض لكي يكون هناك تبادل طبيعي ما بين هو مفيد للمخلوقات الأخرى بالنهار وما هو مفيد للنباتات بالليل. فسبحانه أحكم الحاكمين ولكنهم (ما قدروا الله حق قدره) ؟
● الجوهرة السابعة : طلب سرعة البينة على أعمالهم الكافرة وعدم اعتبارهم من عذاب وهلاك الأمم السابقة، فمن عنادهم وغبائهم من عدم الحكمة القائلة (الشقي من اتعظ بنفسه والسعيد من اتعظ بغيره) فهل يمكن لعاقل أن ينتظر وصول أية مصيبة أو خطر إلى نفسه أو جسمه أو بيته أو أهله حتى يتعظ ويعتبر ؟ زلا يفهم معنى الخطر الذي أصاب غيره ولم يتعظ به ؟
● الجوهرة الثامنة : التزام الله بنفسه على نفسه تعالى بان يرسل لكل قوم هاد يهديهم إلى الحق والخير وعبادة الله وحده، لكي لا يحتجوا على الله أمام الأمم يوم القيامة بانه لم يصل لهم رسول بالأمر لطاعة الله ووحدانيته لا شريك له، وذلك قبل أن يحل بهم العذاب الذي يستحقونه جراء كفرهم بالدنيا قبل يوم القيامة وهذا أسلوب من أساليب التربية الإلهية لهذا الإنسان بان لا يأخذ احد بجريرة أو ذنب أو خطا وهو جاهل بعقوبة أو بنتيجة هذا الخطأ غير ما يقال في القوانين الوضعية. (القانون لا يحمي المغفلين) فمن رحمته تعالى أن رفع عن هذه الأمة المحمدية الكريمة محبة وتكريما للرسول الحبي محمد صلى الله عليه وسلم : الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فهل من راحم أو رحمن أو رحيم بعد أو قبل الله تعالى بعباده ؟
● الجوهرة التاسعة : (القانون الإلهي) بل جعل للمؤمن حافظات يحفظنه من كل سوء ومكروه لأنه العبد المطيع لسيده وربه، فهو إذا يستحق الحماية والرعاية والحفظ. فمن أطاع الله سخر الله كل شئ ليطيعه ويخدمه وجعل له ناموسا وقانونا الهيا لا يتغير من اجل نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا ولي طائع ولا عاص جاحد فقال تعالى : (إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) فالله تعالى جزم أمرا جازما وقاطعا لا رجعة فيه البتة ولا استثناء ولا واسطة بشرية أو ملائكية بتاتا، فالله تعالى لا يغير حال قوم من البشر التي هم عليها من سعادة ومسرة أو من غيظ ونكد وفقر وبؤس أو من دناءة إلى علو وحالة افضل أو أسوأ إلا إذا قام القوم بتغيير ما في انفسهم سواء كانوا جماعات أو فرادى، فإدا كان في برنامج حياة هؤلاء القوم منكرات أو ترف فليعلموا أن أيامهم التي يعيشونها اليوم ما هي إلا أيام استدراج لهم، فان أعمالهم السيئة سوف تسبب لهم غضب الله وعذابه الذي لا قدرة قادر ولا أموال ملك ولا عقارات ومزارع وحدائق أمراء او وزراء حاشية او بطانة او مهما امتلكوا من قوة صواريخ أرضية وجوية ونووية وعابرة للقارات وكل ما يستطيعون من بوارج وغواصات وغيرها من الأسلحة الحديثة والمتطورة منها التي استعملوها أو التي سوف يجربون استعمالها في الأرض أو البحر أو الجو. ليعلموا انه الله وحده لا شريك له وقد قام الله تعالى من خلال كلمات هذه الجوهرة الكريمة بأصداف الأيات 20-24 بمقارنة عظيمة متسلسلة من اعظم الطاعات والأعمال التي تجلب العبد الطائع لله.
● الجوهرة العاشرة : بيان فضل وعذاب الله في سيول الماء وتمثيله تعالى بان الماء خير وهبة من الله تعالى : (امن جعل ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) ؟ فمن الماء يعيش كل كائن حي (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فالعاقل من الناس كالماء النافع الذي يرسخ في الأرض ويتغلغل في ثنايا جوفها ليشرب منه النبات والمزروعات ويخزن بالأبار والعيون الجوفية ليشرب منه الناس طيلة العام، وبه كذلك تطفأ الحرائق المدمرة .. الخ. والله ينفع به حتى الكافر والجاحد له، لأن الله لا يريد أن يحاسب عباده على رزقه الذي هو أصلا منه فضلا ونعمة في هذه الحياة الدنيا، ولئن الدنيا وما فيها لو كانت تساوي عند الله شربة ماء ما سقى منها الكافر قطرة واحدة. فلا طاعة المؤمنين لله تنفعه ولا عصيان وجحود الكافرين يضره.
وأما الزبد والرغوة الخفيفة على سطح الماء التي تحمل الغثاء وأوساخ سطح الأرض خلال جري السيل فهي خفيفة جدا ولا تخترق الأرض وسرعان ما تتبخر وتذهب إن بقي منها شئ أصلا إلى حيث يصب السيل بالبحر أو كبد الرمال في الصحراء القاحلة وبعيدا عن مساكن ومزارع ومنافع الناس. ومن استجاب للإيمان بالله وطاعته فله الجزاء الحسن بالدنيا والآخرة، ومنها مشاهدة وجه الله تعالى مباشرة بدون حائل بتاتا (وهو اعظم الكرامات والفضائل من الله تعالى بالآخرة لمن عمل عملا صالحا بشرط الإيمان بالله وبرسالة نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدنيا، وهي الزيادة با كرام الله لهم عن كل ما يوجد بالجنة من النعم الأخرى).
● الجوهرة الحادية عشرة : قدرة الله تعالى على سعة الرزق لمن يشاء وتدبيره عن الآخرين وذلك امتحان لكل منهما من الناس بالدنيا فسعة الخير والرزق للمؤمن فضل من الله تعالى، وأما للكافر فهو استدراج وكذلك فالله يهدي من يريد له الهداية في لوح القدر وهو اللوح المحفوظ التي ثبتت بنود مواده القانونية من الله تعالى ولا مبدل لها إلا هو والله كذلك يهدي من يريد أن يهتدي ويتلمس طرق الهداية التي تقربه من الله تعالى كالتوبة الصادقة والندم على فعل كل معصية سابقة قبل ساعة الوفاة ويرجع إلى طريق الحق فسوف يعينه الله ويقربه إليه بأسرع من البرق، بل حتى أن الله ليفرح لتوبة العبد العاصي اكثر من الرجل الذي ضاع بعيره في الصحراء ثم استسلم للموت وغفي غفوة ثم استيقظ فوجد بعيره الذي عليه زاده وطعامه ومائه عليه فأخطأ من شدة الفرح وشكر الله بأسلوب مستعجل فقال : أشكرك يا عبدي فانا ربك ؟ ولكن الله عرف ما كان ينوي أن يقول من داخل قلبه فلم يحاسبه على هذا الكفر البواح لو كان في حالة نفسية وصحية وعقلية سليمة، ومن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فلا شك انه سيتبع الهدى فسيكون له حسن المرجع والمآب وسيأكلون من شجرة (طوبى) بالجنة ثمارها كأعناق البخت (النياق طويلة الأعناق بيضاء الوبر جميلة تسر الناظرين سريعة العدو) وظلها يزيد عن 100 عام لا يقطعه الفارس البارع على فرسه الأصيل التي تسابق الريح بمقياس الدنيا.
● الجوهرة الثانية عشرة : بيان عظمة القرآن الكريم كمعجزة وآية عظمى من الله تعالى، فمن يؤمن بالله وحده لا شريك له وأن القرآن كلام الله المعجز فانه يستطيع أن يسخر الجبال لطاعته ويقطع به المسافات الطويلة على سطح الأرض بدون اعتبار للزمن بتاتا ويكلم به الموتى للتأكد منهم حول صحة وسلامة هذا الدين الإسلامي الحنيف ويتأكد من إجاباتهم له بعد موتهم أن كل ما يدور في خلده وذهنه من أمور حقيقية لا يستطيع أن يستوعبها بعقله الجامد الذي يتبع به آباءه وأجداده الأولين، بل يستطيع أن يكلم به آبائهم الموتى الذين فارقوا الحياة الدنيا ورأوا الحياة الآخرة رأي العين حقيقة الحياة الآخرة وهم لا زالوا في البرزخ، ولكن الله تعالى أمر أمرا خاصا في عدم بتر الكفار بالدنيا دفعة واحدة. لكن ميعاد وموعد عذابهم عند الله وبأمره وحده، فلا بد من عقاب وعذاب كل من كفر به.
● الجوهرة الثالثة عشرة : كشف صورة مادية وحسية من أيام الجنة ووصف أنهارها وطعامها ودوام ظلها الوارف لمن هم كانوا من المتقين بالدنيا والذين كانوا يعرفون انهم في كل زمان ومكان تحت نظر الله تعالى لا يخالفونه أو رسله بشيء بتاتا.
● الجوهرة الرابعة عشرة : كل من يخالف أوامر الله تعالى فسوف يعاقب عقابا شديدا ولو كان نبيا مرسلا أو ملكا مقربا.
● الجوهرة الخامسة عشرة : إن عمل الحسنات لله تعالى يذهب السيئات.
● الجوهرة السادسة عشرة (42-43) : أن المكر سيطيح بصاحبه مهما طال الزمن.
|| د. أحمد محمد أبو عوض : عضو منهل الثقافة التربوية.