من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

مجرد كلام ﴿2241﴾.
متعة الفشل ﴿2819﴾.
مفاهيم ملحة ﴿3715﴾.
شذوذ وخلل ﴿5369﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : ضحى مصطفى فتاحي.
إجمالي القراءات : ﴿7974﴾.
عدد المشــاركات : ﴿7﴾.

أنماط (نظم) الذاكرة.
■ يميز الباحثون بين أنواع الذاكرة كالتالي :
1- المسجل (المخزن) المباشر للمعلومات الحسية :
إن هذا النظام من نظم الذاكرة يحتفظ بالمعلومات التي تتلقاها أعضاء الحواس، أما مدة الاحتفاظ بهذه المعلومات فقصيرة جداً حيث تتراوح بين 0.1 - 0.5 من الثانية. ومن الأمثلة على ذلك نذكر ما يلي : أغلق عينيك ثم افتحهما للحظة، ثم أغلقهما، وهكذا فإنك تلاحظ كيف أن الأشياء التي رأيتها تظل واضحة لبعض الوقت ومن ثم تتلاشى ببطء.

2- الذاكرة قصيرة المدى :
وهي نظام الذاكرة الذي يعتمد عليه في سياق حل المسائل، أو في أثناء القيام بأية مهمة مؤلفة من حلقات متتابعة ويتجلى عمل هذا النظام بوضوح عندما يقوم الطالب بتسجيل محاضرة أثناء إلقاء المحاضر لها بعبارة أخرى عندما يتعلق الأمر بالاحتفاظ بنتائج بينية (لفترة مؤقتة) يتم التوصل إليها في أثناء حل مسألة ما، وتعد ضرورية لإكمال حل هذه المسألة.
على سبيل المثال : عندما يُطلب منك استرجاع فوري لمادة كنت قد قرأتها، أو لرقم كنت قد سمعته للتو، أو بعد فترة وجيزة من عرضها، فإن عليك عندئذ أن تعتمد في استرجاعك على نظام للذاكرة يطلق عليه "الذاكرة قصيرة المدى" وهكذا يعد الاحتفاظ برقم هاتف جديد مثالاً للذاكرة قصيرة المدى، بشرط ألا يتجاوز حجم أي من المواد المذكورة (7) عناصر (ميللر Miller 1956) وهذا الرقم (7 ـ 2 أو 7 ـ 2) هو الحجم المتوسط للذاكرة الإنسانية قصيرة المدى، وإن فترة الاحتفاظ بالمعلومات لا تتعدى عشرات الثواني، وفي أحسن الأحوال بضع دقائق.

● في ضوء ما تقدم يبدو واضحاً أن إستراتيجية معالجة المعلومات التي تتبعها الذاكرة قصيرة المدى تقوم على طريقتين هما :
1- طريقة التكرار : وهذا التكرار يبقي المادة في هذا المخزن (مخزن الذاكرة قصيرة المدى) ككل ويحتفظ بها لفترة قصيرة وهناك وظيفة أخرى للتكرار تتصل بالتهيئة والإعداد لانتقال المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى.
2- طريقة التصوير السمعي : حتى لو دخلت المعلومات إلى الذاكرة قصيرة المدى على شكل صور بصرية أو لمسية أو سمعية، فإنها تترجم أو تحول إلى صور سمعية إذا كانت قابلة أو سهلة التحول إلى ذلك ولعل السبب يكمن في أن كل خبرات الإنسان عامة تتحول بطريقة أوتوماتيكية إلى كلام والكلام سر بقاء الخبرة محفوظة إلى الأبد.

3- الذاكرة طويلة المدى :
هناك فرق جوهري بين استرجاع الأحداث التي وقعت للتو، واسترجاع أحداث الماضي البعيد، فالنوع الأول من الأحداث نسترجعه بسهولة وبصورة مباشرة، أما النوع الثاني فهو استرجاع معقد ويتم بصورة بطيئة وباستخدام وسائط مختلفة ولهذا يمكن القول إن الذاكرة طويلة المدى هي أكثر نظم الذاكرة أهمية وأكثرها تعقيداً وذات سعة كبيرة جداً، وبعضهم يقول ذات سعة غير محدودة.
أشار كل من (بياجيه وانهيلدر) في كتابهما المشترك (الذاكرة والذكاء 1968) إلى أن الذاكرة - ويقصد هنا الذاكرة طويلة المدى - تخضع لقوانين التفكير، وأنها تعمل وفق هذه القوانين وهي بدورها تساند التفكير. ذلك لأن كل المعلومات والمهارات الموجودة في أساس القدرات العقلية لدى الإنسان محفوظة في هذه الذاكرة.
وفي هذه الحالة فإن الذاكرة الطويلة تحتوي على قدر هائل من المعلومات وربما كان التنظيم والترتيب وفق معايير متعددة الذي تخضع له المعلومات المختزنة هو الضمانة لبقاء المعلومات بصورة دائمة.
يرى العلماء وجود عدة أنواع للذاكرة طويلة المدى، لكن بعضاً منهم يشير إلى وجود نوعين (تولفينات 1972 Tulving) حيث ميز بين الذاكرة المعنوية وذاكرة الحوادث، إذ لكل منهما مخزن طويل المدى للمعلومات لكنهما يختلفان من زاوية طابع المعلومات التي يحتفظ بها كل منهما.
ففي الذاكرة المعنوية يُحتفظ مثلاً بكل ما نحتاجه من أجل الكلام ولا يشتمل هذا النوع على الكلمات والتراكيب اللغوية والرموز التي تدل عليها وعلى الموضوعات ومعانيها (الأشياء وأسمائها) فقط، وإنما تشتمل كذلك على القواعد التي تُستخدم وفقها مثل قواعد النحو، والصيغ الكيميائية، والخصائص الفيزيائية، وقواعد الجمع والضرب، بعبارة أخرى تحتوي الذاكرة المعنوية على جميع تلك الحقائق التي لا ترتبط بأوقات معينة أو بمكان معين، وإنما تمثل حقائق عامة.
أما ذاكرة الأحداث فتشتمل على المعلومات والأحداث التي رمزت في وقت محدد والكيفية التي كانت عليها عند إدراكها وفي أثناء تعلمها وتذكرها. وهنا نشير إلى احتمال تعرض ذاكرة الأحداث للنسيان أكثر من الذاكرة المعنوية.
الذاكرة طويلة المدى تعمل وفق مبدأ التوقع أو الاحتمال حيث تكتسب الخصائص الاحتمالية للمعلومات أو الإشارات المدخلة إليها أهمية فائقة وهذا يعني أن العامل الهام في التذكر والاحتفاظ والاسترجاع هو المضمون المعلوماتي للإشارات والتقارب المعنوي فيما بينها وبفضل هذه الخصائص تصبح الذاكرة طويلة المدى نظاماً قادراً على تخزين المعلومات وفق طرائق عقلية عالية التنظيم، وعلى الاحتفاظ بكمية غير محدودة منها ولفترة زمنية غير محدودة أيضاً.
image
● النموذج الشبكي للذاكرة الطويلة المدى :
يصف هذا النموذج الذاكرة المعنوية طويلة المدى بأنها شبكة شديدة الاتساع تحتوي على قدر هائل من المفاهيم المتصلة والمتشابكة فيما بينها (براون وماك نيل 1966 Rown, Mc Neill) والتي تجعل من هذه المفاهيم حزماً مترابطة، وهذا الترابط ليس متماثلاً وغير بسيط، إنه متنوع ويجري في مستويات متفاوتة التعقيد ويمثل هذا الاتجاه الربطي الجديد في دراسة الذاكرة (اندرسون وبارو 1973).
إن النموذج الشبكي للذاكرة المعنوية طويلة المدى يقوم على فكرة رئيسية مفادها أن الشبكات الترابطية تمتلك انتظاماً وتماسكاً إلى أقصى حد، ويُتوقع من الموضوعات المتقاربة من الناحية المعنوية أن تترابط بقوة في شبكات الذاكرة طويلة المدى.

● التمييز بين الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى، نذكر أهمها فيما يلي :
1- الذاكرة قصيرة المدى تحتفظ بالمعلومات لمدة قصيرة، بينما تحتفظ الذاكرة طويلة المدى لمدة طويلة بها.
2- الذاكرة قصيرة المدى سمعتها محدودة لا تتعدى (2 ± 7 وحدات) بينما سعة الذاكرة طويلة المدى غير محدودة.
3- المعلومات أثناء وجودها في مخزن الذاكرة طويلة المدى أقل تأثراً بالمدخلات الجديدة من المعلومات المحفوظة في الذاكرة قصيرة المدى، نظراً للتباين الشديد في طريقة معالجة المعلومات من قبل كل منهما.
4- نوع التداخل الذي يسبب النسيان في حالة الذاكرة قصيرة المدى يختلف عن النوع الذي يسبب النسيان في حالة الذاكرة طويلة المدى فالأشياء التي تتداخل في الذاكرة القصيرة هي تلك التي تشابه من الناحية الصوتية، أما التداخل في الذاكرة الطويلة فناجم غالباً عن التشابه القائم على المعنى.
5- الذاكرة قصيرة المدى تسترجع المعلومات متبعة طريقة الفحص المتتابع بينما تسترجع الذاكرة طويلة المدى مستخدمة طريقة التقابل.
6- يختلف نمطا الذاكرة (القصيرة والطويلة) فيما بينهما من حيث الآليات التي تعمل في حالة كل منهما.
◄ المراجع : منصور, علي ــ التعلم ونظرياته ـ مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، منشورات جامعة تشرين، اللاذقية، 1421هـ - 2001م.

image العلوم التربوية : (الدوافع ــ الدافعية ــ الذاكرة).