من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. نبيل محمد جلهوم.
إجمالي القراءات : ﴿2497﴾.
عدد المشــاركات : ﴿154﴾.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الرجل إذا نظر إلى امرأته، ونظرَتْ إليه، نظر الله تعالى إليهما نظرةَ رحمة، فإذا أخذ بكفِّها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما)) ؛ صحيح الجامع، حديث رقم 1977.
قبل أن أبدأ مقالي، أتوجَّه بدايةً بسؤال مهمٍّ إلى علماء الاجتماع : أقرأتم هذه الكلمات من هذا النبيِّ العظيم صلى الله عليه وسلم ؟!
إلى المتخصِّصين في التربية الأسرية والعَلاقات الزوجية، أتوجَّه بسؤالي : هل سمِعتم عن حديث نبيِّكم هذا صلى الله عليه وسلم ؟
إلى كل مصلح اجتماعيٍّ، وكل مُنظِّر تربويٍّ، وكل استشاريٍّ أسريٍّ، أتوجَّه بسؤالي : أين أنتم من هذا الحديث النبويِّ الشريف ؟

أخيرًا سؤالي إلى كل زوج وكل زوجة : بالله عليكم، هل قرأتم حديث نبيِّكم العظيم صلى الله عليه وسلم، الذي يوصي كلًّا منكما بالآخر إيصاءً لا مثيل له، إيصاءً يرتقي بكما وبعَلاقتكما إلى أعلى مكان، إيصاءً يَعِدُكما بالأجر الكبير على توادِّكما وتراحمكما ونظراتكما ؟!
دعوة غالية من نبيٍّ عظيم صلى الله عليه وسلم.

• يا كلَّ زوج، ويا كل زوجة :
إن دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وتوصيته الغالية، هي دعوة وتوصية للمودَّة والحبِّ والغرام والرومانسية.
إن دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتوصيته لكم تعني أن تمارِسُوا كلَّ أنواع رسائل المودَّة والغرام بينكما.
إن دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتوصيته لكم تعني أن تمارِسوا الحب بالنظرة، ذلك الحب الذي لا يكلف شيئًا، ولا تبذُلون فيه جهدًا، ولا تُنفِقون من أجله مالًا.
إن دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتوصيته لكم، هي دعوة لتنزيل رحمة الله عليكم وبينكم؛ لتكون معكم وبكم، ومن فوقكم وتحتكم؛ لتكون حاضركم ومستقبلكم.
إن دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتوصيته لكم، هي دعوة وتوصية لعدم تهوين الحب بالنظرة بينكم.

• يا كلَّ زوج، ويا كل زوجة :
هل تعلمون أن دعوة نبيكم ووصيته لكم، هي دعوة ووصية تحمل فيها ومعها كل خير وبركة لكم ؟
هل تعلمون أن دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم ووصيته لكم، هي دعوة ووصية تحمل معها الحنان والرفق، والرزق، والسلام، والسعادة ؟
هل تعلمون أن دعوة نبيكم لكم، هي دعوة ووصية تُهوِّن عليكم كل صعب، وتُقرِّب بينكم كل بعيد، وينفرج معها كل كرب ؟

• يا كل زوجينِ :
انتبها للدعوة النبوية والوصية الغالية، واعلما أن النبي الحبيب محمدًا صلى الله عليه وسلم، لم يجعل لتلك النظرة شكلًا معينًا، ولا نوعًا محدَّدًا؛ كي يترك المجالَ لكما على مصراعيه رحبًا فسيحًا واسعًا، أمام نظرات المحبَّة والمودَّة، والشفقة والحنان؛ لتكون إلى ما لا نهاية.
وهل لاحظتما اللفتة النبوية الجميلة، وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام يحثُّ الزوج على أن يبدأ هو بالنظرة الطيبة، ويحث المرأة على مبادلة زوجها تلك النظرة ((ونظرت إليه)) ؟
وهذا فيه دستور تربوي رائع، وهو أن يكون الرجل القوَّام هو المبتدئ بالفعل كي يشجع زوجته ويحفزها، وأن تكون زوجته المتممة للفعل الجميل، بالاستجابة وإيجابيَّتها كي يتحقق وداد ووصال متبادل بينها وبين زوجها.

ومن الجميل أن تلاحظ أنه ولكي تزيد المودة والرحمة، وتتضاعف المحبة وتتعانق المشاعر الحانية، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا إلى عدم الاقتصار على هذه النظرات المتبادلة، وذلك حين قال : ((فإذا أخذ بكفِّها))، ويا له من تعبير رومانسي رقيق، رائع غاية في الرفق واللطف والحب، وكأنه يرسم لوحةً فنية نادرة للرومانسية الراقية، فلم يقل عليه الصلاة والسلام: فإذا أمسك يدها، بل قال : ((فإذا أخذ بكفها))، وهذا التعبير يُصوِّر كف المرأة بشكل جميل، وكأنها عصفور صغير يحتضنه الزوج بيديه، يحتويه، يمسح عليه، ويدفئه، ويرعاه.
مما يكون من أثر ذلك ثمرة جميلة حين تبدو مشاعر الحب الدافق تشعُّ في نفس الزوجة، وأحاسيس سعادة وراحة تذهب عنها تعب كفِّها، بل جسمها كله، واستعداد كامل لطاعة الزوج وعدم عصيانه.

• الثمرة الكبرى :
بشرى النبي صلى الله عليه وسلم لهما بتساقط ذنوبهما من خلال أصابعهما : ((تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما))، ليس لأنهما صاما معًا، أو أنفقا معًا، أو جاهدَا معًا، أو صلَّيَا معًا، أو قرأا معًا القرآن؛ وإنما لأنهما تصافَيَا وتحابَّا في لحظات مودة صادقة.
(نظرة رحمة) من ربهما، و ((تساقطت ذنوبهما)) من أصابعهما.
ثمرات عظيمة كبيرة يجنيانها بسبب مودة سهلة قريبة في متناول كل زوجين.

• فيا كل زوجين :
انظروا وتأملوا، كم تضيعون من رحمات ربكم بكم، ومغفرته لكم !

• إضاءات نبوية لكل زوجين :
1. اتَّخِذا من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم قدوةً لكما في التعامل.
2. إن نبيَّكما العظيم - نبينا صلى الله عليه وسلم - يدعو دائمًا وأبدًا لِمَا فيه الخير للمسلمين، وأنتما أول مَن يدعوكما للخير.
3. ديننا دين الألفة والرحمة والمحبة، ويتضح ذلك جليًّا بأمرِه الزوجين للرحمة ببعضهما البعض، ولدعوته إياهما للتوادِّ ونبذ الفرقة.
4. إن دين الإسلام هو أكمل الأديان، وأعظمها رعاية لحقوق المرأة، على عكس ما يدَّعيه الناعقون، والمتفلسفون اليوم من دعاة تحرير المرأة.
5. إن عزة المرأة وكرامتها وشرفها وحقوقها لن تجدها إلا في دين الإسلام.