من أحدث المقالات المضافة في القسم.

حطم صنمك ﴿2329﴾.

د. أحمد محمد أبو عوض.
عدد المشاركات : 702
1441/02/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات : ﴿﴿2014﴾﴾

وفي أنفسكم أفلا تبصرون : اعرف نفسك.
الحمد لله تعالى القائل في محكم كتابه الكريم : (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) (الذاريات : 21) آية رائعة تدور حولها خبايا أنفسنا وقدراتنا اللامحدودة وهدية الله سبحانه وتعالى لنا وتكريمه لبنى آدم، فقد قال الله تعالي في كتابه العزيز : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء : 70) ففي هذه الآية إجابة لكل يائس لم يتذكر قوته لتركيزه على اليأس.

■ لماذا خلقنا الله ؟ سؤال ربما يأتي في ذهنك (لماذا خلقنا الله ؟).
لقد خلقنا الله في هذه الدنيا لعبادته، قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ .إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات : 56 ـ 57) وقد يخطر ببالك أن الله يحتاج إليك لعبادته، ولكن الله قال بعد "ليعبدون" "ما أريد منهم من رزق"، فلا تتوهم أن الله خلقك لحاجته أن تعبده، لقد خلقك الله لتتعرف عليه ليعبدون تعني لتعرفون، فاحمد لله على أنه خلقك، وقال أحد الحكماء : (خلقنا لنربح عليه لا ليربح علينا).
أنت جئت هذه الدنيا لتعرف من هو الله وتتعرف على أسرار كونه وتعمل لدنياك وأخراك، أنت لا ترى جيداً وأنت مغطى بالتراب ؟!
إذا استمريت على ترديد أفكار سلبية لن تستطيع أن ترى إمكانيتك، ستغفل عنها لذلك قال الله تعالي : (أَفَلا تُبْصِرُونَ)، لأن العقل البشرى لا يستطيع أن يركز إلا على شيء واحد ويجذب بعدها أفكار تشبه تلك الفكرة وأشخاص وأحداث تخليداً لفكرته وذلك تحقيقاً لقانون الجذب.

■ قصة رائعة :
كان الصينيون يريدون أن يبنون تمثالاً ضخماً وزنه 20 طن من الذهب ولكن كان هناك نوعاً من الهنود يذهبون إلى أي بلد ويقتلون من فيها.
وعندما علم بذلك رهبان المدينة الصينيون، قرروا أن يغطوا هذا التمثال بالطين لتكون حضارة لمن بعدهم، فقتل الهنود أهل هذا المكان ووجدوا التمثال مغطى بالطين فتركوه، ظل هذا التمثال في المدينة ما يقرب من 150 سنة، وفي يوم شديد المطر أراد أحد الكهنة أن ينزله حتى لا يكسر فشرخ التمثال فذهب الكاهن ومعه بطارية ووجهها على الشرخ فوجد انعكاس فقال الطين لا ينعكس، فكسر التمثال حتى وصل إلى التمثال الذهب. التمثال الذهب موجود منذ زمن ولكن الطين غطاه أنساه نفسه أقنعه أنه طين مع إنه في الأصل ذهب ذو لون جميل.
لا تجعل أحد طقك بالطين دون إرادتك. تعلم من هذه القصة أنك تمتلك روعة داخلية وإمكانيات ولكنها تُهدر بسبب تغطيتنا لها بالتراب (أنا فاشل - أنا كسلان - أنا لا أنجح).
الآن ابدأ بتكسير الطين لترى التمثال الذهب وتشعر به وتستغل طاقتك وحذاري أن تكتشف ذلك بعد أن يدفن معك كنزك وتمثالك الذهب ويأخذ الله منك أمانته أو تعجز فاغتنم الآن وأنت في صحتك.

■ تهدر طاقتك ولا تعرف قيمتها !
في عام 1948 كان علماء الجيولوجيا يبحثون على الماس في جنوب أفريقيا وكان من بينهم عالم اسمه "يوكى" نزل مع العلماء إلى جنوب أفريقيا، وكان يعمل هذا العالم كل يوم من الصباح حتي المساء. وفي يوم من الأيام وفي أثناء عمله اكتئب هذا العالم وقرر أن يذهب إلي بيته مبكراً، وفي طريقه إلي المنزل وجد طفل صغير معه حجر، فقال له : أعطني إياه وسأعطيك المال، قال له الطفل : لا. لا أعرف ماذا يعنى المال، أريد فقط شكولاتة، فأعطاه الرجل ما طلب وأخذ منه الحجر.
حلل "يوكى" الحجر ما يزيد عن 14 مرة، فاكتشف أنها أكبر ماسة موجودة، ماسة خام عندما تصنع تباع بملايين الدولارات. الولد كان في يده كنز ولا يعرف قيمته، ولو كان يعرف لربما عاش هو وأهل بيته وبلده بالكامل حياة أفضل لأنه لم يعرف قيمة جوهرته باعها رخيصة ! أنت أيضاً تبيع طاقتك رخيصة، تبيعها في النقد للأفكار السلبية للشكوى واللوم وتهدر طاقتك اللا محدودة، تعالى معي لنعرف ماهي إمكانيتك ؟
إن عقلك الذي يزن 2 كليو به 150 مليار خليه عقلية، إذا أردت أن تعدهم ستخسر عمرك في عدهم، عقلك اللاواعي يستوعب 2 مليون معلومة في الثانية، عقلك الواعي يستقبل 7 معلومات في الثانية، عيناك تغلق وتفتح 18 ألف مرة في اليوم، عيناك أيضاً تميز 10 مليون لون في الثانية الواحدة، قلبك يدق 10000 مرة في اليوم بدون أن تفكر، عمودك الفقري يتغير كل ست شهور، الحمض الموجود في المعدة قوي بما فيه الكفاية ليحلل شفرات الحلاقة، غير ذلك حاسة الشم والتذوق واللمس كل ذلك أنت لا أحد غيرك.

■ الله يحبك خلقك بيده، سخر لك السموات والأرض.
سبحان الخلاق العظيم انظر إلى نفسك من روعة ولكن كن مبصر ولا تغطى إمكانيتك بالطين مثلما فعل الصينيون !!

■ أنت من تقرر إما أن تعيش سعيداً أو تعيش تعيساً.
أنت من بيدك أن تقرر إما أن تعيش سعيداً أو تعيساً بالفكرة التي تأتى منك أيها المفكر، فالسعيد يرى كل شيء جميل حتى تحديات الحياة.
السعادة هي شعور لا تنتهى، قال دكتور إبراهيم الفقي رحمه الله (لا يوجد طريق للسعادة لأنها هي الطريق والسعادة هي حب الله عز وجل).
السعادة شيء بداخلك (وفى أنفسكم أفلا تبصرون)، ابحث عنها في التسامح والعطاء. قال دكتور مصطفى محمود رحمه الله (إن عقلكم الباطن هو مفتاحكم السحري للسعادة وراحة البال) في نفسك كل الخير، فيك كل الإمكانيات لا يهمك كلام الناس، بل انتقم منهم بنجاحك وأعفو عنهم بتسامحك.

قبل أن تنام سامح كل الناس ليس لأجل شخص بل لأن الله قال : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران : 134).
عندما تكون على وشك أن تنفجر من الغيظ تذكر ثواب (والكاظمين الغيط) ستكظم غيظك، تذكر ثواب (والعافين عن الناس) سترى أن طاقتك ترتاح، تذكر (والله يحب المحسنين) سيعمل مخك على ترجمتها أنها مكافأة لك وأن الله يحبك وحينها يعمل (مركز المكافأة في المخ) وسينتهى أي غيظ.

ولكن افعل تلك التجربة بتأمل. فإذا عزمت فتوكل الله، إذا قررت تحقيق أهدافك فتوكل على الله لأن الله يحب من يتوكل عليه، لا تخف من الفشل فالخوف من الفشل عدم ثقة في الله، كن واثق. أنت تعتمد على ملك الكون صاحب القوانين، بيده أن يقلب هذه القوانين رأساً علي عقب، وإذا واجهتك مصاعب فاعتصم بالله أكثر (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
يقول بعض السلف أن الله دائما مع الضعيف مثل المريض العاجز والصابر على البلاء، فهو معك أينما كنت، لا تخف فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، إن فشلت في البداية لا تخف من تلك العثرات قل "يا رب يا رب"، وعندما تحقق هدفك لا تنساه واشكره لأنه وعدك بالمزيد (ولئن شكرتم لأزيدنكم).

■ عند اتزان المعادلة .. ستعرف لماذا ؟
يوم القيامة ستعرف لماذا ابتلاك الله ؟ وقتها ستتذكر أنك فعلت ذنب وأراد الله أن يكفره عنك، ولماذا أخد منك أبوك وأنت في صغير عمرك ؟
حينئذ ستتزن المعادلة كل شيء موجود معك الأهل والأحبة، وسيقولون الناس ليتنا ابتلينا مثلك لكى نكون في مكانة أفضل في الجنة.
اعلم أن الدنيا ليست باقيه لأحد، قصيرة جداً ليس لها بروفة، إنها حياة واحدة.
كن متزن روحانياً إنك جئت هذه الدنيا للعمل والعبادة معاً كما ذكرنا سالفاً، فعليك ألا تميل بالعمل عن العبادة والعكس صحيح، حب لله، لا فقط لأجل أن يوصلك للنجاح بل ليحبك، وإذا أحبك أعطاك بسخاء لن تتوقعه، تقرب إليه بركعتين في جوف الليل، لا تنساه ولا تنسى أيضاً تحقيق أهدافك وعندما يغمرك اليأس تذكر (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ).
تذكر إمكانيتك قال دكتور إبراهيم الفقي (أبى الروحي) رحمه الله (قد تنظر الى الماضي تجده مخيباً وتنظر للمستقبل تجده مظلماً ولكن أنظر ما بداخلك وتوكل على الله بحب تام ستجد الماضي مشرقاً والمستقبل مضيئاً).
عمرك لحظة لأنك لا تملك أن تستعيد الماضي ولا تملك المستقبل أنت تملك فقط اللحظة التي تعيش فيها، عشها بحب لله وقدر قيمة حياتك.

■ إذا أنت عرفت نفسك لن تستطيع إلا أن تكون سعيداً.
القاعدة الأساسية هنا هي أن الله عز وجل كما خلقنا مختلفين في الأشكال والألوان فقد خلقنا مختلفين في القدرات والمهارات والميول وطبيعة الشخصية. فقد أبدع أنا في أمور لا تبدع فيها انت وقد أحب أنشطة لا تحبها انت.
هذا لا يعني أن أحدنا أفضل من الآخر. لا أبداً بل هذه هي حكمة الباري سبحانه وتعالى ماذا يعني هذا ؟ هذا يعني أنه يجب أن نفحص أنفسنا جيدا ونتعرف عليها ثم نقرر ما التخصص الذي يناسبنا نحن وليس ما يناسب الوالد أو ابن جارنا ! بل ما يناسبني أنا. وأقصد بأنه يناسب ميولي وما استمتع به ويناسب مهاراتي وقدراتي وما احسن فعله. تذكر انه لا يوجد تخصص جيد وتخصص سيئ. هناك تخصص يناسبني فهو تخصص جيد وتخصص لا يناسبني فهو تخصص غير جيد. ماذا يجب أن أعرف عن نفسي ؟ هناك أشياء كثيرة يجب أن أعرفها عن نفسي. لكن لتوضيح الأمر ولحصره في موضوع اختيار التخصص الجامعي فيجب أن أعرف عن نفسي أمرين مهمين هما : العنصر الأول : الميول يعبر عن الأنشطة التي نحبها ونستمتع بها. يجب أن يلامس التخصص الجامعي ميولك لأنه سيقودك على المهن التي تحب ممارستها وقضاء وقت أطول فيها وهذا شرط أساسي في النجاح والتميز. سنعرض هنا أنواع الميول لدى بني البشر وفق نظرية (جون هولاند) وهي النظرية الأكثر شهرة في هذا المجال وهي ستة مجموعات كالتالي :
• أولاً : مجموعة واقعي (التنفيذيون) : يستمتع الأشخاص في هذه المجموعة بالعمل مع الأشياء والأدوات أو الحيوانات والنباتات. يفضل البعض منهم الآلات الكبيرة والقوية مثل الجرارات بينما يفضل البعض الآخر الآلات الدقيقة مثل المعدات الإلكترونية. يستمتع الأشخاص في هذه المجموعة بممارسة الأنشطة البدنية وإصلاح المعدات والسيارات وإصلاح الأشياء الكهربائية ولعب الرياضة والعمل في الهواء الطلق واستخدام أيديهم في هذه الأنشطة.
• ثانياً : مجموعة بحثي (المفكرون) : يفضل الأشخاص في هذه المجموعة بمناقشة الأفكار والنظريات والانشغال بأعمال فكرية كفهم قضية ما ومسبباتها ونتائجها وإيجاد حل للمشكلات. يفضل أصحاب هذا الميول القراءة وحضور الندوات والمحاضرات والانضمام إلى نوادي الكتاب وزيارة المكتبات. يعطون أهمية كبيرة للمعرفة والملاحظة والتحليل والإنجاز عن طريق التفكير. لاحظ ان اهتمامهم قد ينصب في المجالات العلمية والإنسانية والاجتماعية على حد السواء.
• ثالثاً : مجموعة فني (المبدعون) : يفضل الأشخاص في هذه المجموعة التعبير عن انفسهم بشكل جديد ومبدع. يقومون باقتناص الفرص لإنشاء أشياء جديدة ومبتكرة. في العادة، هم لا يحبون الهياكل الجاهزة أو الامتثال للمعايير، بل يفضلون استخدام مخيلتهم وإبداعهم في الابتكار وخلق الجديد. أصحاب هذا الميول يستمتعون بأنشطة متنوعة مثل : الكتابة والشعر والتصوير الفوتوغرافي والتصميم والإنشاد والتمثيل والرسم وحضور المسارح والمعارض وغير ذلك من النشطة الخلاقة المبدعة.
• رابعاً : مجموعة مقدام (المغامرون) : يستمتع الأشخاص في مجموعة مقدام بقيادة الآخرين وإدارتهم وتنظيمهم وإقناعهم والتأثير عليهم من أجل الوصول نحو تحقيق هدف. يحب من لديه هذا الميول الأنشطة التنافسية كالبيع والترويج والمحادثات والوصول إلى المراتب الرفيعة والتعامل مع الأشخاص المهمين.
• خامساً : مجموعة تقليدي (المنظمون) : يفضل الأشخاص الذين يحملون هذا الميول التعامل مع الأرقام والحسابات وإعداد الميزانيات وترتيب الملفات وكتابة الخطابات الرسمية وحفظ السجلات. من ميزاتهم أنهم يهتمون بالتفاصيل الإدارية من اجل سير العمل بشكل سلس. كما يستمتعون بالتنظيم والعمل مع الأرقام واستخدام الحاسب الآلي.
• سادساً : مجموعة اجتماعي (المساعدون) : يستمتع الأشخاص في هذه المجموعة بالعمل مع الناس من أجل خدمتهم ورعايتهم وإرشادهم وتعليمهم وتدريبهم وعلاجهم. يحبون الانخراط في مجموعات وحل المشكلات بأسلوب العمل الجماعي. الأشخاص في هذه المجموعة كثيراً ما يتم وصفهم بأنهم متعاونين وودودين ومتفاهمين. إنهم يستمتعون بالاهتمام بالآخرين وتقديم العون لهم والعمل التطوعي وإصلاح ذات البين والعمل ضمن مجموعات.

■ هل تود التعرف على قدراتك بدقة ؟
العنصر الثاني : القدرات والذكاءات وهي تعبر عن الأنشطة والأعمال التي نتقنها أفضل من أقراننا. نحن لسنا متشابهين في الأمور التي نحسن ونبدع فيها. عندما تتعرف على الأمور التي تتقنها وتختار تخصصك الجامعي بناءً عليها فستحقق تميزاً وإبداعاً بمشيئة الله تعالى.
|| د. أحمد محمد أبو عوض : عضو منهل الثقافة التربوية.

◂يلتزم منتدى منهل الثقافة التربوية بحفظ حقوق الملكية الفكرية للجهات والأفراد وفق نظام حماية حقوق المؤلف بالمملكة العربية السعودية ولائحته التنفيذية. ونأمل ممن لديه ملاحظة على أي مادة في المنتدى تخالف نظام حقوق الملكية الفكرية مراسلتنا بالنقر على الرابط التالي ◂◂◂ ﴿هنا﴾.