أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿2666﴾.
عدد المشــاركات : ﴿722﴾.

لقد بينت الشريعة السمحة حكم تعليم المرأة، فجعلت طلب العلم فريضة على كل مسلم، وأناطت التكاليف والأحكام بالرجل والمرأة. فتعليم المرأة لا يقل أهمية عن تعليم الرجل، فالمرأة إذا كانت جاهلة، فلن تعلم ما كلفت به من الأحكام، ومعرفة الحلال والحرام. وجهل المرأة يسبب شقاء الأمة، لأن الطفل لا يتلقن من أمه أكثر مما تعرفه، فإذا كانت جاهلة نشأ الطفل جاهلاً وإذا كانت الأم متعلمة وعالمة بواجبات الدين، متمسكة بالأخلاق الفاضلة، فإنها تغرس العلم في طفلها، ويبقى ما تعلمه في حافظته.
ولا جدال بين ذوي النهى أن تعلم الرجل وتعلم المرأة صنوان لا ينفكان عن بعضهما، غير أن المرأة هي أول ملقن للطفل دروس الحياة، وهي المعلم الأول، فيجب أن يُعني بتعليمها وتمرينها على حب الأمة والاعتقاد الحسن في الدين، والعمل بأحكامه.
فعن أبي سعيد الخدري قال : قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال؛ فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً للقيِّهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن (ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها .. الخ الحديث) (صحيح البخاري).
وقد عرف المسلمات الأوائل أهمية التعليم وفضله، فكن ينهلن من العلم ويتنافسن فيه، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يشجعهن على ذلك، ويسمح لهن بحضور مجالس العلم.
وقد نهل النساء المسلمات في الصدر الأول من الإسلام من النبع الصافي حيث ظهر منهن النابغات في مختلف العلوم والفنون، وقد عرف الإسلام المرأة في الجزيرة العربية ومنذ العصور الإسلامية تقرأ وتكتب وتجاهد الأعداء وتشارك في الحروب والغزوات وتقوم بمهمة التطبيب والتمريض، وبرز من النساء المفسرات والفقيهات وراويات الشعر والأخبار وعالمات الأنساب، وأسهمت المرأة في نقل الأحكام إلينا عن طريق السند حيث كان منهن النساء الثقات المحدثات، ولاسيما ما يخص أحكام النساء والبيوت، وكان جل الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم يرجعون إلى أمهات المؤمنين، وعلى رأسهن عائشة وحفصة وأم سلمة ــ رضى الله عنهن ــ يستفتونهن عما خفي عليهم من أحكام دينهم أو غاب مما له صلة بالمرأة، واشتهر منهن جماعة برواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أدت المرأة المسلمة واجبها في ميادين الجهاد على أكمل وجه وأتمه؛ فكانت تعمل بين طعنات الرماح وضربات السيوف وتساقط النبال؛ لإيصال الغذاء والدواء والسقاء للمقاتلين، وكانت المرأة المسلمة تقوم بمهمة الحراسة وإعداد الزاد والعتاد وتقف مرابطة خلف الصفوف تسقي العطشى، وتداوي الجرحى، وتُمرض المرضى، وتشارك في المعركة عندما يدعو الداعي، ويكفي المرأة فخراً أن أول شهيدة في الإسلام هي سمية أم عمار بن ياسر رضي الله عنها، فقد جعل الإسلام المرأة مسؤولة عن نفسها وعن عبادتها وعن أسرتها، وجعلها راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.
وقد برز العديد من الصحابيات في العلم، كما برز العديد من التابعيات في العلم والمعرفة، واشتهر العديد من النساء في الحديث والتفسير والأدب وسائر العلوم الدينية والعربية، ولم يقتصر إسهام المرأة على الثقافة الإسلامية والأدبية والعلمية، بل تعداها إلى الطب والسياسة.