
د. عمر حسين الجفري
عدد المشاركات : ﴿24﴾
التسلسل الزمني : 1436/11/01 (06:01 صباحاً)
عدد القراءات : ﴿3973﴾
الشباب السعودي ورحلة المعاناة مع وظائف القطاع الخاص.
◄ يَتّهم القطاع الخاص الشباب السعودي بعدم جديته للعمل وانضباطه وكثرة الاستئذان والخروج المتكرِّر والغياب وقلة الإنتاجية وليس لديه الرغبة في الوظائف المتاحة لدى الشركات والمؤسسات الخاصة ويبحث عن الراحة والإدارة والمكتب الوثير والتكييف البارد والراتب المرتفع، ولكنّنا نطرح بعضاً من التساؤلات إزاء ذلك : ما نوع الوظائف المتاحة في القطاع الخاص ؟ وهل تلبي رغبات الشباب السعودي وتحقِّق آمالهم وطموحاتهم ؟ وهل تناسب مؤهلاتهم ؟ وما سبب عزوف الشباب عن القطاع الخاص ؟ وما صحّة الاتهامات الموجَّهة ضد الشباب السعودي ؟ ولماذا يفضِّل القطاع الخاص توظيف غير السعودي ؟ ولماذا الشباب السعودي أثبت نجاحه في بعض الشركات الكبيرة وفشل في المؤسسات المتوسطة والصغيرة ؟ ولماذا يعزف الشباب عن الدخول في سوق العمل ؟ وهناك الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهاننا وتجول في خواطرنا ولا زال البحث عن إجاباتها قائماً.
لا شك أنّ الشاب يطمح في الحصول على الوظيفة التي تؤمِّن مستقبله وتحقِّق رغبته وتناسب مؤهلاته وقدراته وعند الاطلاع على إعلانات وظائف القطاع الخاص المنشورة في الصحف وبعض وسائل الإعلام الأخرى نجد أنّها تشتمل على الكثير من الشروط التعجيزية المطلوبة في الشاب الملتحق كالخبرة مثلاً لمدة ثلاث سنوات أو أكثر أو أقل في المجال الشاغر والمعلن عنه والحصول على العديد من الدورات والبرامج المتخصِّصة وإجادة اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة، ولكني حيال ذلك أتساءل كغيري من أين يأتي هذا الشاب المتخرِّج حديثاً من الجامعة أو الكلية أو المؤسسة التعليمية بهذه الخبرات وهذه الدورات والطلاقة في اللغة ألا يكفي أن يكون متخصِّصاً ويحمل المؤهل في المجال المتاح، ولماذا لا تتولّى هذه المؤسسة الخاصة تدريبه وتمكينه من العمل ثم أين هي دور الجهات المسؤولة عن ذلك ؟ ويبدو أنّ الغرض من هذه الإعلانات الدعائية التي تقوم بها الشركات هي من باب ذرّ الرماد في العيون لعلمهم يقيناً وقناعتهم أنّها لا تنطبق على أولئك الشباب ولا يتقدّمون لها فيكون ذلك تبريراً لهم للحصول على تأشيرات استقدام عمالة بأجور رخيصة وغير مؤهّلة وبالتالي يتّخذونها ذريعة وحجة لهم بعدم رغبة الشباب السعودي للوظائف في سوق العمل.
إنّ الشاب السعودي عندما يلتحق بوظيفة في إحدى منشآت القطاع الخاص ربّما أنّ ظروفه تجبره إن كانت لا تلبي رغباته وأقل من مستوى تأهيله لشحّ الفرص الوظيفية وخوفاً من شبح البطالة وضياع سنوات من عمره دون جدوى وتدني المستوى المعيشي له ولأسرته أو من ذوي الدخل المحدود فهذه الفئة من الشباب هم كُثُر ولا شك أنّ الوظيفة أصبحت اليوم حلم لكل شاب فعندما ينخرط في العمل ويبدأ مشواره الوظيفي وقد يمضي فترة بسيطة إلا وتجده يتّخذ قراراً بالبحث عن عمل غيره.
وقد يُقدِّم استقالته أو يترك وظيفته كلياً وهنا نضع علامة استفهام كبيرة لماذا ترك هذا الشاب الوظيفة ؟ وهذه معاناة تطال كثير من الشركات والمؤسسات في عزوف الشباب ونفورهم ولا يستمر في عمله إلا ويغادره فجأة وبإلقاء نظرة على الوضع القائم نجد أنّ فترة الدوام التي يقضيها الشاب طويلة جداً قد تصل إلى عشر ساعات أو أكثر وبعض الشركات يباشر العمل بها فترتين صباحاً ومساءً مما يجعله منفصلاً عن محيطه الاجتماعي متخلِّفاً عن حضور المناسبات واللقاءات بعيداً عن أهله وأسرته ولا يفي بأداء حقوقهم وتلبية احتياجاتهم ورعاية أبناءه إن كان له أبناء أو زوجة وقد تنشأ قضية اجتماعية نتيجة لذلك وهي مشكلة الخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق والانفصال نظراً لقصور الزوج في واجباته المنزلية وهو مجبراً على ذلك ولا لوم عليه بسبب الإرهاق الشديد البدني والنفسي بخلاف العامل غير السعودي الذي قد لا يكون لديه ارتباطات أسرية واجتماعية، وقد يؤدي ذلك إلى قصور في مستوى إنتاج الشاب السعودي في عمله لعدم توفر الرغبة والدافعية لديه وعدم شعوره بالأمان الوظيفي والاستقرار المهني نظراً لقلّة المرتّب وتدني مستوى الأجور وغياب الحوافز والترقيات إضافة إلى ضغط العمل ومشقته أو صعوبته أحياناً، وقد يصل الحال إلى إجباره واستغلال جهله وقلة حيلته على إبرام عقود عمل (مسيّر الرواتب) ذات رواتب صورية وغير حقيقية أعلى مما يتقاضاه في الواقع، والفصل التعسّفي دون مبررات مقنعة والحسم المستمر من الراتب المتهالك لأي قصور سواءً كان بسبب أو بدون سبب وعدم مراعاة ظروف الموظَّف في حال استئذانه أو إذا أراد الخروج لمراجعة بعض الدوائر الحكومية وإنجاز مصالحه الشخصية أو الطارئة، ومنهم من يبقى سنوات على وظيفته ثابتاً (مجمّداً) دون أي تحسينات أو ترفيعات في الراتب.
وما يعانيه كثير من الشباب من مضايقات وتكليفات أعمال أخرى من رؤساءهم إذا كانوا من جنسيات غير سعودية وربّما يقلِّلوا من جهودهم وكفاءتهم ويثبِّطوا من حماسهم إن كانوا متميزين أو بارعين خوفاً من أن ينافسوهم ويحلّون بديلاً عنهم، والغريب في الأمر أن يكون مديراً لشئون الموظفين غير سعودي في الشركة أو المؤسسة وهو من يتولى تطبيق قرار السعودة ولا ندري كيف يُسمح له بذلك ؟ ومما يلاحظ أنّ هناك من المراكز القيادية والمناصب العليا يشغلها أشخاصاً ليسوا مواطنين برواتب عالية جداً ولا تتطلّب مهارات عمليّة خارقة؛ فلماذا لا يعيّن بها الشباب السعودي من ذوي المؤهلات المتخصِّصة والذين لديهم الكفاءة والقدرة ؟ كما أنّ إجازة نهاية الأسبوع يوم واحد فقط وهي غير كافية في حين الإجازات السنوية تكون غالباً في نطاق محدود جداً وهذا ما جعل الشباب لا يرغبون هذه الوظائف وربّما تكون هذه المعاناة في المشاريع والشركات المحدودة والصغيرة وهي غير قادرة على استيعابهم ومنحهم المقابل الذي يؤمِّن لهم حياة كريمة تساعدهم على الاستقرار الوظيفي، ويبدو أنّ مشروع التوطين قد فشل في هذه الشركات لعدم مقدرتها على الاحتفاظ بموظفيها وتحقيق هدف السعودة، ومما يؤسف حقاً أن تجد مشروع السعودة شعاراً وهمياً واحتيالاً صارخاً بأسماء ليس لها وجود على أرض الواقع ومسجّلة في بعض الجهات المختصة دون علم أصحابها أو مسجّلة صورياً وتتقاضى رواتب دون أن تمارس العمل فعلياً وهذه قد تبرز في المؤسسات المتوسطة والصغيرة بحجة عدم الحاجة لها وإنما فرضت عليها ولا تلام على حرصها في تحقيق مصالحها، وذلك مما يزيد حجم وتفاقم مشكلة البطالة ويضعف اقتصاد الوطن ويضر بالشباب أنفسهم وتكون مدعاة لهم للكسل والتواكل وعدم الجدية وطريقاً للفساد وتعاطي المخدِّرات وممارسة المحرّمات.
إنّ كثيراً من وظائف القطاع الخاص التي ينخرط بها الشباب لا تناسب مؤهلاتهم وطموحاتهم الوظيفية وغير لائقة بهم خصوصاً ذوي المؤهلات الجامعية في حين تهتم كثير من الشركات بالربحية والربحية فقط ولا يهمّها مستقبل الموظّف أو مستقبل الاقتصاد الوطني، ولا يمكن إنكار أنّ هناك فئة من الشباب ولعلّها محدودة ليست جادة للعمل الحقيقي ولم تبذل الأسباب ولا تريد أن تكلِّف نفسها عناء البحث من خلال سوق العمل وترى أن العمل حق مكتسب وهو في انتظارها وأنه سيأتيها وهي قابعة نائمة في منازلها وهذه الفئة ربّما ليست لديها الحاجة الملحّة من الناحية المادية أو أنّهم لا يرغبون إلا في القطاع الحكومي.
وفي المقابل نجد أنّ الشباب السعودي الذين يعملون في الشركات والمؤسسات الكبيرة كشركة أرامكو وسابك والخطوط السعودية والاتصالات والبنوك وغيرها يتقاضون رواتب مجزية وبدلات ومكافآت وعلاوات سنوية وتأمين صحي لهم ولأفراد أسرهم وبدل سكن وترقيات ودورات تطويرية مستمرة وبيئة عمل مريحة وغير ذلك من الحوافز المادية والمعنوية فهذه الفئة من الشباب عُرِف عنها الانتظام والالتزام والمبادرة والجدية والرغبة في العمل وحسن الأداء والإنجاز والقدرة على التفوق والإبداع وحب التطوير رغم كثافة العمل وطول فترة الدوام اليومي ومحدودية الإجازات أحياناً ، وهذا مما يدحض دعوى عدم رغبة وجدّية الشاب السعودي للعمل وقد أثبت جدارته في هذه الشركات، وما ذُكر من أسباب عزوف الشباب عن وظائف القطاع الخاص لهو كفيلٌ بقلّة الإقبال على هذا القطاع، ويظهر أنّ حجر الزاوية يكمن في المردود المادي وضعف الأجور التي لا تفي بمتطلبات واحتياجات أي شاب ولا تمكِّنه من الزواج لإتمام نصف دينه، ولا شك أنّ سوق العمل قد فاض وطفح بالعمالة الوافدة رخيصة الأجر التي اجتاحت جميع المرافق الخدمية في السوق ومنشآت القطاع الخاص وأغلبها لا تمتلك أدنى المهارات الفنية والتأهيل العلمي الأمر الذي شجّع المنشآت الخاصة في تحقيق مصالحها من أرباح طائلة من خلال هذه العمالة على حساب تنامي ظاهرة البطالة التي أسهمت في تدني فرص عمل المواطن السعودي في القطاع الخاص، ولا نقلِّل أبداً من شأن وأهمية إخواننا الكرام من العمالة في بلدنا فهم شركاء معنا في تحقيق تنمية الوطن وبناءه ولهم دور كبير في المساهمة لنهضته ورقيِّه ولا زالت الحاجة لهم قائمة وخصوصاً في بعض المهن والحرف اليدوية كالحدادة والسباكة والنجارة ويبقى المواطن هو الأولى والأحق بفرص العمل المتاحة في وطنه ولا مشاحّة في ذلك كما هو مطلب كل دولة لأبنائها.
وأما عدم رغبة الشباب في دخول مجالات سوق العمل المتوفرة وممارسة المشاريع الصغيرة في بلدهم وبالأخص مجال التجارة كقطاع الخضراوات ومتاجر التموين والمطاعم والقطاعات الخدمية الأخرى ربما خوفاً من الفشل والخسارة وقلّة الخبرة وعدم منحهم الفرصة والثقة، وعدم دعم الجهات المختصّة لهم مادياً ومعنوياً وتمكينهم من مزاولة الأنشطة المختلفة في حين نجد قوة المنافسة غير الشريفة من العمالة المخالفة للأنظمة، ونرى في كل مجال يسيطر عليه عمالة من دولة واحدة لإخراج شباب الوطن من السوق من خلال التحالف والترابط الشديد لبني جلدتهم.
لذا يستوجب الوضع الحالي تكاتف مختلف الجهات الحكومية المختصّة والتعاون المشترك بينها في إيجاد الحلول اللازمة وإتاحة الفرصة للشباب في الاستفادة من مختلف القطاعات الخدمية الخاصة المتاحة وفي شتى مجالات الوطن الربحية، ولعل المقترحات التالية تسهم في تحقيق نوعاً من الآمان الوظيفي لأبنائنا في القطاع الخاص :
1ـ تكثيف حملات وطنية توعوية منظّمة على جميع المستويات والأصعدة تستهدف الشباب لتغيير قناعة وثقافة العمل والنظرة الدونية للمهنة وقيمة العمل الشريف والانخراط في مختلف المجالات المتاحة.
2ـ توجيه الشباب للوظائف المتاحة في منشآت ومؤسسات وشركات القطاع الخاص عن طريق مكاتب العمل والعمّال بالتنسيق مع الغرف التجارية الصناعية في المدن والمحافظات بناءً على المؤهلات والتخصصات والإعلان عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتحقيق هدف السعودة الحقيقية بعيداً عن التلاعب والاحتيال وتفعيل دور الجهات الرقابية لمنع التجاوزات وإعادة صياغة قوانين العمل بما يضمن فعالية تطبيق الأنظمة في المخالفات.
3ـ تتولى الشركات والمؤسسات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة تأهيل وتدريب الشباب وتوظيفهم برواتب لا تقل عن (5000) خمسة آلاف ريال، ومنحهم علاوات سنوية وترقيات وزيادة الإجازة الأسبوعية إلى يومين وشهر في كل سنة وتأمين صحي لهم ولأفراد عائلتهم وبدل سكن لا يقل عن عشرة (10000) آلاف ريال سنوياً، وتقليص مدة ساعات العمل اليومي بألا تتجاوز ثمان ساعات وفي فترة واحدة.
4ـ دعم المشاريع والمنشآت المتوسطة والصغيرة بما يمكِّن توظيف الشباب من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية.
5ـ تمكين الشباب من ممارسة الأنشطة التجارية في سوق العمل بمختلف قطاعاتها ودعمهم مادياً ومعنوياً وتسهيل إجراءات التصاريح اللازمة لذلك، وقيام الجهات الرقابية بحملات تفتيشية للقضاء على مواقع وأوكار تستّر العمالة المتخلِّفة واستئصال شأفة (المافيا التجارية) من جذورها.
6ـ التوسُّع في إنشاء المعاهد الخدميّة التي تقوم على توظيف وتطويع طاقات الشباب المتسرِّب من التعليم العام.
7ـ إيجاد نظاماً واضحاً للعاملين يحدِّد بموجبه توصيف المهام والأعمال المطلوبة في الوظائف الشاغرة وكذلك حقوقهم وواجباتهم.
8ـ تطوير المناهج والبرامج الدراسية والتدريبية في المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية لتتوافق مع متطلبات سوق العمل والتركيز على الجانب التطبيقي (المهاري) في مختلف التخصصات.
ونوجِّه رسالة إلى رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات بأن يتقوا الله تعالى وألا يبخلوا على أوطانهم ومجتمعاتهم فقد أكرمهم الله بالمال وما وصلوا إليه من ثراء ونماء هو من أرض وخيرات أوطانهم فمن الوفاء والواجب الوطني أن يبادروا بسعودة ما لديهم من شواغر ويحسنوا لأبناء وطنهم ويقنعوا بما قسم الله لهم من رزق وألا يكون همّهم الوحيد هو الربح الوفير بأعلى حدٍ وأغلى ثمن، وعليهم أن يتنازلوا قليلاً ويرضوا ولو بالحد الأدنى من هامش الربح من أجل إخوانهم وبني جلدتهم ومنحهم الأجور التي يستحقونها والإجازات التي ينبغي أن يتمتّعوا بها والضمانات التي تحفظ حقوقهم وتوفِّر لهم الأمان الوظيفي، وذلك تعزيزاً لمعاني الانتماء وصدق المواطنة ومساهمة في نهضة اقتصاد أوطانهم وتخليص الأمة من ظاهرة البطالة وأن يخلصوا ذلك طلباً للمثوبة والأجر من الله عز وجلّ كي يبارك الله لهم في أموالهم وذرّياتهم.
ونقول لشباب الوطن عليهم بتقوى الله عزّ وجلّ والصبر والتوكُّل وبذل الأسباب والسعي في أرض الله وألا يستهينوا بأي عمل حر أو مهنة شريفة أو حرفة يدوية ففيها الخير الكثير طالما أنّها لا تغضب الرحمن وتخالف شرعه فلا ضير في ذلك، وعليهم التخلُّص من قاعدة العيب الاجتماعي؛ ولْيَعلموا أنّ بلادهم مطمح لكثير من الناس في دول أخرى فأرضها مباركة وخيرها وافر، وقد كتب الله الرزق لمن سعى كما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام في الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لو أنّكم توكلتم على الله حق توكّله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً)؛ فكم رأينا من شباب بدؤوا من الصفر بأعمال بسيطة صبروا وكافحوا وكابدوا وأخلصوا نيّاتهم مع ربهم ولم يتأفّفوا رغم التحديات التي واجهوها في مسيرتهم العمليّة فقد بذلوا جهوداً كبيرة واكتسبوا خبرات واسعة حتى تحقّقت آمالهم وطموحاتهم ونالوا مطالبهم ووصلوا بفضل المنّان سبحانه إلى مرادهم فصاروا من أصحاب المال والشهرة.
هذا والله من وراء القصد.
|| د. عمر حسين الجفري : عضو منهل الثقافة التربوية.
◄ يَتّهم القطاع الخاص الشباب السعودي بعدم جديته للعمل وانضباطه وكثرة الاستئذان والخروج المتكرِّر والغياب وقلة الإنتاجية وليس لديه الرغبة في الوظائف المتاحة لدى الشركات والمؤسسات الخاصة ويبحث عن الراحة والإدارة والمكتب الوثير والتكييف البارد والراتب المرتفع، ولكنّنا نطرح بعضاً من التساؤلات إزاء ذلك : ما نوع الوظائف المتاحة في القطاع الخاص ؟ وهل تلبي رغبات الشباب السعودي وتحقِّق آمالهم وطموحاتهم ؟ وهل تناسب مؤهلاتهم ؟ وما سبب عزوف الشباب عن القطاع الخاص ؟ وما صحّة الاتهامات الموجَّهة ضد الشباب السعودي ؟ ولماذا يفضِّل القطاع الخاص توظيف غير السعودي ؟ ولماذا الشباب السعودي أثبت نجاحه في بعض الشركات الكبيرة وفشل في المؤسسات المتوسطة والصغيرة ؟ ولماذا يعزف الشباب عن الدخول في سوق العمل ؟ وهناك الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهاننا وتجول في خواطرنا ولا زال البحث عن إجاباتها قائماً.
لا شك أنّ الشاب يطمح في الحصول على الوظيفة التي تؤمِّن مستقبله وتحقِّق رغبته وتناسب مؤهلاته وقدراته وعند الاطلاع على إعلانات وظائف القطاع الخاص المنشورة في الصحف وبعض وسائل الإعلام الأخرى نجد أنّها تشتمل على الكثير من الشروط التعجيزية المطلوبة في الشاب الملتحق كالخبرة مثلاً لمدة ثلاث سنوات أو أكثر أو أقل في المجال الشاغر والمعلن عنه والحصول على العديد من الدورات والبرامج المتخصِّصة وإجادة اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة، ولكني حيال ذلك أتساءل كغيري من أين يأتي هذا الشاب المتخرِّج حديثاً من الجامعة أو الكلية أو المؤسسة التعليمية بهذه الخبرات وهذه الدورات والطلاقة في اللغة ألا يكفي أن يكون متخصِّصاً ويحمل المؤهل في المجال المتاح، ولماذا لا تتولّى هذه المؤسسة الخاصة تدريبه وتمكينه من العمل ثم أين هي دور الجهات المسؤولة عن ذلك ؟ ويبدو أنّ الغرض من هذه الإعلانات الدعائية التي تقوم بها الشركات هي من باب ذرّ الرماد في العيون لعلمهم يقيناً وقناعتهم أنّها لا تنطبق على أولئك الشباب ولا يتقدّمون لها فيكون ذلك تبريراً لهم للحصول على تأشيرات استقدام عمالة بأجور رخيصة وغير مؤهّلة وبالتالي يتّخذونها ذريعة وحجة لهم بعدم رغبة الشباب السعودي للوظائف في سوق العمل.
إنّ الشاب السعودي عندما يلتحق بوظيفة في إحدى منشآت القطاع الخاص ربّما أنّ ظروفه تجبره إن كانت لا تلبي رغباته وأقل من مستوى تأهيله لشحّ الفرص الوظيفية وخوفاً من شبح البطالة وضياع سنوات من عمره دون جدوى وتدني المستوى المعيشي له ولأسرته أو من ذوي الدخل المحدود فهذه الفئة من الشباب هم كُثُر ولا شك أنّ الوظيفة أصبحت اليوم حلم لكل شاب فعندما ينخرط في العمل ويبدأ مشواره الوظيفي وقد يمضي فترة بسيطة إلا وتجده يتّخذ قراراً بالبحث عن عمل غيره.
وقد يُقدِّم استقالته أو يترك وظيفته كلياً وهنا نضع علامة استفهام كبيرة لماذا ترك هذا الشاب الوظيفة ؟ وهذه معاناة تطال كثير من الشركات والمؤسسات في عزوف الشباب ونفورهم ولا يستمر في عمله إلا ويغادره فجأة وبإلقاء نظرة على الوضع القائم نجد أنّ فترة الدوام التي يقضيها الشاب طويلة جداً قد تصل إلى عشر ساعات أو أكثر وبعض الشركات يباشر العمل بها فترتين صباحاً ومساءً مما يجعله منفصلاً عن محيطه الاجتماعي متخلِّفاً عن حضور المناسبات واللقاءات بعيداً عن أهله وأسرته ولا يفي بأداء حقوقهم وتلبية احتياجاتهم ورعاية أبناءه إن كان له أبناء أو زوجة وقد تنشأ قضية اجتماعية نتيجة لذلك وهي مشكلة الخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق والانفصال نظراً لقصور الزوج في واجباته المنزلية وهو مجبراً على ذلك ولا لوم عليه بسبب الإرهاق الشديد البدني والنفسي بخلاف العامل غير السعودي الذي قد لا يكون لديه ارتباطات أسرية واجتماعية، وقد يؤدي ذلك إلى قصور في مستوى إنتاج الشاب السعودي في عمله لعدم توفر الرغبة والدافعية لديه وعدم شعوره بالأمان الوظيفي والاستقرار المهني نظراً لقلّة المرتّب وتدني مستوى الأجور وغياب الحوافز والترقيات إضافة إلى ضغط العمل ومشقته أو صعوبته أحياناً، وقد يصل الحال إلى إجباره واستغلال جهله وقلة حيلته على إبرام عقود عمل (مسيّر الرواتب) ذات رواتب صورية وغير حقيقية أعلى مما يتقاضاه في الواقع، والفصل التعسّفي دون مبررات مقنعة والحسم المستمر من الراتب المتهالك لأي قصور سواءً كان بسبب أو بدون سبب وعدم مراعاة ظروف الموظَّف في حال استئذانه أو إذا أراد الخروج لمراجعة بعض الدوائر الحكومية وإنجاز مصالحه الشخصية أو الطارئة، ومنهم من يبقى سنوات على وظيفته ثابتاً (مجمّداً) دون أي تحسينات أو ترفيعات في الراتب.
وما يعانيه كثير من الشباب من مضايقات وتكليفات أعمال أخرى من رؤساءهم إذا كانوا من جنسيات غير سعودية وربّما يقلِّلوا من جهودهم وكفاءتهم ويثبِّطوا من حماسهم إن كانوا متميزين أو بارعين خوفاً من أن ينافسوهم ويحلّون بديلاً عنهم، والغريب في الأمر أن يكون مديراً لشئون الموظفين غير سعودي في الشركة أو المؤسسة وهو من يتولى تطبيق قرار السعودة ولا ندري كيف يُسمح له بذلك ؟ ومما يلاحظ أنّ هناك من المراكز القيادية والمناصب العليا يشغلها أشخاصاً ليسوا مواطنين برواتب عالية جداً ولا تتطلّب مهارات عمليّة خارقة؛ فلماذا لا يعيّن بها الشباب السعودي من ذوي المؤهلات المتخصِّصة والذين لديهم الكفاءة والقدرة ؟ كما أنّ إجازة نهاية الأسبوع يوم واحد فقط وهي غير كافية في حين الإجازات السنوية تكون غالباً في نطاق محدود جداً وهذا ما جعل الشباب لا يرغبون هذه الوظائف وربّما تكون هذه المعاناة في المشاريع والشركات المحدودة والصغيرة وهي غير قادرة على استيعابهم ومنحهم المقابل الذي يؤمِّن لهم حياة كريمة تساعدهم على الاستقرار الوظيفي، ويبدو أنّ مشروع التوطين قد فشل في هذه الشركات لعدم مقدرتها على الاحتفاظ بموظفيها وتحقيق هدف السعودة، ومما يؤسف حقاً أن تجد مشروع السعودة شعاراً وهمياً واحتيالاً صارخاً بأسماء ليس لها وجود على أرض الواقع ومسجّلة في بعض الجهات المختصة دون علم أصحابها أو مسجّلة صورياً وتتقاضى رواتب دون أن تمارس العمل فعلياً وهذه قد تبرز في المؤسسات المتوسطة والصغيرة بحجة عدم الحاجة لها وإنما فرضت عليها ولا تلام على حرصها في تحقيق مصالحها، وذلك مما يزيد حجم وتفاقم مشكلة البطالة ويضعف اقتصاد الوطن ويضر بالشباب أنفسهم وتكون مدعاة لهم للكسل والتواكل وعدم الجدية وطريقاً للفساد وتعاطي المخدِّرات وممارسة المحرّمات.
إنّ كثيراً من وظائف القطاع الخاص التي ينخرط بها الشباب لا تناسب مؤهلاتهم وطموحاتهم الوظيفية وغير لائقة بهم خصوصاً ذوي المؤهلات الجامعية في حين تهتم كثير من الشركات بالربحية والربحية فقط ولا يهمّها مستقبل الموظّف أو مستقبل الاقتصاد الوطني، ولا يمكن إنكار أنّ هناك فئة من الشباب ولعلّها محدودة ليست جادة للعمل الحقيقي ولم تبذل الأسباب ولا تريد أن تكلِّف نفسها عناء البحث من خلال سوق العمل وترى أن العمل حق مكتسب وهو في انتظارها وأنه سيأتيها وهي قابعة نائمة في منازلها وهذه الفئة ربّما ليست لديها الحاجة الملحّة من الناحية المادية أو أنّهم لا يرغبون إلا في القطاع الحكومي.
وفي المقابل نجد أنّ الشباب السعودي الذين يعملون في الشركات والمؤسسات الكبيرة كشركة أرامكو وسابك والخطوط السعودية والاتصالات والبنوك وغيرها يتقاضون رواتب مجزية وبدلات ومكافآت وعلاوات سنوية وتأمين صحي لهم ولأفراد أسرهم وبدل سكن وترقيات ودورات تطويرية مستمرة وبيئة عمل مريحة وغير ذلك من الحوافز المادية والمعنوية فهذه الفئة من الشباب عُرِف عنها الانتظام والالتزام والمبادرة والجدية والرغبة في العمل وحسن الأداء والإنجاز والقدرة على التفوق والإبداع وحب التطوير رغم كثافة العمل وطول فترة الدوام اليومي ومحدودية الإجازات أحياناً ، وهذا مما يدحض دعوى عدم رغبة وجدّية الشاب السعودي للعمل وقد أثبت جدارته في هذه الشركات، وما ذُكر من أسباب عزوف الشباب عن وظائف القطاع الخاص لهو كفيلٌ بقلّة الإقبال على هذا القطاع، ويظهر أنّ حجر الزاوية يكمن في المردود المادي وضعف الأجور التي لا تفي بمتطلبات واحتياجات أي شاب ولا تمكِّنه من الزواج لإتمام نصف دينه، ولا شك أنّ سوق العمل قد فاض وطفح بالعمالة الوافدة رخيصة الأجر التي اجتاحت جميع المرافق الخدمية في السوق ومنشآت القطاع الخاص وأغلبها لا تمتلك أدنى المهارات الفنية والتأهيل العلمي الأمر الذي شجّع المنشآت الخاصة في تحقيق مصالحها من أرباح طائلة من خلال هذه العمالة على حساب تنامي ظاهرة البطالة التي أسهمت في تدني فرص عمل المواطن السعودي في القطاع الخاص، ولا نقلِّل أبداً من شأن وأهمية إخواننا الكرام من العمالة في بلدنا فهم شركاء معنا في تحقيق تنمية الوطن وبناءه ولهم دور كبير في المساهمة لنهضته ورقيِّه ولا زالت الحاجة لهم قائمة وخصوصاً في بعض المهن والحرف اليدوية كالحدادة والسباكة والنجارة ويبقى المواطن هو الأولى والأحق بفرص العمل المتاحة في وطنه ولا مشاحّة في ذلك كما هو مطلب كل دولة لأبنائها.
وأما عدم رغبة الشباب في دخول مجالات سوق العمل المتوفرة وممارسة المشاريع الصغيرة في بلدهم وبالأخص مجال التجارة كقطاع الخضراوات ومتاجر التموين والمطاعم والقطاعات الخدمية الأخرى ربما خوفاً من الفشل والخسارة وقلّة الخبرة وعدم منحهم الفرصة والثقة، وعدم دعم الجهات المختصّة لهم مادياً ومعنوياً وتمكينهم من مزاولة الأنشطة المختلفة في حين نجد قوة المنافسة غير الشريفة من العمالة المخالفة للأنظمة، ونرى في كل مجال يسيطر عليه عمالة من دولة واحدة لإخراج شباب الوطن من السوق من خلال التحالف والترابط الشديد لبني جلدتهم.
لذا يستوجب الوضع الحالي تكاتف مختلف الجهات الحكومية المختصّة والتعاون المشترك بينها في إيجاد الحلول اللازمة وإتاحة الفرصة للشباب في الاستفادة من مختلف القطاعات الخدمية الخاصة المتاحة وفي شتى مجالات الوطن الربحية، ولعل المقترحات التالية تسهم في تحقيق نوعاً من الآمان الوظيفي لأبنائنا في القطاع الخاص :
1ـ تكثيف حملات وطنية توعوية منظّمة على جميع المستويات والأصعدة تستهدف الشباب لتغيير قناعة وثقافة العمل والنظرة الدونية للمهنة وقيمة العمل الشريف والانخراط في مختلف المجالات المتاحة.
2ـ توجيه الشباب للوظائف المتاحة في منشآت ومؤسسات وشركات القطاع الخاص عن طريق مكاتب العمل والعمّال بالتنسيق مع الغرف التجارية الصناعية في المدن والمحافظات بناءً على المؤهلات والتخصصات والإعلان عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتحقيق هدف السعودة الحقيقية بعيداً عن التلاعب والاحتيال وتفعيل دور الجهات الرقابية لمنع التجاوزات وإعادة صياغة قوانين العمل بما يضمن فعالية تطبيق الأنظمة في المخالفات.
3ـ تتولى الشركات والمؤسسات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة تأهيل وتدريب الشباب وتوظيفهم برواتب لا تقل عن (5000) خمسة آلاف ريال، ومنحهم علاوات سنوية وترقيات وزيادة الإجازة الأسبوعية إلى يومين وشهر في كل سنة وتأمين صحي لهم ولأفراد عائلتهم وبدل سكن لا يقل عن عشرة (10000) آلاف ريال سنوياً، وتقليص مدة ساعات العمل اليومي بألا تتجاوز ثمان ساعات وفي فترة واحدة.
4ـ دعم المشاريع والمنشآت المتوسطة والصغيرة بما يمكِّن توظيف الشباب من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية.
5ـ تمكين الشباب من ممارسة الأنشطة التجارية في سوق العمل بمختلف قطاعاتها ودعمهم مادياً ومعنوياً وتسهيل إجراءات التصاريح اللازمة لذلك، وقيام الجهات الرقابية بحملات تفتيشية للقضاء على مواقع وأوكار تستّر العمالة المتخلِّفة واستئصال شأفة (المافيا التجارية) من جذورها.
6ـ التوسُّع في إنشاء المعاهد الخدميّة التي تقوم على توظيف وتطويع طاقات الشباب المتسرِّب من التعليم العام.
7ـ إيجاد نظاماً واضحاً للعاملين يحدِّد بموجبه توصيف المهام والأعمال المطلوبة في الوظائف الشاغرة وكذلك حقوقهم وواجباتهم.
8ـ تطوير المناهج والبرامج الدراسية والتدريبية في المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية لتتوافق مع متطلبات سوق العمل والتركيز على الجانب التطبيقي (المهاري) في مختلف التخصصات.
ونوجِّه رسالة إلى رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات بأن يتقوا الله تعالى وألا يبخلوا على أوطانهم ومجتمعاتهم فقد أكرمهم الله بالمال وما وصلوا إليه من ثراء ونماء هو من أرض وخيرات أوطانهم فمن الوفاء والواجب الوطني أن يبادروا بسعودة ما لديهم من شواغر ويحسنوا لأبناء وطنهم ويقنعوا بما قسم الله لهم من رزق وألا يكون همّهم الوحيد هو الربح الوفير بأعلى حدٍ وأغلى ثمن، وعليهم أن يتنازلوا قليلاً ويرضوا ولو بالحد الأدنى من هامش الربح من أجل إخوانهم وبني جلدتهم ومنحهم الأجور التي يستحقونها والإجازات التي ينبغي أن يتمتّعوا بها والضمانات التي تحفظ حقوقهم وتوفِّر لهم الأمان الوظيفي، وذلك تعزيزاً لمعاني الانتماء وصدق المواطنة ومساهمة في نهضة اقتصاد أوطانهم وتخليص الأمة من ظاهرة البطالة وأن يخلصوا ذلك طلباً للمثوبة والأجر من الله عز وجلّ كي يبارك الله لهم في أموالهم وذرّياتهم.
ونقول لشباب الوطن عليهم بتقوى الله عزّ وجلّ والصبر والتوكُّل وبذل الأسباب والسعي في أرض الله وألا يستهينوا بأي عمل حر أو مهنة شريفة أو حرفة يدوية ففيها الخير الكثير طالما أنّها لا تغضب الرحمن وتخالف شرعه فلا ضير في ذلك، وعليهم التخلُّص من قاعدة العيب الاجتماعي؛ ولْيَعلموا أنّ بلادهم مطمح لكثير من الناس في دول أخرى فأرضها مباركة وخيرها وافر، وقد كتب الله الرزق لمن سعى كما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام في الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لو أنّكم توكلتم على الله حق توكّله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً)؛ فكم رأينا من شباب بدؤوا من الصفر بأعمال بسيطة صبروا وكافحوا وكابدوا وأخلصوا نيّاتهم مع ربهم ولم يتأفّفوا رغم التحديات التي واجهوها في مسيرتهم العمليّة فقد بذلوا جهوداً كبيرة واكتسبوا خبرات واسعة حتى تحقّقت آمالهم وطموحاتهم ونالوا مطالبهم ووصلوا بفضل المنّان سبحانه إلى مرادهم فصاروا من أصحاب المال والشهرة.
هذا والله من وراء القصد.
|| د. عمر حسين الجفري : عضو منهل الثقافة التربوية.