من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿27177﴾.
عدد المشــاركات : ﴿722﴾.

الاتجاهات النفسية الاجتماعية «2» ــ بحث علمي.
الفصل الثاني : قياس الاتجاهات النفسية.
■ طرق قياس الاتجاهات :
تشير البحوث والدراسات النفسية، إلى وجود طرق عديدة لقياس الاتجاهات النفسية نذكر منها :
أ- طرق تعتمد على التعبير اللفظي للفرد : ويعتبر من أكثر الطرق تقدماً نظراً للاعتماد فيه على الاستفتاءات والحصول على الإجابات لعدد كبير من الأفراد في وقت وجيز.
ب- طرق تعتمد على الملاحظة، أو المراقبة البصرية للسلوك الحركي للفرد : فإن عملية ملاحظة السلوك الحركي للفرد تتطلبي وقتاً طويلاً، وتستدعي تكرار الملاحظة في ظروف مختلفة. من أمثلة ذلك، الحكم على الاتجاه النفسي للفرد عن طريق ملاحظة ذهابه إلى الجامعة أو لتأدية الصلاة، أو ملاحظ الشخص الذي يتردد على نوع معين من المكتبات، أو ملاحظة الركن أو الموضوع الذي يهتم به شخص ما عند قراءته للصحف دائماً، وهكذا.
ج- طرق تعتمد على قياس التعبيرات الانفعالية للفرد : فهي تتمثل في دراسة ردود الشخص الانفعالية على مجموعة من المؤثرات، وهذا الأسلوب لا يصلح للاتجاهات النفسية عند مجموعة كبيرة من الأفراد. ويلاحظ أن قياس الاتجاه يتطلب بناء اختبار خاص أو مقياس خاص لهذا الغرض.

■ الشروط الأساسية التي يجب توافرها في بناء المقاييس :
لا بد أن نشير إلى الشروط الأساسية التي يجب توافرها في بناء المقاييس وهي :
أ) اختيار عبارات المقياس وتركيب العبارة في حد ذاتها يعتبر أساساً ضرورياً، وهذا يعني انتقاء عباراته وتركيبها بطريقة صحيحة ملائمة لنوعية الاتجاه المراد قياسه وتقديره.
ب) تحليل عبارات المقاييس، ويعني ذلك الناحية الكيفية للحكم على صلاحية كل عبارة من عبارات المقياس لتقدير الاتجاه المطلوب قياسه، وبتفسير أوضح، لا بد من معرفة مدى اتفاق كل عبارة مع الهدف العام للاختيار.

■ أساليب القياس :
الطرق المباشرة لقياس الاتجاهات :
1- إيجاد النسبة المئوية للإجابات المؤيدة والمعارضة : هذا الإحصاء للاتجاهات المؤيدة و المعارضة يشبه الدراسات الأولى التي عملت على الرأي العام، ولكن هذه الطريقة أهملت الآن لعدم دقتها، إذا كانت الأسئلة توضع في صور مسرفة في البساطة وكان يترتب عليها إجابات عشوائية إلى حد ما. أما في الأبحاث الحاضرة فهذه الأسئلة التي تتطلب الإجابة بنعم أو لا تضبطها على الأقل أسئلة أخرى.
2- استخدام سلالم الاتجاهات : هناك نوعان رئيسيان من السلالم هما :
● السلالم القبلية : هي كسلم المسافة الاجتماعية لبوجادروس، ويقال عن هذه السلالم إنها سابقة على التجربة لأن الباحث يحدد مقدما ترتيب العبارات المختلفة المتعلقة بالقبول أو الرفض، ولهذا النوع من السلالم عيب هم أن ترتيب العبارات بحسب درجة التغلب يختلف باختلاف الأفراد، فمن الممكن أن لا يتفق الترتيب الذي يقترحه الباحث مع الترتيب الذي يقترحه المختبرون، ولإصلاح هذا العيب انشأ ثرستون السلالم المسماة بالسلالم النفسية الفيزيائية.
● السلالم النفسفيزيائية : تعتمد بصفة عامة على الطرق المستخدمة في الأبحاث النفسفيزيائية، ومن هنا جاء اسمها. ونقطة البداية فيها هي تحديد العتبة ويعمل السلم النفسفيزيائي على مرحلتين :
أ- مرحلة الأولى : هي وضع الاختبار على أساس تجريبي، وذلك بإجراء بحث على العينة محدودة، كيما نحدد بالضبط دلالة الاتجاهات المتضمنة في أسئلة السلم عند الأشخاص الذين نسألهم.
ب- المرحلة الثانية : هي تطبيق السلم بعد ضبطه على هذا مجموعة الأشخاص المقترح اختبارهم.

■ الطرق غير مباشرة للقياس :
1- المقابلة الإكلينيكية.
2- دراسة تواريخ الحياة : فأن دراسة التواريخ الذاتية للحياة دراسة مقارنة يوضح بعض الاتجاهات.
3- استخدام التكتيكات الإسقاطية : من نوع الإدراك الداخلي للموضوع، فقد قدم بروشانسكي لطلاب أمريكيين صور مستخرجة صورا مستخرجة من الصحف، بها مشاهد تتضمن صراعات اجتماعية كالبطالة والإضراب، وبحيث يكون مدلول الموقف ملتبساً، وكان قد قاس مقدما اتجاهاتهم الاجتماعية فظهر أن أوصاف الطلاب للصور الواحدة مختلفة اشد الاختلاف.
4- الطريقة القائمة على دراسة سلوك الشخص في المواقف الواقعية : وغرض هذه الطريقة استبعاد الأخطاء التي قد تنشا من عدم الصراحة عند الأشخاص في إجابتهم الشفوية، ولكن ضبط قياس الاتجاهات عن طريق السلوك مشكلة معقدة، لأنه لا شيء يثبت أن الأفعال أكثر إخلاصا من الأقوال، فان جميع مظاهر الشخصية يمكن اعتبارها حقيقية بمعنى ما. لأنها إن لم تعبر عن الواقع المر فإنها تعبر عما يريد أن يكون.

■ وظيفة الاتجاهات في الحياة النفسية :
1- الحاجة إلى الانتساب لجماعة معينة : فالإنسان يتخذ الأحكام القبلية للجماعة التي ينتسب إليها، بل وأحياناً ما يتخذ الإنسان في ثورته على جماعته الأحكام القبلية المضادة. فظاهرة اتخاذنا لرأي معين لا تتحدد فقط بالقيمة الحقيقية التي ننسبها إلى هذا الرأي بل أيضاً بحاجتنا إلى الانتساب إلى جماعة معينة. وهذه الفكرة فكرة الحاجة إلى الانتساب هي في غاية الأهمية وتتحكم في عديد من الاتجاهات. ففي علم الجريمة مثلا أوضح لاجاش كيف أن المجرم رغم سمعته الاجتماعية السيئة يحس بالحاجة إلى الاندماج في الجماعة، وأن اللغة الخاصة بالجماعات لهي من علامات الانتساب إلى هذه الجماعات، ويمكن هنا دراسة ظاهرة التطابق مع الجماعة.
2- الحاجة إلى الاستمرار في حياتنا والحاجة إلى الملجأ : تساعدنا الاتجاهات على ألا نتخذ سلوكاً جديداً في مواجهة كل تجربة، و على العكس نعجز أمام موقف شبيه شبها خشنا بموقف معين عن أن ندرك ما فيه من نواحي الجدة.
3- الحاجة إلى إعطاء الحوادث معنى ودلالة : وخاصة إبان التغيرات والأزمات والهزائم، إذ تسمح المعتقدات بإعطاء دور جديد للفرد، ومن ثم بإعطاء مغزى للحياة.
4- الحاجة إلى الاحتماء الوجداني والمعرفي من مجهول : مثالا على ذلك اختبار كلينبرج وهو اختبار المسافة الاجتماعية إزاء 32 بلد منها 3 غير موجودة : لقد جمعت اتجاهات مناهضة إزاء هذه البلدان الثلاثة. وعلى ذالك يبدو المجهول باعتباره خطراً وتجيب الاتجاهات إذن على حاجة إلى الاحتماء الوجداني والمعرفي على السواء.

■ مشاكل القياس :
1- مشكلة تنوع الإجابات بتنوع العرض : في بعض الأحيان لا نستطيع أن تحدد الإجابات على السؤال معين بحسب العرض هناك إجابات تكون بنعم لا أو نعم وهناك إجابات تتطلب إجابات اختيارية أو تعبيرية.
2- مشكلة قياس شدة الإجابات : والأمر يتعلق بمقدار الشدة التي بها يتخذ الناس حلولهم، والشدة تساعدنا على تحديد قسمة الإجابات الإيجابية أو السلبية.
3- مشكلة مضمون السؤال : غالباً لا نستطيع للوصول إلى الصيغة الحسنة التي تساعد على فهم الجميع للسؤال بنفس الطريقة.
صعوبة تحقيق الثبات والصحة في الإيجابيات.

■ الخاتمة :
وخلاصة القول أن الاتجاهات النفسية تمثل نظاماً متطوراً والميول السلوكية تنمو في الفرد باستمرار نموه وتطوره، والاتجاهات دائماً تكون تجاه شيء محدد أو موضوع معين، وتمثل تفاعلاً وتشابكاً بين العناصر البيئية المختلفة ولا يستطيع الفرد أن يكون أو ينشئ اتجاه عن شيء معين إلا إذا كان في محيط إدراكه، أي أن الفرد لا يستطيع تكوين اتجاهات حيال أشياء لا يعرفها أو حيال أشخاص لا يتفاعل معهم، وهو (الاتجاه) عبارة عن وجهة نظر يكونها الفرد في محاولته للتأقلم مع البيئة المحيطة به، وأن تفسير السلوك يرتبط جزئياً بالتعرف على اتجاهات الأفراد وتعتبر عمليات القياس عامة، والاتجاه خاصة، عمليات أساسية في ميدان علم النفس الاجتماعي، ويعود ذلك إلى أن عملية القياس تحدد إلى أي مدى يمكن أن يعتمد على صحة النظريات والفروض القائمة. وبذلك يمكن مساعدة الدارس على تعزيز أو رفض بعض النظريات والفروق، وفتح أمامه مجالات أخرى للبحث والتجريب، فالإنسان يميل دائماً إلى التعميم سواء عن طريق الاستقصاء أو التبرير. وفي هذا الميل إلى التعميم يبدو وكأن الاتجاه الذي يتحدث عنه الفرد، إنما هو اتجاه عام وسائد. ولكن عند استخدام الأسلوب العلمي في القياس يثبت عكس ذلك، بل قد يثبت أن مثل هذا الاتجاه ما هو إلا اتجاه فردي أو اتجاه محدود، وبناء على ذلك، فإن معظم الافتراضات أو النظريات التي قامت على غير مثل هذا التعميم، تعتبر على غير أساس. كما أن قياس الاتجاه النفسي كأي عملية من عمليات القياس يساعد على التنبؤ بما يحدث في المجال الاجتماعي للجماعة. وهذا هو أهم هدف تسعى غليه البحوث والدراسات النفسية الاجتماعية. فعن طريق قياس الاتجاه النفسي الاجتماعي يمكن التنبؤ بمدى (حدود) وزمن التغير الاجتماعي المرتقب في أي جماعة من الجماعات. كما يمكن التنبؤ أيضا بإمكانية إدخال عامل جديد إلى حيز التفاعل النفسي الاجتماعي للجماعة. وعليه يمكن القول بأن عملية قياس الاتجاه النفسي، هي إحدى العمليات الهامة التي يجب أن يلم بها كل من يعمل في الميدان الاجتماعي الجماهيري، وخاصة المعلم والاختصاصي الاجتماعي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ قائمة المراجع :
المدخل إلى علم النفس ـ تأليف دكتور صلاح، ط ب 2، 1968 ص : 137-184.
مقدمة لعلم النفس الاجتماعي ـ تأليف الدكتور مصطفى سويف، ط2 ،1966، ص : 329 - عصيفر نجمة.


image الاتجاهات النفسية الاجتماعية «1» ــ بحث علمي.
image الاتجاهات النفسية الاجتماعية «2» ــ بحث علمي.