
د. محمد الصفى بن عبدالقادر
عدد المشاركات : ﴿65﴾
التسلسل الزمني : 1441/05/01 (06:01 صباحاً)
عدد القراءات : ﴿3467﴾
محمد الهاني : فنان تشكيلي كسر القيود الكلاسيكية بمخاطبة الذاكرة عبر حوارية اللون والشكل.
◄ بصم حضوره في الساحة الفنية التشكيلية بشكل لافت ومثير للإعجاب من خلال أعماله التي انفرد بها، مركزا على الاحتفالية بالذاكرة والتراث مع حرصه الشديد على البحث والتجديد ورفض استنساخ تجارب الآخرين، إنه الفنان العصامي ابن عاشقة المجانين مدينة آزمور "محمد الهاني" الذي لمع نجمه نهاية التسعينيات، الذي ابتكر مدرسة خاصة به وفي عالم خاص به، بعفويته وتلقائيته، مما جعله يستغل أبشع استغلال طيلة 25 سنة، حيث كانت مجموعة ممن يلقبون أنفسهم بالفنانين يقتنون منه أعماله بشرط عدم توقيعها، كما أشار لي في إحدى الحوارات التي أجريتها معه سنة 2005، في كل من أزمور وآسفي والصويرة، ليتم توقيعها باسمهم وبيعها بمدن أخرى ودول أجنبية بأسعار خيالية. لوحات محمد الهاني تتميز بالاعتباطية والانفعال الإبداعي البعيد كل البعد عن كل ما هو أكاديمي مما يجعلها تلامس عالما يجذبك إليه من خلال الألوان التي يستعملها وكذا الأشكال والشخوص بطريقة يمزج فيها بين الواقعي والخيال، وذلك بأدوات ومواد في غاية الغرابة.
إن المتصفح لأعمال محمد الهاني الذي انطلق من التلوين والزخرفة على "الطعريجة" إلى الرسم على الورق، يجد أن الطابع الغالب عليها هو الطابع التجريدي الممزوج بالتشخيصي، والذي قل ما يجتمعا، جاعلا منهما وجهان لعملة واحدة، عكس بعض الأكاديميين الذين يقرون أن هناك تباعد فيما بين هذين الطابعين، ولا يمكن المزج بينهما، إنها بكل بساطة المدرسة التي ابتكرها الفنان محمد الهاني ببداهته التي تختزل في أعماقها مجموعة من التضاربات العفوية والملغزة أيضا، من خلال الألوان المستعملة والأشكال المعتمدة، في كرنفال يختلط فيه الواقعي بالخيالي، تضاربات تطغى عليها الزرقة كانفتاح على الذاكرة الجماعية ولون التربة والطبيعة ككتل تنصر بينها المآسي والآهات التي يعانيها الفنان، قد يصعب على المتلقي استيعابها بالعين المجردة، إنها المتعة التي يريد محمد الهاتني أن يوصلها إلينا بعفويته من خلال هذه الأوان وتعاشقها والسفر نحو الحقيقة الكامنة في ذهنيته عبر المسالك المؤدية لعوالم ألف ليلة وليلة، إذ يمكنك أن ترى في قلب كل لوحة مجموعة من اللوحات المتداخلة فيما بينها، كل لوحة تشكل - ليلة - وتحمل دلالة ومعنى خاصة بها، قد تجد في بعضها تطابقا وفي أخرى اختلافا، إنه على حد قول محمد الهاني "غزيل الحادكات". هذا هو الأسلوب الذي يشتغل عليه محمد الهاني، بكل عفوية وأريحية متحررا من قيود المدارس الكلاسيكية والدراسات الأكاديمية لدرجة أن مفتوح في وجه الجميع حتى أثناء اشتغاله غير آبه بمن يقتنص فن - الحرفة - فهو يقول "اللي عندو عندو راها كتجي من الرأس والقلب ماشي من العينين والفنان يبقى فنان أينما وضعته ومهما قدمت له من أدوات ومواد".
لقد اشتغل محمد الهاني على ثنائية الفوارق في الحياة بشكل عفوي لتبقى مواضيعه محصورة بين هذه الثنائية، الكوخ والقصر، الطفولة والشيخوخة، المرأة والرجل، الماء والبر، البحر والسماء، الولادة والموت، حيث توجد علاقة الذات بالمحيط وعلاقة الآخر مع الآخر، في حوار قد يبدو للمتلقي متكافئا ومتفاعلا في نفس الوقت من حيث التشكيلات اللونية والتموضعات الشكلية التي تكتنف اللوحة وتغطي مساحتها، تاركا للمتلقي فسحة من التأويل وتجميع الصور الدلالية البصرية للعمل المعروض.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.
◄ بصم حضوره في الساحة الفنية التشكيلية بشكل لافت ومثير للإعجاب من خلال أعماله التي انفرد بها، مركزا على الاحتفالية بالذاكرة والتراث مع حرصه الشديد على البحث والتجديد ورفض استنساخ تجارب الآخرين، إنه الفنان العصامي ابن عاشقة المجانين مدينة آزمور "محمد الهاني" الذي لمع نجمه نهاية التسعينيات، الذي ابتكر مدرسة خاصة به وفي عالم خاص به، بعفويته وتلقائيته، مما جعله يستغل أبشع استغلال طيلة 25 سنة، حيث كانت مجموعة ممن يلقبون أنفسهم بالفنانين يقتنون منه أعماله بشرط عدم توقيعها، كما أشار لي في إحدى الحوارات التي أجريتها معه سنة 2005، في كل من أزمور وآسفي والصويرة، ليتم توقيعها باسمهم وبيعها بمدن أخرى ودول أجنبية بأسعار خيالية. لوحات محمد الهاني تتميز بالاعتباطية والانفعال الإبداعي البعيد كل البعد عن كل ما هو أكاديمي مما يجعلها تلامس عالما يجذبك إليه من خلال الألوان التي يستعملها وكذا الأشكال والشخوص بطريقة يمزج فيها بين الواقعي والخيال، وذلك بأدوات ومواد في غاية الغرابة.
إن المتصفح لأعمال محمد الهاني الذي انطلق من التلوين والزخرفة على "الطعريجة" إلى الرسم على الورق، يجد أن الطابع الغالب عليها هو الطابع التجريدي الممزوج بالتشخيصي، والذي قل ما يجتمعا، جاعلا منهما وجهان لعملة واحدة، عكس بعض الأكاديميين الذين يقرون أن هناك تباعد فيما بين هذين الطابعين، ولا يمكن المزج بينهما، إنها بكل بساطة المدرسة التي ابتكرها الفنان محمد الهاني ببداهته التي تختزل في أعماقها مجموعة من التضاربات العفوية والملغزة أيضا، من خلال الألوان المستعملة والأشكال المعتمدة، في كرنفال يختلط فيه الواقعي بالخيالي، تضاربات تطغى عليها الزرقة كانفتاح على الذاكرة الجماعية ولون التربة والطبيعة ككتل تنصر بينها المآسي والآهات التي يعانيها الفنان، قد يصعب على المتلقي استيعابها بالعين المجردة، إنها المتعة التي يريد محمد الهاتني أن يوصلها إلينا بعفويته من خلال هذه الأوان وتعاشقها والسفر نحو الحقيقة الكامنة في ذهنيته عبر المسالك المؤدية لعوالم ألف ليلة وليلة، إذ يمكنك أن ترى في قلب كل لوحة مجموعة من اللوحات المتداخلة فيما بينها، كل لوحة تشكل - ليلة - وتحمل دلالة ومعنى خاصة بها، قد تجد في بعضها تطابقا وفي أخرى اختلافا، إنه على حد قول محمد الهاني "غزيل الحادكات". هذا هو الأسلوب الذي يشتغل عليه محمد الهاني، بكل عفوية وأريحية متحررا من قيود المدارس الكلاسيكية والدراسات الأكاديمية لدرجة أن مفتوح في وجه الجميع حتى أثناء اشتغاله غير آبه بمن يقتنص فن - الحرفة - فهو يقول "اللي عندو عندو راها كتجي من الرأس والقلب ماشي من العينين والفنان يبقى فنان أينما وضعته ومهما قدمت له من أدوات ومواد".
لقد اشتغل محمد الهاني على ثنائية الفوارق في الحياة بشكل عفوي لتبقى مواضيعه محصورة بين هذه الثنائية، الكوخ والقصر، الطفولة والشيخوخة، المرأة والرجل، الماء والبر، البحر والسماء، الولادة والموت، حيث توجد علاقة الذات بالمحيط وعلاقة الآخر مع الآخر، في حوار قد يبدو للمتلقي متكافئا ومتفاعلا في نفس الوقت من حيث التشكيلات اللونية والتموضعات الشكلية التي تكتنف اللوحة وتغطي مساحتها، تاركا للمتلقي فسحة من التأويل وتجميع الصور الدلالية البصرية للعمل المعروض.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.