من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : زهير محمد مليباري.
إجمالي القراءات : ﴿5495﴾.
عدد المشــاركات : ﴿15﴾.

الحداثة والحداثيون في الفن التشكيلي ــ نشرة ثقافية.
■ يشوه ويشوش الحداثيون في الفن التشكيلي بشطحاتهم وشخبطاتهم فكر وثقافة الأمة ببعض الأساليب الجوفاء التي تمت إلي الفنون الإنسانية بصلة ولا إلى الذوق بقيمة بل تلعب دوراَ في هدم وتدمير واستهزاء لكل القيم المقبولة والذوق المتعارف عليه من عادات وتقاليد أخلاق وشرف وجمال، وقلب الأسس المقننة والقواعد الفنية والنظم التقليدية رأساَ على عقب، وباتت المتعة التي توفرها معظم أعمال التيارات الفنية تخلو وتنسلخ من كل ذي صلة بالضوابط الكلاسيكية أو الأيدلوجية الفكرية.
ثمة قيمة جديدة ينشدها الفنان المعاصر من خلف هذه الشطحات اللونية أو الانطلاقات الخطية التي دخلت على أجواء الفن التشكيلي مع أوائل القرن التاسع عشر ميلادي، تشجع أهل الفن على عمل لوحات فنية تبدو للوهلة الأولى أنها من الشخبطات اللاإرادية وتكمن هذه القيمة في الجراءة الكبيرة في التعامل مع المعطيات الفنية من أدوات وأصباغ وعناصر تشكيلية بكل تحرر أو بدون قيد للفنان لإظهار بعد فني جديد لدى الفنان وإخراجه من صرامة القواعد والأسس الأكاديمية التقليدية، إلى رحاب أوسع ومجال أفضل للتعبير من الأحاسيس والمشاعر التي يشترك بها عم سائر مجتمعه وأناسه وأمته، فتأتي الأعمال لها عمق فني وبعد اجتماعي ولمسة جمالية جديد يتقبلها النقاد ويستشعرها المتلقي لأنها نابعة عن تجربة كبيرة وممارسة طويلة دون إحساس بالاستهتارية أو الاشمئزاز ولكن هناك فئة دخلاء على عالم الفن يحطون من قدره ويقللون من شأنه فيكيلون بالمغاريف والجرادل والأباريق كل غث وقبيح دون وعي منهم بأصول الصنعة أو حبكة الفكرة، ساعدهم في هذا بعض صالات العرض العالمية التي ظهرت تشجع باسم الجراءة لكل ما هو جديد وفريد ويوهم بالدهشة والاستغراب وملفت للنظر والإبصار غرضهم من هذا وفي المقام الأول الإجهاز على الزبائن المتبقين للمعارض الفنية فباسم العصر ورتمه السريع يجعلك تفعل ما تريد من قبح وشخبطة وخروج على المألوف دونما قيد أو شرط.
وجاءت الطامة الكبرى عندما أتعتنق بعض الفنانين المرموقين من أصحاب الإبداع الفني والأعمال الفريدة التعبير وتبني هذه الأوضاع واشمئزازهم من كل المفاهيم الحديثة السائدة، فأطلقوا رصاصة الرحمة على ما كان قد تبقى من جمال في الفن وعلى النظرة القديمة ككل، محاولين إرساء قواعد جديدة ودخيلة على عالم الجمال والأعمال الفنية بوضع أساسين ينطلقون منه لعالمهم الجديد وهما :
1 ـ ألا يكون هذا الفن قابلاَ للبيع والشراء.
2 ـ أن يحمل طابعاَ استفزازياَ وأن يكون تعبيراَ عن النقمة والاشمئزاز، بدلاَ من أن يحمل جمالاَ أو تعبيراَ عن أماني وتطلعات.

فقام أحد الفنانين المتزعمين لهذه الأسس ويدعى بيارو مانزوني إيطالي الجنسية بتعليب فضلاته ضمن علب معدنية، تماماَ كتلك المستعملة في تعليب المواد الغذائية، وأضاف إليها التعليمات الضرورية (!) الآتية (فضلات فنان ـ المحتوى الصافي 30 غرام محفوظة بشكل طبيعي) وفي مكان آخر تحمل كل علبة توقيع الفنان ورقمها خشية التزوير.

هذا غيض من فيض فهناك الكثير من التجاوزات تأخذ في معظم الأحيان منحنى نفسي وشعوري لدى الفنان في التعبير عن مكنونان دخيلة يحس ويشعر بها فتنقل لها قرائحه وتندفع أحاسيسه بعبثية ينقلها إلي الواقع بأثر فرشاته قاصداَ تلطيخ الجمال أو يخدش بأزميله صور القواعد الأكاديمية المقننة في بحث عن ذاتية أنانية خاصة به، داعياَ بها مذهباَ أو مدرسة فنية ليس لها أي ضوابط أو شروط فقط جملة (عبر عن ما تجود به حواسك الحيوانية).

هذا ما جلبته الحداثة إلى الفن التشكيلي من بعد عن الجمال ومن شعار ترفعه دوماَ (أن الفن للفن) والذي يتمثل في عدم وجود وظيفة للفن أو غاية من صنع الجمال.
أن الحداثة مولود غير طبيعي وأنه ولد مشوهاَ وأنها موجة فاسدة امتطاها البعض لسهولة ركوبها بلا ضوابط ولا روابط، بل تحلل من القيم والمبادئ، واتجاه خطير وأيدلوجيات يرفضها كل غيور على دينه وأمته. أن وظيفة الفن هي صنع الجمال وحين يبتعد الفن عن هذه المهمة فأنه حينئذ لا يسمى فناَ لتخليه عن عمله الأصيل، فيصبح إما مهارة حبكة أو شيئ آخر غير فن.