من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : طارق فايز العجاوي.
إجمالي القراءات : ﴿7373﴾.
عدد المشــاركات : ﴿35﴾.

الثقافة والإعلام وما بينهما.
■ أثبتت كافة الدراسات والأبحاث العلمية التي تناولت هذا الموضوع أن الإعلام كان الأقدم والأسبق من الثقافة والدليل على ذلك حاجة الإنسان الماسة للإعلام فهو ضرورة من ضرورات البقاء وما الإشارات والأصوات التي كان يصدرها الإنسان القديم لأبناء جلدته إلا خير دليل على ذلك، وهي في واقع الحال صورة من صور الإعلام ولكن بصورته البدائية.
على كل الأحوال ليس الهدف من كتابة هذه السطور لمعرفة أيهما أقدم أو أسبق إلى الظهور ولكن الهدف هو معرفة مدى العلاقة بين الثقافة والإعلام، لا شك إنها علاقة موغلة في القدم ويكاد يكون هدفهما مشترك ألا وهو التواصل والتحاور مع الآخر سواء بهدف التأثير عليه أم التأثر به، فنجد أن الثقافة بحكم طبيعتها ذات جانب وهدف إعلامي والمتمثل في تعبير الإنسان عن موقفه من ذاته أو من الآخر أو من كل ما هو محيط به لذلك نلمس الثقافة في المادة الإعلامية وأيضاً الإعلام في المادة الثقافية. ولكي نوضح الصورة ونقربها نجد أن المثقف بكل إبداعاته من آدب وفن وفكر .. ألخ لا يكون هدفه الرتابة والإبداع لنفسه بل لطرح هذه الإبداعات بمجملها للأخر ليدل على مكنونات نفسه ويوضح أراءه من شتى المسائل والقضايا.
وعليه فمن الواضح أن العلاقة بينهما متداخلة متلاصقة فكلاهما يبث بالآخر ويمتزج بنسيجه إلا أن التطور الذي طالهما تبعاً لتطور الحياة أدى بالضرورة إلى التباين والخصوصية في وسائل كل منهما إلا أن هذا التطور في مفهوم الإعلام وتحديداً في وسائله جعله يثأر من الثقافة وهيمنتها ويرد لها بعض الدين من ذلك الزمن الذي جعل كلاهما يختلط ويمتزج بالآخر، فعلى سبيل المثال الذي يقرأ الشعر القديم يلمس به وببساطة المادة الإعلامية فكان الحاكم يحتضن الشاعر ويقربه منه ليكون لسانه ووسيلته الإعلامية وذلك ليظهر محاسن القبيلة ومساوئ القبائل المعادية أو ليمدح موقف ويذم آخر لذلك نراه شاعراً إعلامياً بالدرجة الأولى فهو الناطق باسم الحاكم والقبيلة المدافع عن أهدافها ومواقفها المشيد بموقف أو المفند لآخر، ولا يخفى على أحد ما جاء في كتاب الله العزيز من آيات أفحمت خصوم الإسلام وأرغمتهم بإعجازها وبلاغتها وأمثالها وقصصها على التسليم بصحة وعظمة هذا الدين الحنيف فكانت أهم بل أبلغ إعلام لرسالة الإسلام جعلتهم رغم المعتقد الذي كان سائداً عندهم يدركون صحة وعظمة هذه الرسالة.

■ وبعد :
فمهما وقع من تباين أو اختلاف أو تداخل أو ترابط بين مفهوم الثقافة ومفهوم الإعلام يبقى في ذات النوع والدرجة وليس في الهدف والغاية على اعتبار أن كلاهما بالمفهوم السليم والصحيح يرمي إلى ذات الغاية والهدف وهو توعية الإنسان وتنويره.