من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عبدالله علي الخريف.
إجمالي القراءات : ﴿3553﴾.
عدد المشــاركات : ﴿27﴾.

الليبرالية السعودية .. عيّا أبوها !
■ يقول المثل الشعبي : (يوم بغت ترزق عيا أبوها) في إشارة لتعثر الحظ الدائم، وأنه كلما اقترب وميض النجاح لا يلبث أن يتلاشى وكأن شيئا لم يكن.
قناعتي الشخصية منذ أمد أنه لا يوجد ليبرالي سعودي واحد, حتى لو اضطررنا لاستخدام الـ DNA أو ما يعرف بالحمض النووي ! كل الأطياف التي هنا وتدعي أنها تعتنق الليبرالية ما هي إلا صيحات شهوانية جوفاء لا تفرق بين المطبق والليبرالية إلا بالجملة.
عموماً، لنفترض أن بيننا بعض الليبراليين الذين انحرفت عقولهم بعد تفكير عميق واعتنقت هذه الفكرة وأصبحوا بحق من المفكرين الذين لهم ثقلهم دون أن تكون الأهواء المجردة والنزغات الطارئة حاضرة, ولنفترض أن كل تلك المقالات والكتابات والتنظير والحشد عبر تسويد أوراق الصحف الورقية أن كل ذلك خرج بالفعل من تحت عباءة تسبح أطرافها في مياه الليبرالية العالمية ذات العروق !

■ ما الذي يحصل في المشهد !
الواقع وخلال الثلاثين سنة الماضية أنهم من خيبة إلى خيبة، وأن كبيرهم الذي علمهم منذ اللحظة الأولى فنون البحث عن قناع الليبرالية هو الآخر قضى متعثراً لدرجة أنه غازل أعداءه في ضعف قبيل النفاد !
كلما كادت أوراق شتلات الليبرالية المتهدلة تنتصب وتبحث عن الهواء فإن قارعة جديدة تجتثها كنبتة ملتصقة بالجال من بذرة طفحت فوق ماء عابر ! وإني وإن كنت هنا ولا غرو من الشامتين إلا أنني لا أخفي شعوراً آخر يحمل بعض الشفقة العامة التي تصيبك حين ترى أن العقاب أنهك المجرم كثيراً كثيراً، لم يفلح هؤلاء الذين أنفقوا أعمارهم وأقلامهم سنون طويلة في حشد كل ما يقدرون على حشده من وسائل وقوى في الوصول إلى نتيجة واحدة مما يخططون له، ومع أن أعداءهم التقليدين كثيراً ما وقفوا لهم بالمرصاد, وحاربوهم ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً إلا أن مما يثير العجب أن كل الهزائم والنكسات لليبرالية السعودية على مر عقود لم تكن بسبب أعداء الليبرالية من الإسلاميين أو غيرهم بل إنني سأزعم واثقاً أن كل تلك النكسات والهزائم كانت تأتيهم حتف أنوفهم هكذا كمن يمشي آمنا في طريق واسع ممتد ثم يفاجأ بلوح خشبي (مربوع) يسقط فوق رأسه بقوة, ليكتشف حين خروجه من العناية المركزة أن عاملا في مبنى جديد مجاور رمى من نافذة في الأعلى بالخشبة أثناء تنظيف العمارة السكنية الجديدة !
هكذا وبدون مقدمات تذهب كل الجهود هباء منثوراً, وبدون منة من أحد, ودون أن يزعم أحد المنظرين أو الحاشدين أنه هو الذي أوجع الليبرالية وأنهك سعيها !
كما لا أعتقد أن الربع يعبثون, وأنهم يفعلون خلال كل تلك السنوات أكل الفصفص والفوضى، حاشاهم بل إنهم يمكرون ويخططون ويجتهدون ولكنّ الأمر سريعاً ما يتلاشى كرائحة كريهة من المكان حين تفتح النافذة ! الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أضيفه لهم هنا هو روح التجدد والمحاولة والتكرار كقصة النملة التي دوخنا بها المربون في سنين غابرة !
ومع أنني أميل إلى أن بلادة الطبع, وسطوة الشهوة, وغلبة الهوى, وتخانه العقول وراء ذلك كله, إلا أنني لا أملك إلا أن أرفع لهم طاقيتي ذات الثقوب جراء صبرهم النابع من ذات الصفات الحمارية السائدة ولعمر الحق إن أبا صابر لحري أن ينجب أصحاب الرؤوس الكبيرة والأكتاف المستديرة !
ضحكت من قلب بعد طول غيبة لهكذا ضحك, حين تابعت خيبة الأمل, وضياع نسج الشباك لأوقات طويلة, بشكل لم يدر بخلد أحدهم أن ذلك من الممكن أن يحدث أو ظن أن الأمر سيكون مشتتا بل ناسفا دون مقدمات, بل في ساعة كان ينتظر أنها لحظة القطاف وبلوغ قمة النفق !
المبهر كذلك أن هذا الفشل الذريع وهذه الخيبات المتوالية تحدث على كافة المستويات وفوق كل صعيد : فلا أصحاب النفوذ والقرار منحوا الليبراليين المقلدين ما يريدون, ولا المجتمع بكافة مستوياته قبلهم وفتح لهم حتى الشباك الصغير الذي يدعى (هواية) !

وبذلك وبناء على كل الحيثيات السابقة, وبناء على كل ما نتوقعه بمشيئة الله في قادم الأيام فإنني ومن خلال هذه الكلمات أدعو كافة لابسي عباءة الليبرالية البالية في هذا الوطن الشامخ أن يتوقفوا تماماً عن المزيد من ضخ الجهود بيننا, كما لا يفوتني أن أشكر كل المرابيع والأحذية وجذوع النخل والسقوف المنهارة وغرف التفتيش التي انسلخت في جوف الأرض بهم فجأة وقرون الثيران المفاجئة وكل الأدوات التي أسهمت دون تخطيط في نفخ وسحق ونفش جهود الليبرالية السعودية وبعثرة أوراقها على ما قدمته لهذه الأرض الطيبة، والسلام.