◄ مستغانم : عبق وأصالة.
■ نبذة عن تاريخ «مستغانم».
كارتينا أو موريس تاقا أو مشتى غانم أو مسك الغنائم ثم مستغانم كلها أسماء توالت على هذه المنطقة مما يشير إلى عراقتها وجذورها الضاربة في أعماق التاريخ والبداية قبل الإسلام حيث تحدث عنها القاضي حشلاف ناقلاً أقوال المؤرخين بوجودها منذ القديم وتؤكد هذه الأقوال الحفريات والنقوش المنتشرة في أحواز البلدة كآثار كلميتو أو الصور واثأر ما سرى القديمة وغيرها من المخلفات الأثرية كما ذكرها العلامة ابن خلدون قائلاً ويمر في وادي الشلف ببني واطيل النهر الأعظم ثم يمر مغربا وتجتمع فيه سائر أودية المغرب الأوسط مثل وادي مينا وغيره إلى أن يصب في البحر الرومي ما بين كلميتو ومستغانم.
سكانها خليط من البربر الأصليين والعرب الفاتحين والكراغلة من الآباء الأتراك والأمهات الجزائريات وبعض الأسر المهاجرة من الأندلس وغيرها وأكثر الفئات السكنية فئة مجاهر بن زغبة وفئة بنو زروال، فمجاهر فرع من سويد يقال أنهم عرب هلاليون اشتهروا بالفلاحة حسب الأمير عبدالقادر في مذكراته يقطنون جنوب شرق مستغانم كانوا تحت حكم الاغا بن حجال، أما بنو زروال فقبيلة بربرية كانوا أخوة بني راشد بغريس وفق الأوائل ثم انتقلوا إلى مضارب شلف قرب الظهرة.
أهم جبالها : جبل الديس قرب البحر وارتفاعه 400 متر، وجبل يكبوش بسيدي فارس قرب تازقايت 348 متر، وجبل تاوسنان بسيدي علي 421 متر.
وبقربها بلدة مزغران التي سيأتي ذكرها وزديدية وهي عين ماء اكتشفها الفرنسيون عام ألف وثمانمائة وثلاثة وثلاثين وأنشئت كقرية في 06 جوان عام ألف وثمانمائة وأربعة وأربعين وأصبحت بلدية ستيدية بمرسوم ملكي في 04 ديسمبر 1846 من طرف لويس فيليب وفي 1929 أخذت اسم جورج كليمونسو وبها عدة دواوير أهمها الدرادب وأولاد عمار وكرايمية ورماضنية. ثم عين النويصي التي اكتشف بها نوصي حمامات سميت باسمه في الثالث من أوت عام ألف وثمانمائة وستة وثمانين وهي تحوي عدة أثار تدل على تعاقب الحقب وفي بداية القرن 18 سكنت العديد من القبائل هذه الأرض وهم البرجية والدرادب وعكرمة وعبيد الشراقة وحشم داروغ، وكانت منضمة للمخزن أما حشم داروغ فكانوا تحت قيادة القائد المستغانمي مباشرة، وهؤلاء الحشم غير حشم صيادة الذين كانوا قاعدة خلفية للثوار ضد الاستعمار الفرنسي توجد به مقبرة سيدي ناصر بدوار المزاينية وكذا مجموعة البلاعدة العائلية ومقبرة سيدي عمور، ذكرت المصادر إن حميدة العبد قائد الامحال جاء مستغانم في القرن الخامس عشر وبها ضريحه وضريح الباي مصطفى بوشلاغم المسراتي.
وتمتد «مستغانم» إلى قلعة بني راشد وشلف شرقاً ووهران غرباً ومعسكر جنوباً ويبلغ طول ساحلها 120 كلم مما يجعلها قاعدة عسكرية واقتصادية هامة ومحل أطماع الرومان والأسبان والأتراك والفرنسيين فكانت بها حصون وقلاع كثيرة.
وإذا ذكر اسم «مستغانم» مباشرة يتبادر إلى الأذهان الجانب الروحي المتمثل في الأولياء والصلحاء والعلماء والمجاهدين ومنهم :
سيدي عبدالله الخطابي دين المطمر وقيل عيزب والأرجح القول الأول أبوه سيدي خطاب دفين المنطقة المسماة باسمه قرب غليزان وله خمسة أبناء وهم عبدالله الطويل والشارف البكري وعبدالقادر المازوزي ويوسف بن ذهيبة وسيدي العجال وكذلك أحفاده ومنهم سيدي عدة الحاج قرب السوافلية وسيدي محمد بن علي السنوسي مؤسس الطريقة بليبيا والشيخ الشارف بن تكوك تلميذ الشيخ بلقندوز قتيل الترك.
ومن الأولياء أيضاً نجد سيدي بلقاسم بن موسى المكنى بن صابر وكان عالماً صاحب ورد حسب مؤلف كعبة الطائفين وهو دفين مزغران والقاضي بن حواء محمد بن محمد بن جيلاني بن عبدالله بن احمد بن عمر بن عيسى التوجيني المستغانمي وكان حياً سنة 1729 وقت كتابته سبيكة العقيان الشهيرة دفين المقبرة خارج مستغانم بـ 600 متر وسميت باسمه وسيدي بوعجاج الذي عاش في العهد العثماني وسيدي السايح وسيدي علي القصوري والقاضي الحنفي بن عليوة إمام مسجد سيدي يحي الذي ذكره بن حواء وهو غير بن عليوة صاحب الطريقة الشهير وسيدي حمو المدعو خويا حمو العياشي ومقامه وسط الكواشيح المنطقة الجبلية بجانب ويليس.
ومن الصلحاء أيضاً يوجد سيدي يوسف الشريف أبو غانم التركي وضريحه بجانب ضريح سيدي عبدالله الخطابي بالمطمر حسب المزاري وحشلاف ومن قبلهما ابن حواء وأيضاً الولي سيدي عثمان المالفي واصله من أولاد مالف من عرش مجاهر له زاوية قرب ضريحه اليوم عاصر الباي محمد الكبير دفن قرب صيادة والتي كانت تسمى على الكولونيل بيليسي الذي أمر بحرق المواطنين الأبرياء بأولاد رياح داخل الغار في 19 جوان عام ألف وثمانمائة وخمسة وأربعين ببلدية النقمارية قرب عشعاشة، الولي الصالح سيدي عفيف الذي عاش بالظهرة وله ولد اسمه سيدي أمحمد جد السمارة صاحب الوعدة المشهورة التي يقيمها الجبابرة وأولاد بوخدية وغيرهم.
قريب سيدي عفيف وهو سيدي علي غير بعيد عن مدفنه والشاعر الناسك الأشهر سيدي الأكحل بن خلوف المغراوي مداح النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خلوة وحويطة يتعبد بها أي القربي القديم أحب لالة غانو بنت سيدي عفيف وله قصة مع المدعو جرادة الذي تاب على يديه بعد أن كان صعلوكا متمردا كما شارك في تحرير مزغران من الأسبان وأرخ للحدث بقصيدة مشهورة سميت بقصة مزغران معلومة عام ألف وخمسمائة وثمانية وخمسين عاش حوالي مائة وخمسة وعشرين سنة.
وهكذا بدأت قصة الأغاني المادحة كما فعل من بعده عبدالقادر بطبجي ووبن قطاط والحاج منور ولد يخلف وبن دحمان ولد بوطرفة، أما بنو زروال فكان زعيمهم سيدي أمحمد بن شاعة له حكاية معروفة مع قاضي مجاجة سيدي أمحمد بن علي بهلول المجاجي وبن شاعة من تلامذة سيدي احمد يوسف الملياني توفي بعد الألف والخمسمائة والأربعة والعشرين.
■ أما الزوايا فاشهرها :
• زاوية بن تكوك وشيخها الشارف بن جيلالي بن تكوك ت 1890 مقرها العرعار قرب بوقيراط بأولاد شافع.
• الزاوية البوزيدية : وشيخها سيدي محمد الحبيب البوزيدي المولود بوادي الحدائق بجنان تكارلي دبدابة.
• الزاوية العلاوية : ومؤسسها سيدي مصطفى بن عليوة تلميذ البوزيدي.
• الزاوية القادرية : وشيخها سيدي بالاحول بها خيمة عريقة وسطها مقرها قرب وادي الخير.
• زاوية سيدي قدور بن سليمان تلميذ بن عبدالله الغريسي.
أما رجال الفتيا والعلم بها فهم كثر منهم المفتي بن قارة مصطفى تلميذ سيدي قدور بن سليمان له تأليف نافعة منها كتاب عن آداب القرآن.
الحاج الطاهر بن شهيدة ذو المناقب الرفيعة ولد سنة 1906 وتوفي عن عمر ناهز التسعين.
الشيخ الفقيه والنحوي الحاج قدور أبو بكر الرياحي من مواليد 1928 تلميذ الشيخ بن عبدالحكم والشيخ قدور بلعروسي وغيرهما يشغل منذ سنوات الإمامة والفتيا وهو رئيس المجلس العلمي بمستغانم.
الشيخ الإمام الجيلالي بلمهدي من مواليد 1936 بالداموس مفتي إمام تخرج على يديه العديد من الطلبة والأئمة.
الشيخ عبدالقادر بن طه المكنى دحاح من مواليد 1940 شيخ الزاوية البوزيدية.
الشيخ الخطيب والواعظ سي محمد قابورة من مواليد 1954 إمام مسجد سيدي محمد بن علي السنوسي ببوقيراط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ المراجع :
1) كعبة الطائفين للملالتي (مخطوط).
2) الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني لابن سحنون الراشدي تحقيق المهدي البوعبدلي.
3) تاريخ ابن خلدون ج6.
4) تاريخ أهالي مستغانم لمارسيل بودان.
5) سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول للقاضي عبدالله حشلاف.
مستغانم : عبق وأصالة
