من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿2357﴾.
عدد المشــاركات : ﴿723﴾.

نظرات وأسرار من سورة قريش.
■ إليك أخي الكريم (رعاك الله تعالى) :
تفسير موجز لهذه السورة الكريمة، وذلك برواية حفص عن عاصم المشهورة بمعظم دول العالم العربي والإسلامي. حيث أن هناك قراءات أخرى بالكلمة الأولى فقط مثل ابن عامر وأبو جعفر وأيضا بإملاء نفس الكلمة عند أبي جعفر عن الآخرين حيث أنه ورد كما يلي (إِلافهم) وكما لاحظ أيضا (ورش) بسكون الياء (من كتاب القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرة / الشيخ محمد كريم راجح).
● قال الله تعالى : {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ • إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} :
والإيلاف بمعنى الجمع والضَّم، ويراد به التجارة التي كانوا يقومون بها مرَّةً في الشتاء، ومرَّةً في الصيف، أما في الشتاء فيتَّجهون نحو اليمن للمحصولات الزراعية فيه، ولأن الجوَّ مناسب، وأما في الصيف فيتَّجهون إلى الشام، لأن غالب تجارة الفواكه وغيرها تكون في هذا الوقت في الصيف مع مناسبة الجوِّ البارد، فهي نعمة من الله سبحانه وتعالى على قريش في هاتين الرحلتين ؛ لأنه يحصل منها فوائد كثيرة ومكاسب كبيرة من هذه التجارة، نظرا لفارق السعر بين رأسمال البضاعة وسعر بيعها.

● أمرهم الله أن يعبدوا ربَّ هذا البيت؛ قال {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} شكراً على هذه النعمة، والفاء هذه إما أن تكون فاء السَّببية، أي : فبسبب هاتين الرحلتين ليعبدوا ربَّ هذا البيت، أو أن تكون فاء التفريع، وأيًّا كان فهي مبنيَّة على ما سبق، أي فبهذه النعم العظيمة يجب عليهم أن يعبدوا الله.
والعبادة هي التذلل لله عز وجل محبَّةً وتعظيماً، أن يتعبَّد الإنسان لله يتذلل له بالسمع والطاعة فإذا بلغه عن الله ورسوله أمر قال : سمعنا وأطعنا. وإذا بلغه خبرٌ قال : سمِعنا وآمنَّا. على وجه المحبة والتعظيم ؛ فبالمحبَّة يقوم الإنسان بفعل الأوامر، وبالتعظيم يترك النواهي خوفاً من هذا العظيم عز وجل، هذا معنى من معاني العبادة وتطلق العبادة على نفس المُتَعبَّد به، وقد حدَّها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بهذا المعنى فقال : (إن العبادة اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة).
●وقوله {رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} يعني به الكعبة المعظمة.

● {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} :
بيَّن الله نعمته عليهم، النعمة الظاهرة والباطنة، فإطعامهم من الجوع وقاية من الهلاك في أمر باطن، وهو الطَّعام الذي يأكلونه، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} وقاية من الخوف في الأمر الظاهر ؛ لأن الخوف ظاهر، إذا كانت البلاد محوطةً بالعدوِّ، وخاف أهلها وامتنعوا عن الخروج، وبقوا في ملاجئهم، فذكرهم الله بهذه النعمة
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} آمن مكان في الأرض هو مكَّة، ولذلك لا يقطع شجرها، ولا يحش حشيشها، ولا تلتقط ساقطتها، ولا يصاد صيدها، ولا يسفك فيها دمٌ، وهذه خصائص لا توجد في البلاد الأخرى حتى المدينة محرمة ولها حرَمٌ لكن حرمها دون حرم مكة بكثير، حرم مكة لا يمكن أن يأتيه أحدٌ من المسلمين لم يأتها ولا مرة إلا محرماً، والمدينة ليست كذلك، حرم مكة يحرم حشيشه وشجره مطلقاً وأما حرم المدينة فرُخِّص في بعض شجره للحرث ونحوه، صيد مكَّة حرامٌ وفيه الجزاء، وصيد المدينة ليس فيه الجزاء، فأعظم مكان آمن هو مكة، حتى الأشجار آمنة فيه وحتى الصيد آمن فيه، ولولا أن الله تعالى يسَّر على عباده لكان حَتَّى البهائم التي ليست صيدا تُحرَّم، لكن الله تعالى رَحِم العباد وأذِن لهم أن يذبحوا وينحروا في هذا المكان ويقول ابن عباس في تفسيره : آمنهم من خوف العدو يدخل عليهم أو من خوف النجاشي ملك الحبشة. وأيضا امنهم من خوف جوع سبع سنين متوالية.
◄ منتقى من تفسير جزء عم. (بتصرف خاص) ــ للشيخ العثيمين ــ رحمه الله تعالى.