أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : حمزة عبدالرحيم سي فضيل.
إجمالي القراءات : ﴿7760﴾.
عدد المشــاركات : ﴿9﴾.

قدور بلعروسي البرجي الجزائري : عالم.
علماء الجزائر للوسطية هداة، ولدين الله دعاة، وللخير سعاة، وللوطن بناة، ولمآثر السلف رواة، كانوا للحق قضاة، وعن الباطل نهاة، لكن المؤسف أن تجد اليوم من الناس من ينكر وجودهم ويعدم فضلهم ويجحد فكرهم وعلمهم ويدبر عنهم مقبلاً نحو غيرهم ممن هم أقل شأناً منهم مدعياً عقم هذا البلد عن إنجاب المشايخ والعلماء، نقول لهم معاذ الله، ألم تدرسوا تاريخكم وتمشوا على خطى أجدادكم وتبحثوا عن آثارهم و بصماتهم، لماذا هذا الإعراض والإدبار، وفي المقابل تولون وجوهكم نحو بعض أهل العلم بالخارج وكأن العلم حكر عليهم دون غيرهم، فيا للعجب هذا هو الجهل عينه، فهاكم نموذجاً عن هؤلاء الأفاضل المربين والعلماء العاملين بداية بالشيخ العلامة قدور بلعروسي البرجي رحمه الله تعالى.

■ مترجمنا هو :
قدور بن محمد بن الزرقاء بن أحمد الملقب العروسي بن عيسى بن العربي بن محمد بن العربي بن عبدالرحيم الشريف الحسني بن أحمد البرجي رحمه الله تعالى، ولد سنة 1878 بدوار العرايسية قرب بلدة البرج، حفظ القرآن الكريم مبكراً كعادة أهل زمانه على يد احد بني عمومته وهو السيد الشيخ محمد بومعيزة رحمه الله، وذلك بالجامع الكبير وسط البرج وتعلم أيضاً عن الشيخ البشير بلحساين بها ثم التقى بالسيد أحمد بن الجيلاني اخ العلامة الجيلاني بن عبدالحكم، ثم ارتحل إلى العطاف لدراسة البلاغة والحديث والتفسير والتاريخ والتوحيد واللغة والأدب والفرائض والسيرة وغيرها من العلوم بزاوية الشيخ الجيلالي بن عبدالحاكم اليحياوي وأجازه وأخذ عن الشيخ بن شرقي رحمه الله ودرس بقريته العرايسية والزلامطة والعطاف سنوات عديدة، ليتخرج على يديه عدد كبير من الطلبة والعلماء المعروفين أمثال : (سي العربي بن عبدالله الشهير بالشيخ العربي، والشيخ المنور بن الحبيب بن يسعد، والشيخ القليل القادوي، والشيخ قادة بوزيان الزلماطي، والشيخ سي حمو السجراري، والشيخ بالسوس عبدالقادر بن محي الدين، والشيخ بن عودة بن سماعيل الفليتي، والشيخ سي محمد هداج من المحمدية، والشيخ سي الطيب من بني شقران، والشيخ سي الحبيب بوخبزة من العناترة) وغيرهم كثير.
ثم انتقل إلى زاوية الشيخ بلحول بوادي الخير بمستغانم ودرس هناك وتخرج عنه الكثير من الطلبة والعلماء من بينهم أبناء الشيخ بلحول والشيخ الحاج قدور الرياحي المستغانمي، ومكث بالزاوية أكثر من عشرين سنة، ثم عاد إلى قريته في بداية الخمسينات ليتتلمذ على يديه عدد لا بأس به من الضباط والجنود منهم أبناؤه : (مصطفى، المقدم، أحمد)، وكذا الشيخ العربي وسي علي بلحول وسي علي الطاهر وعراب محمد وبلطاش قدور وسي بوعزة ومصطفاي محمد بن عبدالقادر والحاج الطيب قويدر وغيرهم، وكانت زاويته مركزاً للجنود.

كما زاول مهمة القضاء يفصل في المنازعات وكان مرجعاً في أصول الدين أخذ عنه الكثير من أهالي الجهة الغربية (معسكر، غليزان، وهران، مستغانم، سيدي بلعباس، سعيدة) وقد أجاز للكثير منهم، له كلمة نافذة وأمره مطاع زاويته مأوى للقريب والغريب، يحارب البدع والخرافات، كريم وجواد يصوم الدهر ويقوم الليل، محبوب لدى الخاص والعام حتى صار بعض تلامذته من أصدقائه كالشيخ الحاج المنور والشيخ البشير محمودي بن الحاج قدور الخطاط الشهير والشيخ بن يمينة المدني البرجي.

ترجم له الشيخ بن عبدالحكم في كتابه المتداول - المرآة الجلية - وذكر له كرامة مفادها أن الشيخ رحمه الله اشتكى لشيخه بن الشرقي بحضور الشيخ بن عبدالحكم قلة الماء بزاويته بالبرج لأن الطلبة كانوا يجدون مشقة في جلب الماء على بعد حوالي ستة أميال فأشار إليه بن الشرقي بحفر بئر قرب المدرسة ففعل ووجد الماء غزيراً بلا عمق وبسهولة دون أن ينتبه السكان لذلك من قبل.

توفي الشيخ قدور بلعروسي يوم 22 ديسمبر 1957 بداره في العرايسية، وحضر جنازته جمع غفير من المواطنين والمحبين رغم الخوف من الاستعمار الغاشم ودفن في قريته، تغمده الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه، ومع ذلك لم يصلنا عنه سوى القليل بسبب شح المصادر وقلة المعلومات وامتناع الكثير عن الإفادة وتكتمهم عن آثاره ومخلفاته، فنحن نترجى ذوي العقول الراجحة والقلوب النيرة إفادتنا بكل ما يمت بصلة إلى هذا العلامة من وثائق أو آثار خدمة للصالح العام وإعلاماً للخلف بمآثر السلف حتى نعيد لعلمائنا الاعتبار ونحفظ لهم مكانتهم التي تليق بهم، وما ذلك إلا بتضافر الجهود، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.