أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : أحمد محمد مسملي.
إجمالي القراءات : ﴿22674﴾.
عدد المشــاركات : ﴿9﴾.

معلم الصفوف الأولية الناجح.
■ إِنَّ مُعلِّمَ الصفوف الأولية الذي نتطلع إليه يجب أن يتمتع ببعض الصفات الشخصية التي تساعده على أداء عمله على أكمل وجه، وتجعله محبوبا لدى الطلاب مقربا من نفوسهم، ومن أهم هذه الصفات، رحابة الصدر، وتفهم حاجات الطلاب وخصائصهم النفسية والاجتماعية والعقلية، ومراعاتهم والصبر والأناة، وحسن التعامل، والحنو والعطف. كما يجب أن يكون معدا إعدادا تربويا مناسبا، مدركا لمطالب المواد، ممارسا لها، ففي مجال (طرق التدريس) ينبغي على معلم هذه المرحلة تجنب الإلقائية، ومراعاة الفروق الفردية والمرور عليهم واحداً واحداً.
وينبغي له تقويم الطلاب في بداية كل فصل دراسي يجري خلاله اختبار يقيس فيه قدرات كل طالب ومستواه أما الأساليب والإجراءات التي سيتخذها لتحقيق هذه الأهداف فإن الواجب عليه أن يجري بعض الاختبارات الشفهية والتحريرية لقياس تحقيق الهدف.
وعليه كذلك عدم الانتقال إلى الهدف الآخر قبل التأكد من تحقيق الهدف الحالي، لأنه إن فعل فإنه يكون قد أضاع جهوده السابقة عبثا، خصوصا إذا كان الهدف اللاحق مبنيا على تحقيق الهدف السابق.
وإذا كان التقويم الشفهي مفيدا فإن التحريري أكثر فائدة ؛ لأنه يضيف الى تفهم الفكرة والتعبير عنها، وسيلة التعبير بالكتابة، والتربويون يقولون (إن اليد لا تنسى).
إضافة إلى تمرين اليد على الكتابة، والعقل على تنظيم الأفكار ، وكلما كان التقويم التحريري مركزا على الهدف، موجزا بحيث لا يتعدى زمن الإجابة عن دقيقتين كحد أقصى، كانت جدواه أكبر وفاعليته أكثر.
أما (المواد والتقنيات التعليمية) فلا غنى لمعلم هذه الصفوف عنها، ولا يقبل منه مهما كانت الظروف إهمالها وعدم توظيفها. فطبيعة طلاب هذه الصفوف، ومحدودية إدراكهم، وصعوبة مخاطبة عقولهم، تلزم المعلم بضرورة نهج أيسر الطرق وأسرعها وأكثرها فاعلية في إيصال الهدف إليهم، وهذا لا يمكن أن يتحقق بدرجة كبيرة إلا عن طريق مخاطبة حواسهم بواسطة استخدام المواد والتقنيات التعليمية المناسبة.
وإدارة الفصل فن قائم بذاته لا يجيده إلا المبدعون من المعلمين، الذين يستطيعون تحقيق أكبر قدر من الأهداف التعليمية والتربوية بأيسر قدر من الجهود، وكلنا نعلم أن هناك من يكاد يقتل نفسه من المعلمين في سبيل تعليم الطلاب لكن نتيجة كل هذه الجهود التي يبذلها صفر، لأنها جهود غير منظمة ولا مخططة، وتقوم على قدر كبير من الإلقائية غير المجدية، وإهمال للتقويم والقياس، وتهميش كبير لدور الطالب.
بينما هناك من يديرون الفصل بكل كفاءة وأقل جهد، لأنهم يعطون الطلاب قدرا كبيرا ومعقولا من الأداء والنشاط في الحصة، موظفين حماسة الطلاب الشديدة وروح المنافسة الشريفة بينهم في هذا المجال، مدركين غاية الإدراك أن ما يتعلمه الطالب من زميله أبقى في نفسه وعقله وأعمق أثرا مما يتعلمه من أستاذه.
والإدارة الناجحة للفصل توجب العدل بين الطلاب، وعدم تمييز بعضهم على بعض في البشاشة وحسن التعامل .. لذا يجب أن يغرس المعلم في طلابه الثقة فيه ويمد بينه وبينهم جسورا من المحبة والاحترام المتبادل.
وإذا أحب الطالب معلمه قبل منه كل شيْ، وساعده على نفسه، وبذل أقصى جهوده ليكون لديه من المتفوقين ، والعكس صحيح.
ومن الأمور التي تهيْ للمعلم البيئة المناسبة للتعليم، الإعداد الجيد للدروس ذهنيا وكتابيا، ويجب أن يكون الإعداد الكتابي إجرائيا يعتمد طريقة (الأهداف السلوكية) التي يمكن ملاحظتها وقياسها.
وكما هو معروف فإن طريقة الإعداد بالأهداف السلوكية تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية هي : (الأهداف السلوكية - الوسائل والأساليب والأنشطة - والوجدانية).
والهدف السلوكي يفضل أن يصاغ على النحو التالي :
● أن فعل سلوكي إجرائي ويكون بصيغة المضارع الطالب محتوى التعلم ظروف ونوعية الأداء.
مثال : أن يقرأ الطالب الدرس قراءة جهرية.
وينبغي أن يكون الفعل السلوكي إجرائيا أي يتم تنفيذه في الحصة، قابلا للقياس والملاحظة، ومن أمثلة الأفعال غير الإجرائية (يحب - يعرف - يفهم - يجيد) لأن هذه الأفعال لا يمكن أن تجرى في الحصة، ومن الأفعال غير القابلة للقياس والملاحظة (يدرك - يفهم - يكره) لأن الإدراك والفهم والكره والحب والميل ونحوها عمليات تحدث داخل عقل الطالب فلا يمكن ملاحظتها ولذلك ينبغي استخدام أفعال تحقق المطلوب مع كونها إجرائية قابلة للملاحظة والقياس مثل (يذكر - يحدد - يقرأ - يعدد - يشرح - يفسر - يكتب - يقارن - يستنتج - يتعرف - يميز - يختار - يملأ - يكمل).
ومن ضوابط الفعل الصالح للاستعمال في الهدف السلوكي، إمكان توجيه الأمر إلى الطالب مثل (يقرأ - اقرأ - يكتب - اكتب - يعدد - عدد).
أما الأفعال (يحب - يفهم - يدرك) فلا يمكن أن يقال للطالب منها (أحب - أفهم - أدرك).
ومن الأفعال غير الصالحة لأن تكون أهدافا، الفعل (يتدرب) فلا يصح أن يقال في الهدف (أن يتدرب الطالب على كتابة الهمزة المتوسطة كتابة صحيحة) لأن التدريب أسلوب لا هدف، ويمكن تعديل عبارة الهدف السابق إلى (أن يكتب الطالب الهمزة المتوسطة كتابة صحيحة).
والأهداف المهارية أو النفسحركية هي التي يفضل أن تأخذ النصيب الأوفر من أهداف الحصة ؛ لأنها هي الأهداف التطبيقية التي يمارس الطالب من خلالها التطبيق العملي، شفويا كان أم تحريريا - لما تعلمه وفهمه من الدرس .
● أما العنصر الثاني من عناصر الإعداد الكتابي فهو (الوسائل والأساليب والأنشطة)، و (الوسائل) يقصد بها الأدوات التعليمية المعينة التي يستطيع المعلم بواسطتها إيصال المعلومة إلى ذهن المتعلم بأيسر جهد وأقصر وقت. ويقصد بـ (الأساليب) كل الأعمال التي يؤديها المعلم والطالب من أجل تحقيق الهدف، و (النشاط) يقصد به ما يقوم به الطالب من أداء شفهي أو تحريري، استجابة لمتطلبات الأسلوب المستخدم لتحقيق الهدف.
فإذا كان الهدف - مثلا - هو (أن يحدد الطالب ثلاث كلمات صعبة ويفسرها من خلال السياق) فإنه يقال في عنصر (الأساليب والوسائل والأنشطة) - مثلا : أطلب من الطالب استخراج ثلاث كلمات صعبة، من الموضوع الوارد في ص 25 من الكتاب، وتفسيرها من خلال السياق، وتسجيل ذلك في الدفتر خلال مدة لا تتجاوز دقيقتين.
فطلب المعلم من الطالب استخراج الكلمات وتفسيرها (أسلوب) واستخدام الكتاب (وسيلة)، والتسجيل في الدفتر (نشاط).
ومن خلال ما سبق يتبين أنه لا بد من أن يكون لكل هدف من الأهداف المرسومة، أسلوب يرسم ويحدد، ولا يمكن تصور تسجيل هدف من الأهداف دون ذكر الطريقة التي يتم بواسطتها تحقيق الهدف.
أما الوسيلة فقد تكون لوحة أو جهازا أو مجسما وقد تكون السبورة أو الكتاب.
● وأما العنصر الثالث والأخير من عناصر الخطة وهو التقويم فيقصد به قياس مدى تحقق الهدف. فإذا كان الهدف (قراءة صامتة) فإن التقويم يتم عن طريق (الملاحظة والتوجيه) وإن كان الهدف مصدرا بعبارة (أن يذكر أو يحدد أو يعدد أو يفسر أو يقارن أو يميز .. ألخ) فإن التقويم يتم عن طريق (الاستماع والتصويب) إذا كان النشاط كتابيا . وإذا كان لا بد لكل هدف من أسلوب فإنه لا بد له أيضا من تقويم.
هذه باختصار شديد طريقة الإعداد بالأهداف السلوكية، وهي كما يلاحظ طريقة إجرائية منظمة لا مجال فيها للعشوائية ولا لتضييع الجهود، تساعد المعلم على أداء دوره بكل يسر وسهولة ووضوح، وتتيح له الأمل الأمثل لممارسة الموقف . التعليمي بكل متطلباته وإجراءاته اللازمة، وتحد بالتالي من هدر الجهود والتخبط المزعج للمعلم والطالب.
كما أنها توضح للمطلع عليها من المديرين والمشرفين التربويين وغيرهم، الصورة شبه الحقيقية لأداء المعلم، وتنبىْ عن مدى وعيه واستيعابه للأهداف التربوية، وطرق التدريس، وإدارة الفصل، وتوظيف الوسائل التعليمية، وتظهر كذلك ـ مدى تأثيره التربوي والتعليمي ـ في نفوس طلابه.