من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : خالد محسن الجابري.
إجمالي القراءات : ﴿7225﴾.
عدد المشــاركات : ﴿21﴾.

تجربة المعلم الأول في التعليم العام : كيف نجنبها الفشل ونضمن لها النجاح ؟
في ظل غياب العدد الكافي من المشرفين التربويين، تم الاستعانة في أحد السنوات الدراسية بعدد من المعلمين الأكفاء الذين أطلق عليهم في كل مدرسة من المدارس المختارة الثانوية (المعلم الأول) وذلك من أجل دفع مسيرة العملية التعليمية إلى الأمام.

■ ولكي لا تفشل هذه الخطوة الجديدة بالتجريب، فإنه من المفيد أن نطرح أمام القائمين عليها عدداً من الآراء والاقتراحات التي من شأنها أن تلقي المزيد من الأضواء على كافة جوانب هذه التجربة :
1ـ يفضل أن يقوم المشرفون على التجربة بحصر السلبيات والأخطاء وتذليلها قبل تعميم التجربة، وينبغي أن يكون هناك متابعة واعية ومستمرة من خلال القيام بزيارات ميدانية متواصلة للمدارس التي تجرى فيها التجربة، وبعد ذلك تعقد ندوات لمناقشة نتائجها.
2ـ ينبغي أن تقوم الإدارة التعليمية بعقد دورات تدريبية خاصة لمن يقع عليهم الاختيار بمهام المعلم الأول، وذلك بهدف تهيئتهم وتمكينهم من القيام بالأدوار الموكلة إليهم، وفي هذه الدورات يتم :
أ ـ تعريف المعلمين الأوائل بالمهام الموكلة إليهم.
ب ـ تدريب المعلمين الأوائل على أحدث أساليب التخطيط لأعمالهم.
ج ـ تحديد الأنشطة التربوية المرتبطة بالأدوار الموكلة إليهم.
3ـ هناك عدة أمور يجب تحديدها بوضوح أهمها :
أ ـ الشخصية السوية التي ينبغي أن يتمتع بها المعلم الأول، فقد شاء الله لفئة من عباده أن يشبوا بعيداً عن كل ما من شأنه أن يلحق بنفسياتهم الخلل، وهؤلاء يجدون القبول لدى الآخرين حتى ولو لم يقدموا لهم خيراً ملموساً، وآخرون استطاعوا أن يطوروا ذواتهم، وأن يثقفوا أنفسهم فنجحوا بالتعامل مع الناس بعلمهم وثقافتهم، غير أن هناك فئة أخرى أورثها الزمان عقداً وأمراضاً، فما يكاد الواحد منهم يرتقي حتى تبرز نزعته الفوقية، ويثقل على الآخرين بعقده، وهؤلاء يجب تجنبهم لأنهم لا يصلحون للسلطة المثمرة والبناءة أبداً.
ب ـ الصلاحيات والسلطات التي من شأنها أن تمكن المعلم الأول من القيام بدوره، كأن يكون للتقرير الذي يكتبه دور في تقديم أو تأخير صاحب الشأن.
ج ـ السلبيات المتوقعة وكيف نتجنبها، والفوائد المرجوة وكيفية اقتناصها، ومن أبرز السلبيات التي تهدد نجاح المعلم الأول في أداء عمله تلك الحساسية الزائدة التي تحدث غالباً بين مدرسي المادة الواحدة وزميلهم الذي وقع عليه الاختيار لريادتهم، ويمكن التقليل من حدة هذه القضية بنقل المعلم المختار إلى مدرسة أخرى غير تلك التي كان يعمل فيها، كذلك من الأخطاء التي تهدد هذا التوجه بالفشل، اعتماد بعض المشرفين والمديرين على أصحاب الخبرة الإدارية (أو المساندين في العمل الإداري) وتحويلهم إلى معلمين أوائل، حيث أن السمات الفنية المطلوبة لا تتوفر لديهم.

■ ولكي نتجنب الفشل، علينا أيضاً أن ندرك تماماً بأن الخبرة الطويلة وحدها لا تكفي ولا تجدي نفعاً إذا لم يقترن وجودها بعدة شروط أهمها :
1ـ أن يكون المعلم الأول مؤهلاً تأهيلاً تربوياً خاصاً، بمعنى أن يتم إلحاقه بدورات الإشراف التربوي التي تقام في جامعة أم القرى. (يعتبر هذا تهيئة للمعلم الأول في الالتحاق بالإشراف التربوي بالإدارة التعليمية إذا رغب في ذلك).
2ـ أن يكون المعلم متمتعاً بشخصية قوية، ونفسية سليمة تمكنه من التعامل مع زملائه بمحبة ورفق وذكاء، وتجنبه كل ما من شأنه رفع حدة الحساسيات التي توجد في مثل هذه الظروف والأحوال.
3ـ أن يكون متمتعاً بثقافة واسعة، تمكنه من أن يكون على مستوى الآمال المعقودة عليه في إفادة زملائه وتحسين أدائهم.

■ ولكي تكون هذه التجربة ذات قيمة تربوية كبيرة، ويتم تطبيقها تطبيقاً سليماً يجب علينا أن نتلمس حاجات القائمين عليها من المعلمين الأوائل مثل :
1ـ تخفيف عدد الحصص المسندة إليهم (أقل من 12) حصة.
2ـ تخفيف بعض الأعباء من سجلات وأعمال ونشاطات، والتركيز على الأساليب الإشرافية فقط.

■ نخلص مما سبق :
إن وجود المعلم الأول ضروري في كل مدرسة، وهو مشرف تربوي مقيم، تنبع أهميته من كونه يلمس مشكلات المعلمين عن قرب، فيقدم لهم العون، ويتعاون مع مدير المدرسة والمشرف الزائر على تذليلها، وسوف يكون له دور كبير في تحسين أداء المعلمين مهنياً خلال السنوات القادمة، بالإضافة إلى أن هذه التجربة سوف تخفف الأعباء على المشرفين التربويين بالإدارة التعليمية في الكم الوافر من المعلمين الذين يقومون بإلحاقهم في البرامج والأساليب الإشرافية كل عام دراسي، وتقضي على معاناة مديري المدارس من هذه البرامج.