من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : زهير محمد مليباري.
إجمالي القراءات : ﴿3458﴾.
عدد المشــاركات : ﴿15﴾.

الفن : (مساحة ــ خط ــ لون).
■ اتسع في القرن الحديث مصطلح المعرفة حتى أصبح مداه شاملاً لشتى اتجاهات الفنون المعاصرة، كما اشتمل على الجوانب الفكرية وأطرافها المنطقية والخيالية، ذلك لأن الفن في هذا العصر صار له كل مقومات هذه المعرفة، وكان على الدوام هو المرآة العاكسة للتطور الحاصل في الحياة.
فأرتبط فنانو هذا العصر بهذا وسجلوا على منوال لوحاتهم شتى جوانب المعرفة والاتجاهات العلمية والتأملية، محولينها من رسالة قاصرة على التعبير عما يشاهده الفنان في العالم المرئي الذي يحيطه، إلى الحقيقة المعبرة عن مضامين وأفكار ومعاني مخرجين مكامن أسرار الطبيعة وما في أعماقها من حقائق كامنة، متجاوزين بذلك ما كان يفعله الفنانون حتى السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر.
ولقد أدى هذا التحول في الرؤية البصرية إلى بواعث فكرية وسيكولوجية، كان لها صدى قوياً في تحول نظرة الفنان عما كان يفتتن به بالأمس، من الظواهر السطحية للأشكال الحية الصامتة، والمتضمنة مختلف صور الجمال العضوي والجمال الغير عضوي، إلى ما هو مستتر تحت رواء هذه الظواهر من المضامين العميقة والخصائص الجوهرية، وبهذه النظرة ابتعد الفنان عن عالم الإحساس بالقشور البراقة للرؤية البصرية لموجودات الحياة، إلى عالم الوجدان الذي يقوم على الإدراك الحدسي لما في الوجود والحياة من المعاني السامية والحقيقة الخالدة.
وقد ساد هذه المرحلة الفكرية صراع عنيف، يتمثل في تضارب الآراء والنظريات حول المبادئ والقيم الجمالية والأخلاقية والميتافيزيقية، وكذا مذاهب اللذة والمنفعة بين يحبذ لها وبين عامل على إلغائها، وكان لتلك العوامل أثر بالغ في الأسس والقواعد التي قامت عليها المذاهب الحديثة ومختلف الأداءات والتعبير الفنية.
وما نشاهده في المعارض المقامة من تواصل للإضافات الفكرية المعرفية البصرية، ما هو إلا نتاج تجارب وممارسات للوصول إلي تجارب إبداعية تضاف على ما هو كائن في ساحة الفن التشكيلي ومنظومة متكاملة من الرموز والأشكال والعلاقات الفنية، متخذاً المساحة والخط واللون أنموذجاً يحاكي الخطاب والأطروحات البصرية، مصيبا بذلك كبد الحقيقة في الممارسة الفنية التشكيلية، فتدخل المساحة للتعبير عن الأشكال ذات المدلولات الحسية مغرقة في تكوينات وتركيبات، تساعد علي معرفة الموضوعات المتناولة، وما يقصده الفنان من خلالها، يشارك اللون كوسيط لتأكيد على المعاني الحسية والوجدانية التي تحتويها هذه الخطابات البصرية، ويدل على خلجات الفنان وما ترمي إليه موضوعاته التعبيرية البصرية، ويجمع الخط شتات هذه التعبيرات ويحتويها بنسق يربط العلاقات الرمزية على منوال صفحات اللوحة التشكيلية، في سبيل رسم صورة وجدانية حسية لدى المتلقي تأخذه من مجرد مشاهد إلى التربع على مداخل الأطروحات الفنية وما تضمها من معاني ومصطلحات معرفية تضاف إلى رصيد الثقافة البصرية لدى المشاهد.