من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

سجن النفس ﴿3219﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. أحمد محمد أبو عوض.
إجمالي القراءات : ﴿2249﴾.
عدد المشــاركات : ﴿723﴾.

في الكبائر : قذف المحصنات المؤمنات الغافلات ــ (1) الله الغيور المنتقم.
هل تعلم سبب لقب الإمام مالك ب – إمام دار الهجرة – أو – لا يفتى ومالك في المدينة ؟
■ قيل بان أنثى قد ماتت في المدينة المنورة زمن الإمام مالك، وقد حضرت الأنثى الغاسلة للنساء ليتم غسلها وتكفينها حسب السنة والشرع الإسلامي الحنيف، ولكن هذه الغاسلة كانت ثرثارة وممن لا تخاف الله بنقل الإشاعات وقذف المؤمنات المحصنات، وبينما هي تغسل بها وتنظف فرج الميتة قالت كلمة عظيمة عند الله تعالى وقذفا كبيرا، فقالت : كم من مرة عديدة قد زنى هذا الفرج.
فعندئذ قد غار الله المنتقم للميتة، والتصقت يد الغاسلة على نفس فرج الميتة تماما – أي أن الله تعالى قد ستر ذلك الفرج تماما بين أفخاذ الميتة، فلم تستطع الغاسلة أن ترفع يدها، فأخذت تصرخ وتنادي وتستغيث، لأنه لا بد من دفن الميتة – مهما كان الحل لوضع يد الغاسلة – حتى لو قطعت.
فتم استفتاء وسؤال جميع علماء المدينة المنورة كلهم فمنهم من قال تقطع يد الغاسلة وتدفن على فرج الميتة بين أفخاذها، ومنهم من قال يقطع فرج الميتة – وتسلم يد الغاسلة – ولكن كل الإجابات صعبة التحقيق والتنفيذ – لان أي حل هو أذى لأي من النساء سواء الغاسلة أو الميتة، فتذكروا انهم لم يسألوا الإمام مالك، فذهبوا إليه بسرعة البرق، فماذا تعتقدون كان جواب الإمام مالك رضي الله عنه ؟
فقال لهم : إن الغاسلة قد قذفت الميتة بالزنى وعليها الجلد بـ 80 جلدة لان الله تعالى قد غار على الميتة، وفعلا فقد تم جلد الغاسلة 80 جلدة على ظهرها وأردافها – وهي جالسة كما يقام حكم القصاص على النساء وهن جلوسا سترا لهن وخلافا لإقامة الحدود على الرجال وقوفا – فتم فك يد الغاسلة عن فرج الميتة – انتقاما وغيرة من الله تعالى.
فأرجو عدم تصديق أية إشاعة قذف أو غير ذلك – حتى ولو على كافر - وكفى بالمسلم أن يلتزم بالأخلاق والتربية الإسلامية من القرآن الكريم والسنة الشريفة ومن بعض ذلك :
قال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ • إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الآية 4 ــ 5 سورة النور).
يعتبر القذف جريمة من الجرائم الشنيعة التي حاربها الإسلام حربًا لا هوادة فيها، فإن اتهام البريئين والوقوع في أعراض الناس والخوض في (المحصنات الحرائر) العفيفات يجعل المجال فسيحًا لكل من شاء أن يقذف بريئة أو بريئًا بتلك التهمة النكراء، فتصبح أعراض الأمة مجروحة وسمعتها ملوثة وإذا كل فرد منها متهم أو مهدد بالاتهام، وإذا كل زوج شاك في زوجته وأهله وولده.
وجريمة القذف والاتهام للمحصنات تولد أخطارًا جسيمة في المجتمع، فكم من فتاة عفيفة شريفة لاقت حتفها لكلمة قالها قائل، فصدقها فاجر، فوصل خبرها إلى الناس، ولاكتها الألسن، فأقدم أقرباؤها وذووها على قتلها لغسل العار، ثم ظهرت حصانتها وعفتها عن طريق الكشف الطبي، ولكن بعد أن حصل ما حصل وفات الأوان.
وصيانة للأعراض من التهجم وحماية لأهلها من إهدار للكرامة قطع الإسلام ألسنة السوء، وسد الباب على الذين يلتمسون للبراء العيب، فمنع ضعاف النفوس أن يجرحوا مشاعر الناس، وشدد في عقوبة القذف، فجعلها قريبة من عقوبة الزنى ﴿ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ مع إسقاط الشهادة والوصف بالفسق.
العقوبة الأولى : (جسدية) تنال الجسد والبدن، والثانية : (أدبية) تتعلق بالناحية المعنوية بإهدار كرامته وإسقاط اعتباره، فكأنه ليس بإنسان لأنه لا يوثق بكلامه، ولا يقبل قوله عند الناس، والثالثة : (دينية) حيث إنه فاسق خارج عن طاعة الله، وكفى الله عقوبة لذوي النفوس المريضة والضمائر الميتة.
وقد عدّ الإسلام (قذف المحصنات) من الكبائر الموجبة لسخط الله وعذابه، وأوعد المرتكبين لهذا المنكر بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم، وجعل الولوغ في أعراض الناس ضربًا من (إشاعة الفاحشة) يستحق فاعله العذاب الشديد كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور : 19).
وقد عدها صلوات الله عليه من الكبائر المهلكات، فقال عليه الصلاة والسلام : «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا : وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» (رواه الشيخان : البخاري ومسلم في الصحيحين).
image في الكبائر : السبع الموبقات ــ قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.