أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. حامد مصطفى المكاوي.
إجمالي القراءات : ﴿5811﴾.
عدد المشــاركات : ﴿23﴾.

فضل مصر وبركتها في القرآن الكريم والسنة النبوية.
■ من فضائل مصر وبركتها في القرآن الكريم والسنة النبوية التالي :
1- مصر بارك الله فيها، كما بارك حول المسجد الأقصى.
من أقوال الله في وصف مصر : يستفاد أنها أرض (تجري من تحتها الأنهار) وأن أرض جنات، وعيون، وزروع، وفواكه، ونعمة، ومقام كريم، فقال تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)) (الدخان) فلن تزال أرض زراعة، ولن يزال النيل يجري في أرضها، كما قال الله عز وعلا على لسان يوسف عليه السلام مضمون كلامه، في تفسير الرؤيا لملك مصر : (تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله) فأخبر أن أكلهم، وراحتهم، وغناهم، في زراعتهم، وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ ۖ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) (السجدة : 27) قيل : الأرض الجرز : هي أرض مصر - دلتا مصر - كما أخبر أنها تنبت البقل، والقثاء، والفوم - الثوم - والعدس، والبصل، فقال على لسان بني إسرائيل، مضمون قولهم لموسى عليه السلام : (فادع لنا ربك ينبت لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها) وبين الله بأن مصر، هي الأرض التي كأن ما عداها ليس بأرض، فقال على لسان موسى عليه السلام قوله لقومه : (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض) وقال : (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) فعبر عن مصر بكلمة الأرض، فكأن ما عداها ليس بأرض كما قال عن القرآن : (ذلك الكتاب لا ريب فيه) أي : كأن ما عداه ليس بكتاب، بالنسبة إليه، وبالفعل كلام الله بالنسبة لغيره، كالمقارنة بين شيء ولا شيء، وبين الله أن مصر هي أرض الأمان فقال : (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) أي : آمنة من الفتن، فمن أرادها بسوء قصمه الله وبين الله أن مصر أرض الصادقين، وأرض الصدق، ودل على ذلك بقوله عز وجل : (ولقد بوأنا نبي إسرائيل مبوأ صدق) (يونس : 93) وفي التوراة مكتوب : مصر خزائن الأرض كلها، فمن أراد بها سوءاً قصمه الله.
قلت : معناه في القرآن حيث يقول الرحمن عن نبيه يوسف عليه السلام قوله مخاطبا الملك البطلمي : (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) فخزائن مصر كانت تعد خزائن الأرض، ومصر اليوم بها 90 منجم ذهب، وثلث آثار العالم و 132 تريليون قدماً مكعباً من الغاز، ويمتد في صحاريها الخزان النوبي للمياه الجوفية، ويجري فيها نهر النيل، وتطل على البحر الأحمر، والمتوسط، وتحيط بها ثلاث قارات، إفريقيا التي معظمها فيها، وآسيا التي فيها سيناء من أرضها، وأوربا التي تطل عليها عبر البحر المتوسط.
وقال عمرو بن العاصي رضي الله عنه : ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة.
قلت : استنباطه يدل على أن الخلافة يختلف معناها بحسب ظروف الزمان والمكان والمكين ومن ثم يصبح كل رئيس دولة خليفة على ما يليه من المحافظات أو الولايات.

2- جندها خير الأجناد الأرض.
احتاج موسى عليه السلام للنجاة من بأس فرعون وجنوده إلى معجزة وشق البحر وكرر الله إيراد ذلك حتى قالوا : كاد القرآن أن يكون موسى عليه السلام وهو ما يدل على قوتهم في صفة الجندية، ولقد أسرى موسى عليه السلام بقومه ليلاً وجد السير ملتمسا للهرب سبيلا ومع ذلك أدركه فرعون بجنوده ومراكبه وخيوله وقد قال الله عز وجل : (إن فرعون علا في الأرض) وإنما استعلى على شعبه، مستندا على قوة جنوده وشدة بأسهم ولولا ذلك ما احتل أرضهم وهزمهم واستاقهم إلى قومه عبيدا لهم، أقول : كرر الله قصة موسى عليه السلام ليلفت إلى أنه حتى لو كان الجنود هم أقوى جنود الأرض فإنهم أمام قدرة الله وقدره وسنته في خلقه ضعفاء مهزومون لا محالة، حيث قال الله عز وعلا : (فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم) وسنة الله هي التي قال فيها : (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) (غافر : 51) وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن عمر بن الخطاب، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول : (إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندا كثيرا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبو بكر : ولم يا رسول الله ؟ قال : لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة)، وقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لأصحابه عن المصريين : (ويكونون لكم عدة وأعواناً في سبيل الله) وفي رواية : (فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم، بإذن الله) وأخرج الطبراني، والحاكم في المستدرك، وصححه ابن عبدالحكم، ومحمد بن الربيع الجيزي، في كتاب : (من دخل مصر من الصحابة) عن عمرو بن الحمق قال رسول صلى الله عليه وسلم : (تكون فتنة يكون أسلم الناس فيها الجند الغربي) قال ابن الحمق : فلذلك قدمت عليكم بمصر، قلت : السعودية شرق مصر، ومصر غرب السعودية، فجند مصر التي تقع غرب السعودية، هم أسلم الناس في الفتن، وبالتالي هم خير أجناد الأرض؛ لأن معدن الرجال، يظهر في الفتن، حيث يستبين مدى ثبات جنانهم، وسعة عقولهم، وعدم استطاعة أهل الزيغ التغرير بهم، أو فتنتهم عن دينهم، أو صدهم عن قتال عدوهم، وطاعة أولياء أمورهم، يقول الله عز وجل : (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) كما يؤيده نص الحديث الآنف الذكر الذي وصف أهل مصر، بالقوة البالغة، التي تنال من الأعداء، وهذا ثابت واقعا بلا مراء من حروب المصريين بمعارك عظام، علا فيها مجد الإسلام، وحرست بيضته بعدما كادت أن تستأصل شأفته، فعلى أيديهم تم دحر الهجمات الصليبية، مرة باحتلال القدس العربية، وأخرجهم منها صلاح الدين الأيوبي، وقطع بنفسه رقبة البرنس أرناط الصليبي، الذي هدد بالهجوم على مكة والمدينة، ونبش قبر النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وذلك بعدما عرض عليه الإسلام، ومرة بالهجوم على دمياط، وتم قهرهم، وثالثة بهجوم التتار، وتم إبادتهم على يد الملك قطز ومن قادهم من الجنود المصريين الأبرار، ورابعة بالاستعمار الغربي، وتم طرده بواسطة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وغيره من مناصري الحريات، حيث تم مساعدة الشعوب المستعمرة في إفريقيا وغيرها، بمدها بالسلاح لنيل استقلالها حتى استقلت وزرع الغرب بعد الاستعمار إسرائيل في فلسطين فطمعت في القدس الشرقية ثم سيناء المصرية فتم طرد الصهاينة من سيناء كما بين الله عز وعلا أنه أكرم يوسف عليه السلام بتمكينه في أرض مصر وخزائنها وأن هذا التمكين كان رحمة منه، ومنة امتن عليه بها فقال : (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء) كما أخبر أن إخوته كادوا أن يقتلوه، ثم أجمعوا أمرهم وفي البئر وألقوه ثم بثمن بخس باعوه، فباعه من اشتراه منهم، إلى رئيس شرطة مصر وكبيرهم، وكان يلقب بالعزيز، فقال لامرأته : (أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا) فأبان عن تميز أهل مصر بالعطف، وإكرام الغريب، كإكرام الابن، والتفاؤل، والوداعة، والثبات وقت الفتن بكل شجاعة، كما ورد بالحديث السابق الذكر، ما يفيد وجود هذه الصفة فيهم حيث أسرع السحرة عندما تبين لهم الحق ظاهرا بين أيديهم، فأمنوا برب موسى وهارون عليهما السلام وكانوا ثمانين ألفا من الماهرين، ومن شجاعتهم جهرهم بالإيمان برب العالمين، غير عابئين بتهديد فرعون زعيم المفسدين أنه سيقتلهم ويصلبهم أجمعين، في جذوع النخل معذبين، فقال الله عز وعلا عنهم قولهم لفرعون في قوة ويقين : (لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقض هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى) (طه : 72 - 73) وقص الله علينا أنه آتى لقمان المصري الحكمة فقال : (ولقد آتينا لقمان الحكمة) وغير ذلك مما لا يدخل تحت الحصر، في فضل مصر، رافعة لواء النصر، ودرة كل عصر.