من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد عاطف السالمي.
إجمالي القراءات : ﴿2219﴾.
عدد المشــاركات : ﴿192﴾.

من خبراتي : برنامج (فينا خير) ــ المدارس اليابانية (نموذجاً).
■ ننسى أحياناً أن التربية تأتي قبل التعليم فالوزارة اسمها (وزارة التربية والتعليم) أسمع الكثير من الآراء والاقتراحات التي تتعلق بتغيير المناهج وتطوير (التعليم) ولكن قلما أسمع كلاماً عن تطوير (التربية) في المدارس.
الأطفال في كافة مدارس اليابان من أولى ابتدائي وحتى الثالث الثانوي لديهم ربع ساعة مخصصة من الدوام يومياً يقومون فيها بتنظيف مدرستهم بأنفسهم ! في كل فصل دولاب فيه أدوات النظافة ولديهم نظام معين يحركون فيه الطاولات ويقومون بتنظيف الأرضيات والطرقات هم والمدرسون معهم يداً بيد !
لماذا ؟ ليس لأن المدارس اليابانية فقيرة وليس لأنهم يريدون توفير قيمة عمال النظافة ! ولكن لأنهم يرون أن في ذلك (تربية) للأولاد على عدة مبادئ :
● أولاً : التواضع، فتنظيف كافة الطلاب المدارس بأنفسهم ومعهم المدرسون يعلمهم مبدأ أن الكل سواسية منذ هذه السن الصغيرة، فابن الغني وابن الفقير وابن الوزير وابن التاجر. كلهم ينظفون معاً.
● ثانياً : النظافة، فلا يمكن لشعب تربى (عملياً) على تنظيف مدرسته يومياً أن يرمي ورقة على الأرض ! وهذا نجده عياناً عندما نرى النظافة العجيبة في كافة مدن اليابان.
● ثالثاً : العمل الجماعي، فيتعلم الأولاد منذ سن صغيرة التعاون والعمل الجماعي وتوزيع المهام وتنقلها بينهم كل يوم.
الملفت للنظر هو أن التربية لديهم تأتي بالعمل وليس بالتحفيظ. فمثلاً الطالب لدينا قد يحفظ حديث (إماطة الأذى عن الطريق صدقة) ويختبر فيه : من هو راوي الحديث، ومتى ولد، وما معنى كلمة إماطة، وما معنى كلمة أذى، ويجيب ويأخذ درجة كاملة في الاختبار ثم عندما يخرج يرمي ورقة الاختبار على الأرض !! هذه الفجوة بين التحفيظ والتطبيق هي المشكلة. وكان من الأفضل أن يتلقى الطالب هذا الحديث أثناء تنظيفه لمدرسته يومياً. وبالتالي يغرس المفهوم أثناء العمل والتطبيق ويتحول الكلام النظري إلى عملي بشكل يومي.

أمنيتي ـ التي أدعو الله أن تتحقق في كل البلاد العربية ـ أن يتم تطبيق مبدأ تنظيف الطلاب والمدرسين مدرستهم بأنفسهم حتى نغرس فيهم مبادئ التواضع والنظافة والاحترام والعمل الجماعي. ولاحظوا حتى تنجح هذه المهمة فعلى الجميع أن ينظف وبشكل يومي وجماعي، فأحذر تحذيراً شديداً من أن يطبق التنظيف على شكل عقاب للطالب إذا قصر في شيء، فهذا يؤدي إلى عكس المطلوب تماماً ويغرس مفهوم خاطئ وكأن التنظيف يعتبر إهانة وعقابا له، وليس هذا المطلوب، المطلوب أن يصبح التنظيف واجباً على الجميع يومياً من أولى ابتدائي إلى ثالثة ثانوي. ولا مانع أثناء ذلك أن يردد المدرسون مع الطلاب الأحاديث النبوية المتعلقة بالنظافة. وبالتالي ينشأ لنا جيل لديه هذه المبادئ عملياً وليس نظرياً.
طبعا حتى يتم أمر كهذا ينبغي تعاون الجميع ! فعلى الوزارة أن توعي الطلاب والمدرسين أولاً عن أسباب تنفيذ هذه الفكرة وعلى الأهالي في البيوت أن يدعموا ويتعاونوا مع المدارس وألا يعتبروا هذا الأمر إهانة لأولادهم فهنالك فرق بين الإهانة وبين التربية، ولا أعتقد أن هنالك أكرم من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي عرف عنه أنه كان يقوم بكل الأعمال بنفسه دون حرج منه صلى الله عليه وسلم.
وأؤكد مرة أخرى أن التربية عليها أن تأتي قبل التعليم فالمجتمع لن يستفيد من عالم ليست لديه أخلاق. ولن نستفيد كثيراً من شخص يحمل شهادة الدكتوراه ومع ذلك يرمي المنديل من شباك السيارة !

■ التعليق :
هناك برنامج (فينا خير) طبقته بعض الإدارات التعليمية وفي بعض المدارس بدءاً من محافظة جدة وللأستاذ أحمد الشقيري الفضل بعد الله في نشر هذا البرنامج مع الجهات الراعية.