من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : ساره العطاوي.
إجمالي القراءات : ﴿4547﴾.
عدد المشــاركات : ﴿6﴾.

عجيبة سنة الدنيا تسلينا تبكينا مقاديراً قضت في اللوح.
■ كم هي الحياة غريبة لمن لا يعرفها حين نغرق في بحورها، وكم هي مخادعة نجري خلفها ونحن نعلم أن القبور تسابقنا مع العمر، بل كم ارتكبنا من الأخطاء في حق الآخرين ونسينا الكُتاب الحافظين يمنة ويسرة، وكم تلونت النيات بلون النفاق والتقنع بزي الدين ونسوا غضب الملك الجبار، تعددت الأفعال والحياة واحدة، تعددت الأسباب والموت واحد، تعددت الأباطيل والحق ظاهر.
فالحياة مشروع تجاري خسر فيه الملايين ولم يتعظوا ما زلوا يتلذذون بخسائرها، نعم خسروا الآخرة بأفعال من أختيارهم وانتجاهم وأخراجهم !
خسروا بتأجيلهم الصلاة وتناسوا الوعيد الشديد : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون : 5).
خسروا بتسويف النوافل والطاعات ولم يتدبروا النصيحة الربانية في محكم أياته : (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا) (الكهف : 35).
خسروا حين ما كثر القيل والقال والكذب والبهتان ولم يردعهم قوله : (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (النساء : 112).
خسروا حين أصبحت الرعونة والمهاترات ديدنهم.
خسروا حين ما ضيعت عواطفهم العدل والصدق والإخلاص وتجاهلوا أمر منْ فوق سبع سموات : (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء : 58).
خسروا حين تجاوزوا حدود الله باسم الأخوة وتجاهلوا قول المصطفى : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
خسروا حين ضيعوا الدين بنفاق ألسنتهم ولم يذكروا حديث الرسول : (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ).
خسروا حين ارتفعت أصواتهم للوالدين ونسوا قوله جل في علاه : (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ۝ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (الإسراء : 23- 24).
خسروا حين يرون البلاء يومياً وكيف انعم عليهم بالستر ولم يتعظوا بقوله جل في علاه : (إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء : 58).
خسروا حين لم يصفحوا ويعفوا ولم يتذكروا قوله جل في علاه : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (النور : 22).
خسروا عندما ضيعت الأمانات وهتكت الأعراض وغفلوا عن قوله جل في علاه : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء : 58).
خسروا وخسروا وخسروا ! كيف للإنسان أن يدافع عن حياة كلها خسائر ؟ ولم يغتنم أرباحها الأخروية، الطاعة ربح تخلوا عنها، الاستغفار، ربح تخلوا عنه الأخلاق الحميدة ربح تخلوا عنها، المكارم ربح تخلوا عنها، الصفح والعفو ربح تخلوا عنه، الزهد والورع ربح تخلوا عنه، ملازمة المساجد ربح تخلوا عنه، مجالسة علماء الإسلام ربح تخلوا عنه بالتأفف.
فإذ ضيعنا قيمنا الإسلامية تباً لنا أأصبحت حياتنا أشبه بالبهائم بل وهبنا الله العقول فتوقفت جهودنا عند الانتقام والترفيه والحسد والحقد والمأكل والمشرب والغفوة ونسينا من تقشعر لها الأبدان وتشخص له الأبصار وترتجف له القلوب وتشيب له الولدان.
كيف قست قلوباً ونحن نعلم علم اليقين ماذا سيحدث في القبور ؟ هل أستعدينا لجواب منكر ونكير ؟ هل ضمنا أعمالنا ؟ ماذا خلفنا بعدنا ؟ صالحاً أم طالحاً ! بل ماذا ارتكبنا في حق الله من المعاصي ؟ هل ستغفر الذنوب ؟

■ جميع هذه الأسئلة حتماً سنعلم جوابها حين ما تغطي الأكفان أجسادنا ونوضع في ضيق اللحود !