من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

سُر من رقا ﴿4440﴾.
دعوني أحلم ! ﴿5367﴾.
كلمات عابرة ﴿6130﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : إبراهيم علي سراج الدين.
إجمالي القراءات : ﴿3213﴾.
عدد المشــاركات : ﴿39﴾.

طِفلة على سفح الرصيف.
طِفلة في مفكرة الزمان ذاقت من الأسى بما لم يقترفه البنان لا تزل تلك الصورة مرُّة في الذاكرة، وللفؤاد فاطرة، لن أنس ذلك اليوم الأليم الذي كلما ذكرته جعل القلب كالحميم. في صباح يوم ممطر والبرد عن أنيابه مكشر والكل على نفسه بها مستأثر وإذا بطفلة في التاسعة أو دونها جعلت الرصيف حاوياً أحزانها لا تفهم الأحزان كما نفهمها لكنها تجد قرصة في القلب تؤلمها تكثر منها استفهاماتها ؟ ولكن لا جواب !
رأيتها وجسمها من شدة البرد يرتجف، والمطر خالط دمعها المنجرف والضعف أثر في وجهها البدري والحزن منحوت على ثغرها الزهري، والثوب الممزق كشف عن كتفيها، والغبار خضب قدميها والسواد رسم أهلة تحت عينيها، والهزال عانقها من بين جنبيها، تنظر وفي عينيها بريق من الدمع، تهمس بجفنيها مع عزف المطر الحزين، عماه يقتلني الجوع، عماه جمدني البرد، عماه لماذا هذا المصير ؟
والناس يمرون ولا يبالون وربما بعضهم برؤيتها يتضجرون مسحت على رأسها والدمع يغمر عيني هممت أن أضمها إلى صدري من فرط حزني ولكنني استحييت أودعتها المكانَ وذهبت ألتمس لها شيئاً من البيت، فما إن عدت إلاّ هي قد ذهبت، ذهبت، ذهبت، لتترك ذكرى أليمة لذلك الموضع ولتنمو فيها الزهور معقوفة حزينة ما زالت العبرة تخنقني كلما ذكرت ذلك المشهد الأليم.

يا دنيا كم أنتي دنية لا عيش للسعادة فيكِ من سعد يوماً بكى عشراً عجبت مما حولنا ! كيف تصرف الأموال في أتفه الأمور وكم من ملايين تصرف في سخف وفجور. وكم من ملايين ينامون وهم طاوين البطون جوعاً. أطفال نشاهدهم في الطرقات وحاويات النفايات. أحوالهم تدمى لها القلوب.
كم طفل لا يجد قوت يومه ؟ كم طفل لا يجد كسوة تكسوه ؟ كم طفل لا يجد لذة النوم من الجوع ؟
كم عجوز ؟ كم شيخ ؟ كم أرملة ؟ كم وكم ؟

بينما أمم ترمي أموالها في الحرام والتبذير، رحم الله الأسلاف رحم الله الصديق يكنس بيت عجوز وهو خليفة، رحم الله الفاروق يحمل الدقيق على ظهره حتى تقر عينه بإطعام الصغار، رحم الله ابن المبارك يبذل مال الحج كله من أجل طفلين، رحم الله عمر بن عبدالعزيز يدور بالصدقة فلا يجد محتاجاً.
دخلت بغي الجنة بسقي كلب، وبشرت امرأة بالجنة بشق تمرة، يقول عليه الصلاة والسلام : (اتقوا النار ولو بشق تمرة) فهل نعجز عن ذلك ؟

عجبي لا ينقطع من زماني ! هل أنا أعيش زماني ؟ هل هو وهم ؟ أم ما أعيشه هو الحقيقة ؟ لا أدري ! فهل انتظر الاستيقاظ ؟ أم أؤمن بالمنام ؟ أيضاً لا أدري !