من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

كالنسيم هم ﴿2344﴾.
العبط ﴿8283﴾.
ارحم روحك ﴿2260﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد أحمد الأكوع.
إجمالي القراءات : ﴿3107﴾.
عدد المشــاركات : ﴿54﴾.

إلى عبدالله : سارع إلى أن تصلح مع إخوانك وأقاربك.
عبدالله : البدار ! البدار ! سارع إلى أن تصلح مع إخوانك وأقاربك، البعض هداهم الله قد يؤخر. فإذا توفى الله أحد إخوانه أو أحد أقاربه وقف عند قبره يبكي ويندم وهذا البكاء لا ينفع عبد الله !
رأيت مرة رجلاً يبكي عند قبر فسألت عنه قال : هذا قبر أخي، فقلت أدعُ الله له، فقال : فلما كان أخي حياً كنت في قطيعة معه في مدة تزيد على 10 سنوات لا أزوره ولا أسلم عليه أيام العيد لا أحضر لأمازحه وبعد الموت يأتي ويبكي على قبره، وماذا ينفع البكـاء !
قد يقول قائل : أريد أن أذهب إلى فلان لأصلح معه لكن أخشى أن يردني أولا يستقبلني أو لا يعرف قدر مجيئي إليه !
نبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك اذهب إليه ولو طردك، ولو تكلم عليك. اذهب إليه المرة الأولى، والثانية، والثالثة، وسارع إليه بالهدية، ابتسم في وجهه، تلطّف معه.
يقول نبيك (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً) فأنت إذا عفوت زادك لله عزاً وإذا أصلحت زادك الله عزاً وإن طردك ولم يفتح لك الباب رجعت فإن هذه أمنية يتمناها سلف الأمة ! إنها دليل على طهارة القلب وزكاته. قال تعالى "وإن قيل لكم ارجعوا فأرجعوا هو أزكى لكم" فتنبّه لذلك عبدالله.

عبدالله : إن البعض قد يهتم بالإصلاح ويريد أن يصلح لكن يبقى عليه قضية من حوله من المؤثرات، من بعض أقاربه أو بعض أصدقائه أو بعض أهل السوء الذين يسعون ويمشون بالنميمة، فإذا أردت أن تصلح قالوا أأنت مجنون ؟ أصابك الخور ؟
فانتبه من ذلك النمام الذي إذا أردت أن تصلح اجتهد هو يرغب أن يبعدك عن إخوانك ! قال تعالى : (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ • هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ • مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ • عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ) (القلم : من 10 - 13) فهو يمشي بالنميمة لا خير فيه ولا أصل له ولا أرض يركن إليها إنما هو شر في شر يقوم بعمل الشيطان، قال تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) (المائدة : 91).
فتأمل لذلك عبدالله ! انتبه من هؤلاء ولا تلتفت إليه وانظر إليه نظرة احتقار وسخرية وقل أنت لا خير فيك أريد الصلح وأنت تريد الشر ماذا تريد ؟ ثم بعد ذلك اطرده من مجلسك ولا يكن له حظ معك.

عبدالله : جرّب الصلح هذا اليوم، اتصل على ما بينك وبينه خصومة وتلطّف معه لعل هذا الاتصال أن يكون سبباً بعد رحمة الله لمغفرة ذنوبك "ألا تحبون أن يغفر الله لكم".
اذهب إليه، إن أناس ذهبوا لكي يجلسوا مع أولئك الخصوم لمدة ربع ساعة أو نصف ساعة فصار مجلسهم مجلس خير ! فجلسوا معهم الساعات الطوال حتى أن بعضهم يقول : والله كنت أتمنى أن أنام معه تلك الليلة من شدة الفرح والأنس والألفة والمحبة يقول من سنوات لم أكلمه ثم بعد ذلك رجع إليه.
جرّب عبدالله ولا تجعل للشيطان مدخلاً إليك.

■ وعلى المصلح أن يلتزم بآداب الإصلاح ومن أعظمها :
1 ـ أن يخلص النية لله فلا يبتغي بصلحه مالاً أو جاهاً أو رياء أو سمعة وإنما يقصد بعمله وجه الله "ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً".
2 ـ وعليه أيضاً أن يتحرّى العدل ليحذر كل الحذر من الظلم، قال تعالى : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات : 9).
3 ـ ليكن صلحك مبنياً على علم شرعي وحبذا أن تشاور العلماء في ذلك وأن تدرس القضية من جميع جوانبها وأن تسع كلام كل واحد منهما.
4 ـ لا تتعجل في حكمك وتريّث الأمر فالعجلة قد يُفسد فيها المصلح أكثر مما أصلح !
5 ـ عليك أن تختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين بمعنى أنك لا تأتي للإصلاح حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وينطفئ نار الغضب ثم بعد ذلك تصلح بينهما.
6 ـ والأهم أيضا التلطّف في العبارة فتقول : يا أبا فلان أنت معروف بكذا وكذا وتذكر محامده ومحاسن أعماله ويجوز لك التوسع في الكلام ولو كنت كاذباً ثم تحذّره من فساد ذات البين وأنها هي الحارقة تحرق الدين، فالعداوة والبغضاء لا خير فيها والنبي عليه الصلاة والسلام قال "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا" ثم قال عليه السلام "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

■ واجبنا تجاه المصلح :
علينا أحبتي في الله إذا أتانا المصلح الذي يريد الإصلاح أن نفتح له أبوابنا وقلوبنا وأن ندعو له وأن نقول له : جزاك الله عنا خيراً ثم بعد ذلك نكون سهلين في يده، نكـون ليّنين في يده وإذا طلب منا طلباً أو طلب منا أن نتنازل عن شي فعلينا أن نُقبل إلى ذلك.

عبدالله، عباد الله، تذكروا الموت، كم من ميّت الآن في قبره وضعه أحب الناس في قبره ! وقد كان بينه وبين ذلك خصومة فإذا ما تذكر موته وإذا ما تذكر تلك الحياة التي بينهما ندم ثم لا ينفع الندم !
فاتقوا الله عباد الله، وأصلحوا ذات بينكم. ابتعدوا عن الدنيا كلها، لماذا تهجر أخوانك عبدالله ؟ أللأجل مال أو من أجل قطعة أرض أو من أجل أمور دنيويـة لا خير فيها !
تنبّه لذلك عبدالله، وعليك أن تُرجع المياه إلى مجاريها وأن تصلح بين إخوانك وبين أحبابك. فما هو الخير الذي في الحياة بعد عبادة الله إذا هجر الإنسان إخوانه وأحبابه وأحب الناس إليه، فتنبهوا لذلك عباد الله.

■ دعوة للعقلاء :
في كل قبيلة وفي كل عائلة كونوا مفتاح خير وأعيدوا لم شمل أقاربكم انقذوا أولئك الكبار من وعيد الله لمن قطع الرحم.
أيها الشاب العاقل المدرك لعواقب الأمور : أيسرك أن يكون قريبك منعزلاً عنك طيلة هذه السنوات ووعيد الله مستمر لكما.
أيها الشاب العاقل : ما يمنعك من محاولة تقريب وجهات النظر وتبيان فضل صلة الرحم لمن حولك، ما يمنعك من الاتصال بكل عاقل تظن به الخير في الطرف المقابل وتناقش معه المسألة وتضعان الخطط لإصلاح الأمور وعودة المياه لمجاريها.
ما المانع من أن نترك ما بأنفسنا لله فمن ترك شيئاً لله عوضه الله بخير منه، إن الناس لا يخفاها شيئ فهي تعلم المخطئ من المخطأ عليه حتى وأن كان الخطأ من الطرف المقابل.
اذهب إليه وأرغب فيما عند الله فسيزيدك الله رفعة في الدنيا والآخرة حتى في عين خصمك ستبلغ الآفاق فهذا الشهر شهر خير وبركة والعيد بعده عيد التمام الشمل بإذن الله عيد التكاتف والمحبة ليتجمع فيه الكبار بالكبار والنساء بالنساء ولتعود البراءة والفرحة للأطفال من جديد.
ما المانع من أن نستعين بأهل العلم والصلاح ونطلب منهم الحديث عن فضل صلة الرحم وعظم إثم قاطعها في كل جامع يصلي فيه الطرفان المتنازعان لعل القلوب أن تخشع وتدرك عظم ماهي فيه.

أعرف أخوة أشقاء لهم سنوات طويلة وهم متهاجرون وانقطعت العلاقة بين جميع الأفراد بعدما كانوا عائلة واحدة. عجباً أما منهم رجل رشيد يوحد الصف. عجباً من أولئك الأبناء الذين يحرضون الآباء على القطيعة والهجران. كم تمنيت أن يتصل ابن الأخ الأكبر بابن الأخ الأصغر ويتفقان على جمع الأخوين ببغضهما بل كل يبين لوالده أن الطرف الآخر نادم على ما بدر منه ومقر بذلك ولكن يخشى العتاب .. الخ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول "ليس الكـذّّاب الذي يصلح بين الناس ويقول وينمي خيراً" قال ابن با بويه "إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد" فتنبهوا لذلك.
إلى العقلاء : لا تقفوا مكتوفي الأيدي وبادروا بالإصلاح وبتقريب وجهات النظر من الآن.