من أحدث المقالات المضافة في القسم.

أحمد عبدالرحمن الحرنده عدد المشاركات : ﴿13﴾ التسلسل الزمني : 1440/03/01 (06:01 صباحاً) عدد القراءات : ﴿5296﴾

ليس كما يظن الآخرون : الرسم وسيلة للتواصل ــ حقيقة علمية.
نمتلك نحن البشر وسائل مختلفة للتعبير عن مشاعرنا وانفعالاتنا وحاجاتنا، وغالباً ما يكون ذلك عند الراشدين بالطرق اللفظية الشفوية الصريحة، إضافة إلى طرق غير مباشرة قد يتم تحويلها لاشعورياً من شكل إلى آخر، إلا أن طريقة التعبير عن هذه المشاعر والانفعالات قد تبدو مختلفة عند الأطفال خاصة الذين لا تؤهلهم قدراتهم اللغوية على التعبير الدقيق عما يشعرون ويرغبون في تحقيقه من حاجات، وحتى لو امتلك بعض الأطفال اللغة السليمة للتعبير إلا أن هناك الكثير من الأمور التي تمنعهم من التعبير الصريح عنها نظراً للقيود الاجتماعية المفروضة عليهم من الكبار.
لذلك كان الفن والرسم والتلوين في مراحل الطفولة المبكرة وسيلة فعالة لفهم مكنونات الأطفال ودوافعهم ومشاعرهم، حيث يفرغون على الورق ما يجول بداخلهم، ويرسمون أحلامهم وأمنياتهم، ومستقبلهم الذي يريدون، وبالتالي تحقيق التواصل معهم.

■ تواصل غير لفظي :
يعد الرسم عملاً فنياً تعبيرياً يقوم به الطفل، وهو بديل عن اللغة المنطوقة، وشكل من أشكال التواصل غير اللفظي، وكذلك التنفيس الانفعالي، وانعكاس لحقيقة مشاعرهم نحو أنفسهم والآخرين، ومن ثم كانت الرسوم وسيلة ممتازة لفهم العوامل النفسية وراء السلوك المشكل، وقد أثبتت الدراسات النفسية التحليلية للأطفال أننا نستطيع من خلال الرسم الحر الذي يقوم به الطفل أن نصل إلى أمور لا شعورية غير ظاهرة، والتعرف على مشكلاته وما يعانيه، وكذلك التعرف على ميوله واتجاهاته ومدى اهتمامه بموضوعات معينة في البيئة التي يعيش فيها، وعلاقته بالآخرين سواء في الأسرة أو الرفاق أو الكبار.
وعلى هذا يكون الرسم أداة مناسبة لإقامة الحوار وتحقيق التواصل مع كل الأشخاص على حد سواء، حتى أولئك الذين لا يجيدون الرسم.
لذا يوصي بعض علماء النفس باستخدام الرسم مع الأطفال المتأخرين دراسيا والذين يعانون من سوء التوافق الاجتماعي والانفعالي ومن لديهم مشكلات سلوكية، إضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة الذين هم في حاجة أكبر للتعبير الفني من الأطفال غير المعاقين، خاصة ممن لديهم مشكلات لغوية، ومن ثم فيمكن أن يكون الرسم أداة قيمة لفهم حالاتهم، وليس مضيعة للوقت والجهد كما يعتقد البعض، ما دام هذا الرسم موجهاً وليس عشوائياً، وإذا ما أمعنا في رسومات الأطفال وفحواها وسألتاهم عنها وتفحصنا الألوان التي يستخدمونها والخطوط من حيث الدقة والعمق، وطبيعة الرسومات التي يميلون لها ومعنى كل رسمه بالنسبة لهم.
وقد تكون المعلومات عن استخدام وتحليل هذه الرسوم أداة هامة للأخصائيين والمرشدين النفسيين بالمدارس في جهودهم لفهم مشكلات الطلاب كالقلق من الامتحانات والمشاعر تجاه المعلمين والمدرسة، والدافعية نحو التعلم والمشكلات الأسرية،والعلاقة مع الزملاء، والميول المهنية، وفي هذا الصدد يؤكد العلماء على ضرورة استخدام الفن في علاج الأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية والانفعالية، حيث يمكن لنشاط الفن أن يهيئ هؤلاء الأطفال للعلاج، علماً أن هذا النوع من العلاج لا يحتاج مهارة من الطفل الذي يرسم، بل أن الخطوط العفوية والعشوائية قد يكون لها دلالات أفضل من الرسومات الفنية الدقيقة أو التي ينقلها الطفل عن المناظر الطبيعية أمامه.
|| أحمد عبدالرحمن الحرنده : عضو منهل الثقافة التربوية.