د. محمد الصفى بن عبدالقادر.
عدد المشاركات : 63
1439/09/01 (06:01 صباحاً).
عدد المشاهدات : ﴿﴿5311﴾﴾
التأديب داخل الفضاء المدرسي.
◄ إن الحديث عن إشكالية التأديب كممارسة تهدف بالأساس إلى الحفاظ على النظام والسير العادي للعملية التربوية التعليمية داخل الأجواء المؤسساتية لجعل المواطن صالح من خلال محاولة لتقويم أي اعوجاج أو انحراف صادر عن سلوكيات مشينة، فهو في حد ذاته إشكالية التربية، فكيف يرى المربون عبر أزمنة تاريخية اختلفت أمكنتها هذا التأديب من خلال الممارسة التربوية ؟ وما هي أنواعه ؟ وما هي الأعراض الممكن نتوجها عن هذه العملية انطلاقا من نوعية العقوبات الممارسة ؟
اختلفت طرق التأديب باختلاف المدارس التربوية التي عرفتها القرون السابقة وحسب المجتمعات والطبقات الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك وفق ما كانت عليه المنظومة الاجتماعية، فإذا كانت التربية الرومانية تأخذ الأطفال بالشدة والقسوة فمرد ذلك بالأساس هو خلق جيل قوي مستعد لخوض المعارك التي كانت سمة بارزة في ذلك العصر لحدود دخول الحضارة الإغريقية التي حولت مجرى التربية لدى المربين وتحولت القسوة إلى تهذيب عقلاني "إن الذي يقوم بواجبه مترقبا يخاف العقوبات إن أخل به لا يلتزم بهذا الواجب إلا عندما يعلم أنه تحت المراقبة، فإذا علم أنه في غفلة عنه رجع إلى طبيعته وعلى عكس ذلك فالذي تأخذه بالمعروف يسعى جاهدا لإرضائك ومكافأة منك" (1). أما الحكيم كونفوشيوس (2)، فإنه يرى في القسوة والتوبيخ ضررا على الطفل قد تنتج عنه عواقب شديدة بحيث علينا ألا نبالغ في التوبيخ إن كان واجبا حسب الخطأ المرتكب حتى نشعر الطفل أننا نزدريه أو نيأس منه، فالطفل يتعلق دائما بمن هو احن وأعطف وأعدل "إن حب الأبناء نتيجة للمعاملة الحسنة، كما أن احترام من هو أكبر سنا نتيجة للعدل" (3).
بينما نجد أن العقاب الجسدي وحتى المعنوي عرف أوجه مع المربين القدامى كالفرس على سبيل المثال لا الحصر خصوصا اتجاه أبنا الطبقات المسحوقة لدرجة انه كان إذا طلب من شاب أن يعود مرة أخرى طفلا لفضل الموت نتيجة ما كان يمارس عليه من عنف وعقاب مدرسي، أما المصريين فقد كانوا يرددون المثل التالي : "أذنا الشاب موضوعتان تحت ظهره ويسمع عندما تضربه" (4).
في حين نجد أن الفكر التربوي الإسلامي نحا نحوا آخر حيث جعل من العقوبة درسا وعظة للغير وهو بذلك نوع من أنواع التربية الهادفة على تأديب شخص أو ردعه عن سلوك غير مرغوب فيه يضر بالآخرين وهذا ما أكد عليه (صبري 1999 ص 41 / 42) مشيرا إلى إمكانية استخدام العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضرب غير شديد وغير مؤلم الهدف منه إصلاح الخلل السلوكي وليس معاقبة التلميذ في كرامته أو شخصه (5).
وانطلاقا من المراحل التي عرفتها عملية التأديب داخل الفضاء المدرسي والاختلاف الحاصل في ممارستها تبقى دائما مرتبطة بطبيعة الأستاذ وكيفية إدارة سلطته على التلاميذ لتحقيق هدفين وهما تربية وتعليم. فهل حققت الممارسة التربوية هذين الهدفين في الوقت الراهن ؟
يجزم الكثير من رجال التربية والتعليم أن جانب التعليم أصبح هو الغالب لكون جانب التربية طغت عليه عدة عوامل متعلقة بما هو اجتماعي (أسرة – شارع – تلفزيون ..) أو تربوي (مناهج تعليمية – كثرة المواد – نظام الامتحانات ..) حيث أصبح الأستاذ مضطرا لتقديم الدروس كهدف أولي بعيد المسؤولية عن الجانب التربوي كالتقرب من تلامذته وفتح باب الحوار لهم ومشاركتهم وتحبيبهم له وتحبيبه لهم، مما يصعب عليه معالجة مجموعة سلوكات مشينة داخل الفصل وبالتالي اللجوء على استعمال العنف الجسدي أو المعنوي بشتى أنواعه جاعلا الصمت السمة المتميزة داخل القسم، خصوصا أن مجموعة مذكرات وزارية ونيابية تحثه على إلزامية السكوت في القسم "وليحمل المعلم كافة التلاميذ على ملازمة السكوت في القسم والانتباه أثناء الدرس، بحيث لا يسمح لأحدهم بالكلام إلا إذا أذن له بذلك فإذا لاحظ أن أحدهم سولت له نفسه أن يتحدث مع جاره أثناء الدرس ليوقف المعلم عمله وليسدد في ذلك الولد الطائش نظرة شرزاء تحمله على ملازمة السكوت فإذا لم يلتزم، انحنى عليه باللوم أمام الأطفال فلا شك أنه لا يعود على مثل ذلك مرة أخرى" (6).
إنه توليد لضغط قابل للانفجار في أي حين خصوصا لدى غياب الأستاذ أو أثناء حضوره لأن التربية الاستبدادية التي تحول التلميذ صنما ينصت ولا يتكلم، يجلس ولا يتحرك، يؤمر فيجيب، مجرد خزان معلومات، فهذا ضد طبيعته بحكم أنه طفل يمكن أن يصاب في عمق شخصيته التي يثور عنها في أية لحظة، ومن هنا لا بد أن نستعرض لهم أنواع التأديب الممارسة وكذا المستحب ممارستها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ المراجع :
1) تيرانس – شاعر هزلي روماني "الإخوان" عن مجلة العلم والعرفان عدد 23 / دجنبر 1987.
2) كونفوشيوس : شخصية صينية في القرن السادس قبل الميلاد له فلسفة سياسية ترتكز على احترام التقاليد وأن الإصلاح الخلقي يجيء عن طريق احترام الشعب للرؤساء وحدب الرؤساء على مصلحة الشعب.
3) عبدالسلام ياسين – "النصوص التربوية" طبعة 1963 ـ دار السلمى – البيضاء ـ ص : 130.
4) ج . ليف و ج . روستان – "فلسفة التربية" الجزء 1 باريس – 1970 – ص : 144.
5) جواد دويك – "العنف المدرسي" مارس 2000 – بيروت : لبنان.
6) "نصائح وإرشادات في التربية والتعليم" مجموعة مؤلفين – المطبعة الدولية – طنجة ـ طبعة : 2 - 1952 / ص : 15.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.
عدد المشاهدات : ﴿﴿5311﴾﴾
التأديب داخل الفضاء المدرسي.
◄ إن الحديث عن إشكالية التأديب كممارسة تهدف بالأساس إلى الحفاظ على النظام والسير العادي للعملية التربوية التعليمية داخل الأجواء المؤسساتية لجعل المواطن صالح من خلال محاولة لتقويم أي اعوجاج أو انحراف صادر عن سلوكيات مشينة، فهو في حد ذاته إشكالية التربية، فكيف يرى المربون عبر أزمنة تاريخية اختلفت أمكنتها هذا التأديب من خلال الممارسة التربوية ؟ وما هي أنواعه ؟ وما هي الأعراض الممكن نتوجها عن هذه العملية انطلاقا من نوعية العقوبات الممارسة ؟
اختلفت طرق التأديب باختلاف المدارس التربوية التي عرفتها القرون السابقة وحسب المجتمعات والطبقات الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك وفق ما كانت عليه المنظومة الاجتماعية، فإذا كانت التربية الرومانية تأخذ الأطفال بالشدة والقسوة فمرد ذلك بالأساس هو خلق جيل قوي مستعد لخوض المعارك التي كانت سمة بارزة في ذلك العصر لحدود دخول الحضارة الإغريقية التي حولت مجرى التربية لدى المربين وتحولت القسوة إلى تهذيب عقلاني "إن الذي يقوم بواجبه مترقبا يخاف العقوبات إن أخل به لا يلتزم بهذا الواجب إلا عندما يعلم أنه تحت المراقبة، فإذا علم أنه في غفلة عنه رجع إلى طبيعته وعلى عكس ذلك فالذي تأخذه بالمعروف يسعى جاهدا لإرضائك ومكافأة منك" (1). أما الحكيم كونفوشيوس (2)، فإنه يرى في القسوة والتوبيخ ضررا على الطفل قد تنتج عنه عواقب شديدة بحيث علينا ألا نبالغ في التوبيخ إن كان واجبا حسب الخطأ المرتكب حتى نشعر الطفل أننا نزدريه أو نيأس منه، فالطفل يتعلق دائما بمن هو احن وأعطف وأعدل "إن حب الأبناء نتيجة للمعاملة الحسنة، كما أن احترام من هو أكبر سنا نتيجة للعدل" (3).
بينما نجد أن العقاب الجسدي وحتى المعنوي عرف أوجه مع المربين القدامى كالفرس على سبيل المثال لا الحصر خصوصا اتجاه أبنا الطبقات المسحوقة لدرجة انه كان إذا طلب من شاب أن يعود مرة أخرى طفلا لفضل الموت نتيجة ما كان يمارس عليه من عنف وعقاب مدرسي، أما المصريين فقد كانوا يرددون المثل التالي : "أذنا الشاب موضوعتان تحت ظهره ويسمع عندما تضربه" (4).
في حين نجد أن الفكر التربوي الإسلامي نحا نحوا آخر حيث جعل من العقوبة درسا وعظة للغير وهو بذلك نوع من أنواع التربية الهادفة على تأديب شخص أو ردعه عن سلوك غير مرغوب فيه يضر بالآخرين وهذا ما أكد عليه (صبري 1999 ص 41 / 42) مشيرا إلى إمكانية استخدام العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضرب غير شديد وغير مؤلم الهدف منه إصلاح الخلل السلوكي وليس معاقبة التلميذ في كرامته أو شخصه (5).
وانطلاقا من المراحل التي عرفتها عملية التأديب داخل الفضاء المدرسي والاختلاف الحاصل في ممارستها تبقى دائما مرتبطة بطبيعة الأستاذ وكيفية إدارة سلطته على التلاميذ لتحقيق هدفين وهما تربية وتعليم. فهل حققت الممارسة التربوية هذين الهدفين في الوقت الراهن ؟
يجزم الكثير من رجال التربية والتعليم أن جانب التعليم أصبح هو الغالب لكون جانب التربية طغت عليه عدة عوامل متعلقة بما هو اجتماعي (أسرة – شارع – تلفزيون ..) أو تربوي (مناهج تعليمية – كثرة المواد – نظام الامتحانات ..) حيث أصبح الأستاذ مضطرا لتقديم الدروس كهدف أولي بعيد المسؤولية عن الجانب التربوي كالتقرب من تلامذته وفتح باب الحوار لهم ومشاركتهم وتحبيبهم له وتحبيبه لهم، مما يصعب عليه معالجة مجموعة سلوكات مشينة داخل الفصل وبالتالي اللجوء على استعمال العنف الجسدي أو المعنوي بشتى أنواعه جاعلا الصمت السمة المتميزة داخل القسم، خصوصا أن مجموعة مذكرات وزارية ونيابية تحثه على إلزامية السكوت في القسم "وليحمل المعلم كافة التلاميذ على ملازمة السكوت في القسم والانتباه أثناء الدرس، بحيث لا يسمح لأحدهم بالكلام إلا إذا أذن له بذلك فإذا لاحظ أن أحدهم سولت له نفسه أن يتحدث مع جاره أثناء الدرس ليوقف المعلم عمله وليسدد في ذلك الولد الطائش نظرة شرزاء تحمله على ملازمة السكوت فإذا لم يلتزم، انحنى عليه باللوم أمام الأطفال فلا شك أنه لا يعود على مثل ذلك مرة أخرى" (6).
إنه توليد لضغط قابل للانفجار في أي حين خصوصا لدى غياب الأستاذ أو أثناء حضوره لأن التربية الاستبدادية التي تحول التلميذ صنما ينصت ولا يتكلم، يجلس ولا يتحرك، يؤمر فيجيب، مجرد خزان معلومات، فهذا ضد طبيعته بحكم أنه طفل يمكن أن يصاب في عمق شخصيته التي يثور عنها في أية لحظة، ومن هنا لا بد أن نستعرض لهم أنواع التأديب الممارسة وكذا المستحب ممارستها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ المراجع :
1) تيرانس – شاعر هزلي روماني "الإخوان" عن مجلة العلم والعرفان عدد 23 / دجنبر 1987.
2) كونفوشيوس : شخصية صينية في القرن السادس قبل الميلاد له فلسفة سياسية ترتكز على احترام التقاليد وأن الإصلاح الخلقي يجيء عن طريق احترام الشعب للرؤساء وحدب الرؤساء على مصلحة الشعب.
3) عبدالسلام ياسين – "النصوص التربوية" طبعة 1963 ـ دار السلمى – البيضاء ـ ص : 130.
4) ج . ليف و ج . روستان – "فلسفة التربية" الجزء 1 باريس – 1970 – ص : 144.
5) جواد دويك – "العنف المدرسي" مارس 2000 – بيروت : لبنان.
6) "نصائح وإرشادات في التربية والتعليم" مجموعة مؤلفين – المطبعة الدولية – طنجة ـ طبعة : 2 - 1952 / ص : 15.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.
◄ إن الحديث عن إشكالية التأديب كممارسة تهدف بالأساس إلى الحفاظ على النظام والسير العادي للعملية التربوية التعليمية داخل الأجواء المؤسساتية لجعل المواطن صالح من خلال محاولة لتقويم أي اعوجاج أو انحراف صادر عن سلوكيات مشينة، فهو في حد ذاته إشكالية التربية، فكيف يرى المربون عبر أزمنة تاريخية اختلفت أمكنتها هذا التأديب من خلال الممارسة التربوية ؟ وما هي أنواعه ؟ وما هي الأعراض الممكن نتوجها عن هذه العملية انطلاقا من نوعية العقوبات الممارسة ؟
اختلفت طرق التأديب باختلاف المدارس التربوية التي عرفتها القرون السابقة وحسب المجتمعات والطبقات الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك وفق ما كانت عليه المنظومة الاجتماعية، فإذا كانت التربية الرومانية تأخذ الأطفال بالشدة والقسوة فمرد ذلك بالأساس هو خلق جيل قوي مستعد لخوض المعارك التي كانت سمة بارزة في ذلك العصر لحدود دخول الحضارة الإغريقية التي حولت مجرى التربية لدى المربين وتحولت القسوة إلى تهذيب عقلاني "إن الذي يقوم بواجبه مترقبا يخاف العقوبات إن أخل به لا يلتزم بهذا الواجب إلا عندما يعلم أنه تحت المراقبة، فإذا علم أنه في غفلة عنه رجع إلى طبيعته وعلى عكس ذلك فالذي تأخذه بالمعروف يسعى جاهدا لإرضائك ومكافأة منك" (1). أما الحكيم كونفوشيوس (2)، فإنه يرى في القسوة والتوبيخ ضررا على الطفل قد تنتج عنه عواقب شديدة بحيث علينا ألا نبالغ في التوبيخ إن كان واجبا حسب الخطأ المرتكب حتى نشعر الطفل أننا نزدريه أو نيأس منه، فالطفل يتعلق دائما بمن هو احن وأعطف وأعدل "إن حب الأبناء نتيجة للمعاملة الحسنة، كما أن احترام من هو أكبر سنا نتيجة للعدل" (3).
بينما نجد أن العقاب الجسدي وحتى المعنوي عرف أوجه مع المربين القدامى كالفرس على سبيل المثال لا الحصر خصوصا اتجاه أبنا الطبقات المسحوقة لدرجة انه كان إذا طلب من شاب أن يعود مرة أخرى طفلا لفضل الموت نتيجة ما كان يمارس عليه من عنف وعقاب مدرسي، أما المصريين فقد كانوا يرددون المثل التالي : "أذنا الشاب موضوعتان تحت ظهره ويسمع عندما تضربه" (4).
في حين نجد أن الفكر التربوي الإسلامي نحا نحوا آخر حيث جعل من العقوبة درسا وعظة للغير وهو بذلك نوع من أنواع التربية الهادفة على تأديب شخص أو ردعه عن سلوك غير مرغوب فيه يضر بالآخرين وهذا ما أكد عليه (صبري 1999 ص 41 / 42) مشيرا إلى إمكانية استخدام العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضرب غير شديد وغير مؤلم الهدف منه إصلاح الخلل السلوكي وليس معاقبة التلميذ في كرامته أو شخصه (5).
وانطلاقا من المراحل التي عرفتها عملية التأديب داخل الفضاء المدرسي والاختلاف الحاصل في ممارستها تبقى دائما مرتبطة بطبيعة الأستاذ وكيفية إدارة سلطته على التلاميذ لتحقيق هدفين وهما تربية وتعليم. فهل حققت الممارسة التربوية هذين الهدفين في الوقت الراهن ؟
يجزم الكثير من رجال التربية والتعليم أن جانب التعليم أصبح هو الغالب لكون جانب التربية طغت عليه عدة عوامل متعلقة بما هو اجتماعي (أسرة – شارع – تلفزيون ..) أو تربوي (مناهج تعليمية – كثرة المواد – نظام الامتحانات ..) حيث أصبح الأستاذ مضطرا لتقديم الدروس كهدف أولي بعيد المسؤولية عن الجانب التربوي كالتقرب من تلامذته وفتح باب الحوار لهم ومشاركتهم وتحبيبهم له وتحبيبه لهم، مما يصعب عليه معالجة مجموعة سلوكات مشينة داخل الفصل وبالتالي اللجوء على استعمال العنف الجسدي أو المعنوي بشتى أنواعه جاعلا الصمت السمة المتميزة داخل القسم، خصوصا أن مجموعة مذكرات وزارية ونيابية تحثه على إلزامية السكوت في القسم "وليحمل المعلم كافة التلاميذ على ملازمة السكوت في القسم والانتباه أثناء الدرس، بحيث لا يسمح لأحدهم بالكلام إلا إذا أذن له بذلك فإذا لاحظ أن أحدهم سولت له نفسه أن يتحدث مع جاره أثناء الدرس ليوقف المعلم عمله وليسدد في ذلك الولد الطائش نظرة شرزاء تحمله على ملازمة السكوت فإذا لم يلتزم، انحنى عليه باللوم أمام الأطفال فلا شك أنه لا يعود على مثل ذلك مرة أخرى" (6).
إنه توليد لضغط قابل للانفجار في أي حين خصوصا لدى غياب الأستاذ أو أثناء حضوره لأن التربية الاستبدادية التي تحول التلميذ صنما ينصت ولا يتكلم، يجلس ولا يتحرك، يؤمر فيجيب، مجرد خزان معلومات، فهذا ضد طبيعته بحكم أنه طفل يمكن أن يصاب في عمق شخصيته التي يثور عنها في أية لحظة، ومن هنا لا بد أن نستعرض لهم أنواع التأديب الممارسة وكذا المستحب ممارستها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ المراجع :
1) تيرانس – شاعر هزلي روماني "الإخوان" عن مجلة العلم والعرفان عدد 23 / دجنبر 1987.
2) كونفوشيوس : شخصية صينية في القرن السادس قبل الميلاد له فلسفة سياسية ترتكز على احترام التقاليد وأن الإصلاح الخلقي يجيء عن طريق احترام الشعب للرؤساء وحدب الرؤساء على مصلحة الشعب.
3) عبدالسلام ياسين – "النصوص التربوية" طبعة 1963 ـ دار السلمى – البيضاء ـ ص : 130.
4) ج . ليف و ج . روستان – "فلسفة التربية" الجزء 1 باريس – 1970 – ص : 144.
5) جواد دويك – "العنف المدرسي" مارس 2000 – بيروت : لبنان.
6) "نصائح وإرشادات في التربية والتعليم" مجموعة مؤلفين – المطبعة الدولية – طنجة ـ طبعة : 2 - 1952 / ص : 15.
|| د. محمد الصفى بن عبدالقادر : عضو منهل الثقافة التربوية.