من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. علي عبده أبو حميدي.
إجمالي القراءات : ﴿18312﴾.
عدد المشــاركات : ﴿37﴾.

تزكية النفس في الإسلام : الحج أنموذج للتزكية.
■ الحج فريضة على كل مسلم لابد من أدائها إذا توفرت لديه سبل الاستطاعة كالزاد والراحلة وأمن الطريق، وهي شعيرة من الشعائر قال الله تعالى : (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران : آية 97) فالله سبحانه وتعالى جعل في الحج منافع تحقق مصالح الدين والدنيا، ومن أبـرز هذه المنافع تزكية والتجرد عن الأهل والأوطان والأعمال طاعة لله، والحج من القواعد الخمس التي بني عليها الإسلام وهو ركن من أركانه.

■ ولكي يحقق الحج دوره في تزكية النفس لابد أن تتوفر فيه الشروط التالية :
1- الإخلاص لله وحده.
2- تجنب الرفث والفسوق والجدال امتثالاً لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة : آية 197).

■ وللحج أثر تربوي :
1- يقوي الحج إيمان المسلم وعقيدته، وذلك بشعوره بعظمه الله تعالى وقدرته، وإظهار عبوديته له وتسبيحه والتلبية له ودعائه فيما لديه من نعيم مقيم والخوف من عذابه، والاطمئنان إلى عفوه ورحمته وكرمه ولطفه وهدايته وعونه.
2- يشع الحج في نفس المؤمن السكينة والطمأنينة والأمن والسلام ويقوي أمله في الله تعالى واطمئنانه إلى تجاوزه عن زلاته وسيئاته وذنوبه وخطاياه، فيقبل على الحياة بمزيد من الثقة والتفاؤل والروح الإيجابية.
3- يعود الحج المؤمن على ضبط غضبه والتحكم في انفعالاته ويغرس فيه روح التسامح والتجاوز والعفو وغيرها مما يجعل خلقه رضياً محموداً محبباً إلى الآخرين (1).
4- يزكي الحج نفس المؤمن ويطهرها، ويفجر فيها المعاني السامية والقيم العليا كالعفة والاستقامة والحياء والشعور بالمساواة والتواضع والعدل والخير والرفق والعطف والتعاون ونحوها من الصفات الحميدة النافعة للفرد والجماعة.
5- يهذب الحج نفس المؤمن ويرقي خلقه ويجنبه الصفات المذمومة كالغرور والتكبر والعجب والخيلاء والمباهاة وغيرها من الأخلاق المذمومة.
6- الحج وسيلة لتنمية الروح الجماعية والانتماء الاجتماعي للمسلمين والمؤمنين والميل للمشاركة الوجدانية بين المسلمين وتقوية تماسكهم وتلاحمهم وتراحمهم وتعاطفهم والعناية بشؤونهم العامة، وتحقيق الأهداف والغايات التي تعود عليهم بالفائدة المشتركة في دينهم ودنياهم.

■ ثمرة العبادة :
إن جميع شعائر الله تزكية قال الله تعالى : [لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ] (البقرة : آية 177) "والمراد بالبر جميع خـصال الخير التي يحبها الله لذلك عـد الله أصل التقوى، كما في قوله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (البقرة : آية 189) وتقوى الله بتزكية النفس هي ثمرة العبادة" (2)، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة : آية 21).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
■ كتاب تزكية النفس في الإسلام وفي الفلسفات الأخرى "دراسة تحليلية" «الحج أنموذج للتزكية» ـ تأليف : الدكتور علي عبده أبو حميدي.
(1) عبدالحميد الصيد الزنتاني، أسس التربية الإسلامية في السنة النبوية، الدار العربية للكتاب، ليبيا، 1413هـ ـ1993م، ص 394.
(2) سليم عيد الهلالي، منهج الأنبياء في تزكية النفوس، دار ابن عفان للنشر والتوزيع، القاهرة، 1421هـ ـ2000م، ص 66_67.