من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. عبدالرحمن قاسم المهدلي.
إجمالي القراءات : ﴿2508﴾.
عدد المشــاركات : ﴿77﴾.

مجالس رياض التائبين : المجلس الثاني والعشرون ــ من فقه التوبة «2».
■ من فقه التوبة.
● المسألة الثالثة : هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره ؟ في المسألة قولان لأهل العلم ( 1 ).
قال ابن قيم : والذي عندي في هذه المسألة :
أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من نوعه.
وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه، فتصح.
مثاله : كما إذا تاب من الربا ولم يتب من شرب الخمر مثلا، فإن توبته من الربا صحيحة، وأما إذا تاب من ربا الفضل ولم يتب من ربا النسيئة، وأصر عليه، أو بالعكس، أو تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر أو بالعكس، فهذا لا تصح توبته.
مثال آخر : وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها غير تائب منها.
مثال آخر : أو تاب من شرب عصير العنب المسكر وهو مصر على شرب غيره من الأشربة المسكرة، فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر، بخلاف من عدل عن معصية إلى معصية أخرى غيرها في الجنس، إما لأن وزرها أخف، وإما لغلبة دواعي الطبع إليها وقهر سلطان شهوتها له، وإما لأن أسبابها حاضرة لديه، عتيدة لا يحتاج إلى استدعائها، بخلاف معصية يحتاج إلى استدعاء أسبابها، وإما لاستحواذ قرنائه وخلطائه عليه، فلا يدعونه يتوب منها وله بينهم حظوة بها وجاه، فلا تطاوعه نفسه على إفساد جاهه بالتوبة، كما قال أبو نواس لأبي العتاهية، وقد لامه على تهتكه في المعاصي :
أتراني يا عتــــــاهي • • • تاركا تلك الملاهي
أتراني مفسدا بالنسك • • • عند القوم جاهي

فمثل هذا إذا تاب من قتل النفس، وسرقة أموال المعصومين، وأكل أموال اليتامى، ولم يتب من شرب الخمر والفاحشة، صحت توبته مما تاب منه ولم يؤاخذ به وبقي مؤاخذا بما هو مصر عليه، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : هذه المسألة في المدارج (1/ 349 - 351).


image في المشاركاتِ المُتتابِعة : مجالس رياض التائبين