من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

فوائد لغوية ﴿21999﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : صالح عثمان الزهراني.
إجمالي القراءات : ﴿7551﴾.
عدد المشــاركات : ﴿14﴾.

علوم اللغة العربية : القراءة الصامتة.
■ المقدمة :
الحديث عن القراءة ليس بجديد، ولا غرابة في ذلك لأن القراءة مفتاح العلوم، وباب المعارف والخبرات وأداة المتعلم، لا تقوم ولا تتأسس الحضارة إلا بها، لذلك قيل : (أمة تقرأ أمة ترقى).
وإجادة مهارات القراءة يوفر الوقت والجهد للقارئ ويكسبه المعرفة بشكل مشوق، فالقراءة مثل قيادة السيارة من حيث الحاجة إلى الانتباه والتركيز والتكيف في السير حسب ما يقتضيه الموقف. فالسير في شارع عريض يختلف عن السير في أزقة ضيقة. وهكذا.
تقول الدراسات الحديثة إن نحو 70% مما يتعلمه المرء يرد إليه عن طريق القراءة، وتُمثل القراءة الجهرية منها 10 % بينما تمثل القراءة الصامتة 90 %، فهل عند تدريسنا نُعطي القراءة الصامتة أهمية مقاربة لهذه النسبة.
إننا نجد بعض المعلمين يُكلف طلابه بقوله : افتحوا كتبكم صفحة ( )، واقرؤوا الدرس قراءة صامتة.
● فما الذي نلاحظه في هذا الموقف ؟
1- لم يُحدد زمن القراءة الصامتة.
2- لم تُحدد المهارات التي يُراد تحقيقها من خلال القراءة الصامتة.
3- لم يُمهد للطلاب بمقدمة عن الموضوع تُثير فيهم حب الاطلاع، وتدفعهم إلى قراءة الموضوع.
4- أنه لم يُذكر ما يدفع الطالب للقراءة (كسؤال للبحث عن إجابته).
من هذا المنطلق جاءت فكرة هذه النشرة التربوية؛ لتجيب عن هذه التساؤلات، وتسلط الضوء على هذا النشاط المهم.

● تعريف القراءة الصامتة :
القراءة الصامتة نشاط لغوي يتم بالعينين دون استخدام أجهزة النطق ليس فيها صوت ولا همس ولا تحريك للشفتين؛ غايته فهم المادة المقروءة.
ويتم ذلك النشاط بالنظر بالعين إلى المادة المقروءة، والتعرف على أشكال الحروف وأصواتها (قراءة الكلمات والجمل)، ويصاحب ذلك نشاط ذهني؛ لترجمة المادة المقروءة إلى دلالات ومعانٍ، ومن ثم فهمها.

● الأهداف الخاصة لتدريس القراءة الصامتة :
1) إكساب الطلاب مهارة القراءة بالعين دون استخدام أجهزة النطق.
2) إكساب الطلاب مهارة القراءة الصامتة السريعة.
3) إكساب الطلاب عادة القراءة الصامتة السريعة والفهم السريع في مطالعاتهم الحرة التي تستمر معهم مدى الحياة.
4) إكساب الطلاب القدرة على التعبير والكتابة الفعالة، وذلك بالتعرف على الأساليب المختلفة في التعبير، واستعمال التراكيب اللغوية المتنوعة.
5) زيادة مفردات القاموس اللغوي للطالب.

● الفرق بين القراءة الجهرية والقراءة الصامتة :
يوظف القارئ العين والدماغ في القراءة الصامتة (5 % من النشاط للعين؛ و 95 % كنشاط ذهني).
ويزيد عليها في القراءة الجهرية جهاز النطق. ولهذا فإن القراءة الجهرية هي الأكثر صعوبة وتحتاج إلى وقت أطول لأن القارئ سيقرأ كل كلمة مع مراعاة ضوابط النطق الصحيح والوقف ونبرة الصوت وتغيره ليتواكب مع المعنى .. الخ.

● أهمية القراءة الصامتة :
لا شك أن مهارات القراءة الصامتة لا تُفَعَّل في حصة القراءة فقط، فالطالب يقضي معظم الساعات في ممارسة عملية التعلم، فهو يقرأ مسائل الرياضيات، ويقرأ موضوعات التربية الإسلامية وتجارب العلوم وكتب اللغة العربية والاجتماعيات، كل ذلك يقرأه باستخدام القراءة الصامتة، كما أنه يستذكر دروسه، ويقرأ التعليمات والإرشادات وأوراق العمل وأسئلة الاختبار قراءة صامتة، وهي التي ستلازمه كطريقة للتعلم الذاتي المستقل الذي يستمر معه مدى الحياة.
إذاً فالطالب يحتاج إلى توظيف مهارات القراءة الصامتة في كل ما يقرأه، وبالتالي فالقراءة الصامتة أكثر استخدامًا في حياة الإنسان.

● أنواع القراءة الصامتة وهي كثيرة بحسب غرضها ومنها :
1- قراءة الاستطلاع :
وتكون عند الاطلاع الأولي على الكتاب، وبعدها يُقرر القارئ هل سيقرأ هذا الكتاب أم لا.
وهي تعتمد على النظرة السريعة التي تُعطي صورة واضحة على محتوى المادة التي يُريد أن يقرأها، أيًا كانت هذه المادة كتاباً أو مقالة أو غير ذلك.
وذلك بالاطلاع على بعض العناصر مثل : المقدمة والفهرس والعرض والخلاصة والمراجع وطبعة الكتاب ومستوى الأسلوب والأفكار.

2- القراءة العابرة أو التصفح :
وهي قراءة تصفح سريعة؛ للبحث عن بعض أفكار واضحة في المادة المقروءة، وتكون موجزة تتمثل في كلمة أو بضع كلمات يتم العثور عليها بسهولة، كإجابات عن أسئلة من نوع : (هل ؟) (من ؟) (متى ؟) (أين ؟) (كم ؟).
أو البحث عن إجابة قصيرة في كلمة أو كلمتين.

3- قراءة الدرس :
وهي قراءة تتطلب التأمل والتفكير، والقارئ فيها يُحاول أن يحول المادة المقروءة إلى إجابات لأسئلة يقوم بطرحها ضمنًا عند قراءته، ويسعى جاهدًا لأن تكون المادة المقروءة جزءًا من خبراته الخاصة، ومنطلقًا يساعده على التفكير والفهم وزيادة خبرته في مجال الموضوع، ويجعل القراءة الناقدة مصاحبة له ليميز الحقائق من الآراء.
لذا فهي تأخذ وقتًا أطول من أي قراءة.

● مهاراتها وتدريسها :
إن غاية ما نريد تحقيقه من القراءة الصامتة هما السرعة والفهم، فما الجدوى من قراءة صامتة سريعة دون تحقق شرط الفهم ؟ وحتى يتحقق ذلك على المعلم أن يراعي تدرج طلبته في امتلاك المهارات الجزئية صعوداً إلى المهارة الكليّة، وأن يتأكد من إتقانهم مهارات القراءة الجهرية، فعدم إتقانها يعني تحول القراءة الصامتة إلى نظرات عشوائية إلى المادة المقروءة، يبذل القارئ فيها مجهوداً عالياً للتهجئة؛ مما يشتت الفهم، ويثير الملل في الطالب فيبعد عنها.

● وعلى المعلم أن يأخذ الأمور التالية بعين الاعتبار :
1- مراعاة مراحل نمو المتعلّم ومستواه في تحقيق مهارات القراءة مع الفهم، فطول النص ومحتواه يجب أن يتفق مع مراحل نمو الطالب، إذ من الواضح أن نمو مهارة القراءة السريعة المُفهمة يتناسب تناسباً طردياً مع نمو القدرات الذهنية والجسدية للمتعلم، فالطالب المبتدئ أو الطالب الذي يشتكي من صعوبات قرائية لا يمكن أن يقرأ مستوعبا أكثر من فقرة قصيرة ثم يتطور أداؤه بتطور قدراته والتغلب على صعوباته القرائية.
2- أن يثري المعلم قاموس الطالب اللغوي بالمزيد من المفردات والتراكيب؛ ليساعده على قراءة المادة وفهمها.
3- تدريب ذاكرة المتعلّم تدريبا متدرجًا؛ ليكون قادرا على اختزان المعاني الجزئية التي تشكل في مجموعها المعنى العام.
4- تدريب الطالب على القراءة الفاهمة السريعة لفقرة واحدة من النص، ثم التدرج إلى فقرات النص الأخرى.
5- تدريب الطالب على فهم الأفكار الرئيسة للنص، والمعنى المباشر للنص.
6- الوصول بالطالب إلى قراءة ما بين السطور؛ ليدرك المغزى العام للنص وما يرمي إليه الكاتب.
7- وأخيراً أن يصل بالطالب إلى نقد المادة المقروءة وإصدار حكمه عليها قبولاً أو رفضاً.

● إرشادات للمعلم :
حتى تكون القراءة الصامتة أكثر فاعلية، وذات مردود جيد لا بد أن يقوم المعلم ببعض الإجراءات عند تكليف الطلاب بالقراءة الصامتة، ومنها :
1- تحديد المهارة التي يريد المعلم تدريب الطلاب عليها.
2- التعريف مسبقًا بالهدف من القراءة الصامتة لأن القارئ عادة ما يتفاعل مع الموضوع الذي يشعر أنه بحاجة إليه، سواء كان في الرياضيات أو اللغة أو العلوم أو الاجتماعيات .. الخ.
3- التمهيد للقراءة الصامتة بمقدمة مشوقة، أو أسئلة تستثيرهم على القراءة الصامتة.
4- مساعدة الطلاب في توظيف مهارة التخمين، وهي العملية الذهنية التي يقوم بها الدماغ قبل قراءة النص.
فقد يوحي العنوان بأفكار قد تكون في صلب الموضوع، فيخمن القارئ أو يتنبأ بما يمكن أن يرد في ذلك النص.
وهذه العملية تستمر كذلك كنشاط ذهني يمارسه القارئ خلال القراءة، فيتوقع ما سيرد من أفكار ونتائج عن طريق الربط بين الجمل. وهنا يُعطي المعلم طلابه فرصة للتفكير.
5- التجول بين الطلاب، والتأكد من وضع الجلوس الصحيح، والمسافة المناسبة بين العينين والكتاب، والتأكد من وضع الكتاب بشكل مريح.
6- ألا تعامل كل المواد المقروءة بنفس السرعة ودرجة الإتقان.
7- إعداد أسئلة الفهم والاستيعاب بحيث تحقق مهارات القراءة الصامتة.
8- تدريب الطلاب على الحركة السليمة للعين، لزيادة سرعة تنقلها بين الكلمات، فكلما زادت سرعة حركة العين كلما زادت سرعة القراءة، ومن الطرائق التي تدرب حركة العين على السرعة إلزام الطلاب بقراءة قطعة معينةٍ في وقتٍ محدودٍ جداً. وتحديد الوقت في القراءة الصامتة يزيد من سرعة العين بدرجةٍ كبيرة بحيث تجعل الطلاب يجبرون أنفسهم على القراءة بسرعة.
9- مراعاة عامل الوقت فالمعلم المتمرس هو الذي يستطيع أن يقدر الوقت المناسب لطلابه لقطع القراءة. ويمكن للمعلم أن يستخدم ساعة توقيت لضبط وقت القراءة. كما يمكن تشجيع التلاميذ بملاحظة سرعتهم وتسجيل المدة الزمنية لقراءاتهم الخارجية والعمل على إنقاص تلك المدة تدريجياً.
لا شك أن التلاميذ سيجدون متعة في ذلك، وسينجزون في فترة قصيرة ما كانوا سيحتاجون إلى إنجازه وقتا طويلا.
10- ينبغي أن تكتب الكلمات والتعابير اللغوية المختارة لغرض الدراسة المركزة على السبورة، وعلى المعلم أن ينطقها ويشرحها ويضعها في جمل، ويكتبها التلاميذ في دفاترهم.

● معوقات القراءة الصامتة :
لكي يكون الطالب قارئا جيدا ومرناً عليه أن يتجنب معوقات القراءة السريعة مثل :
1- عدم توفر البيئة المادية الهادئة المريحة.
2- قراءة المادة كلمة كلمة مع تحريك الشفتين أو دونهما.
3- عودة حركة العين لما سبق أن رأته من كلمات ومقاطع.
4- عدم القدرة على رؤية الكلمات التي على جانبي الكلمة التي تركز عليها العين.
5- وجود مفردات تعتبر بالنسبة للطالب جديدة عليه، ولا يعرف معناها.

● تقويم القراءة الصامتة :
يُفضل أن تُتَّبع أسئلة الفهم ، وأن تكون متدرجة من السهل إلى الصعب كما يلي :
1- الأسئلة التي تعتمد إجابتها على صح أو خطأ أو نعم أو لا.
2- أسئلة تعتمد على أخذ معلومات معرفية من القطعة مثل : (كيف - من - ماذا - أين - متى - كم).
3- أسئلة تتطلب جمع عدة أفكار من القطعة مثل : (لماذا - كيف).
4- أسئلة تعتمد على الاستنتاج؛ لقياس مدى فهم المقروء، وتتطلب أسئلة لم ترد إجابتها في القطعة بشكل صريح.
5- أسئلة تعتمد على تكوين رأي حول الموضوع.
كما يمكن للطالب أن يُقَيم قدرته على فهم المقروء باستعمال الأسئلة التي يقيس بها الفهم، والأداة التي تستعمل للاستفسار عن أمر محدد : فالسؤال بـ (هل ؟) يحتاج إلى الإجابة بالنفي أو الإيجاب، (من ؟) للاستفسار عن الأشخاص، (ماذا ؟) للأشياء، (أين ؟) للمكان، (متى ؟) للزمان، (لماذا ؟) للسبب أو المبرر، و (كيف ؟) للسؤال عن الهيئة، وهو يحتاج إلى توضيح وتفسير، و (كم ؟) للعدد وهذه هي مفاتيح الأسئلة وباقي الأسئلة مشتقة منها.
وبعد معرفة الاستعمالات المختلفة لهذه المفاتيح، يحتاج الطالب لأن يتدرب عليها، ذلك بأن يضع المعلم نصًا مناسباً بين أيدي الطلاب ويطلب منهم أن يحددوا السؤال الذي ينطبق على كل إجابة يحددها هو لهم.
وإذا تمكن الطلاب من إتقان ذلك، يسهل عليهم بالتالي وضع أسئلة مشابهة لدى قراءاتهم الخاصة أو أثناء دراستهم للمواد المقررة، مما يسهل عليهم تذكر المعلومات بدلا من حفظ النصوص غيبًا (وهذا ما يحصل عادة عند كثير من الطلاب).
وكلنا نعرف أن الحفظ غيبًا لا يدل على الفهم والاستيعاب.

● نشاطات مقترحة لتنمية مهارات القراءة الصامتة :
1- القراءة في مكتبة المدرسة.
2- عقد مسابقات بين الطلاب في سرعة الالتقاط والفهم، كأن تُعرض على الطلاب بعض النصوص المتضمنة بعض العبارات (ويراعى هنا مستوى الطلاب) لفترة وجيزة، ثم يُطلب منهم كتابة ما تضمنته تلك النصوص بعد حجبها عنهم.
3- قراءة الكتب أو القصص التي يتخيرها الطلاب من مكتبة المدرسة أو أي مصدر آخر، وتشجيعهم عليها.
4- قراءة الكتب ذات الموضوع الواحد أو القصص قراءة حرة خارج الصف ثم مناقشة ذلك. وللمعلم أن يقترح أنشطة أخرى.