من أحدث المقالات المضافة في القسم.

حامد مصلح القرشي عدد المشاركات : ﴿8﴾ التسلسل الزمني : 1441/07/01 (06:01 صباحاً) عدد القراءات : ﴿3752﴾

جريمة لا يعاقب عليها القانون.
أجسام نحيلة، نظرات شاردة، وشفاه بائسة تكاد تقسم أن الفرح لم يطرق بابها منذ زمن بعيد. عندما تقع عيناك عليهم وهم يطلقون العنان لزفراتهم الملتهبة تظن للوهلة الأولى أنهم أُناس غامضون، منطوون لا يسمحون لنسمات الدعابة أن تتسلل إلى حياتهم الرتيبة ولكن ما أن تجالسهم وتتجول في دواخلهم حتى تكتشف أنهم يملكون قلوباً بيضاء كالثلج، مزهرةً كالربيع، شفافةً كالزجاج، قلوباً تملك في أرجائها مساحات شاسعة من الحـب والتسامح والعطاء رغم ما تعرضت له من رياح عاتية مصحوبة بغبار الجحود والنكران.

■ إنهم المسنون يا سادة وما أدراكم ما المسنين :
تلك الفئة الوادعة المسالمة والتي وجد بعض أعضاءها أنفسهم فجأة بين مطرقة الشيخوخة وسندان عقوق الأبناء حتى وجدوا أنفسهم وبلا اختيار منهم نزلاء في بيوت لم يألفوا جدرانها وأبوابها، بيوت كئيبة تعج بهواء الوحدة والنسيان، يتلفتون يمنة ويسرة بحثاً عن رفاق الأمس فتقع نواظرهم على وجوه غريبة ترتسم على محياها خيوط الهم والهرم. لو أعرت سمعك إلى أحاديثهم لخرجت بقصص يندى لها جبينك ويضيق بها فؤادك ثم تجد نفسك عاجزاً عن كبح جماح دموعك والتي ستهطل حتماً رغماً عن إرادتك.
فهذا إبن عاق يزعم بلا حياء أنه وجد نفسه مجـبوراً على الزج بوالده في دار رعاية المسنين بعد أن ضاق ذرعاً بتصرفات والده التي تسبب له كما يزعم الكثير من الحرج أمام أصدقائه خصوصاً وأنه أصبح شخصية اجتماعية هامة بعد أن تقلد منصبه الجديد مما جعل العديد من الوجهاء وأعيان المجتمع يقصدون بيته العامر كل مساء مما جعلهم يصادفون والده المسن الذي يعيش معه والذي كان لا يتردد في الدخول على ضيوف ابنه بملابسه البسيطة وعباراته العفوية التي تجعل الابن يتصبب عرقاً ويشتعل غضباً من تلك التصرفات العفوية التي تصدر من والده والتي لا تتلاءم كما يدعي مع وضعه الاجتماعي الجديد مما جعله يرضخ لنصائح بعض المقربين بإيوائه إحدى الدور الاجتماعية التي تهتم بمثل من هم في عمره. وهذا عاق آخر يتحدث عن تجربته مع دار رعاية المسنين التي أودع فيها والدته المسنة بعد أن نفذ صبره من تدخـلاتها في شؤون المنزل والعبث بمحتوياته مما أثار حـفيظة الزوجـة التي بدأت تعلن جهاراً تذمـرهـا من وجود أمه التي بدأ داء الخرف ينـهـش دماغها المسكين مما جعل ذلك العاق يتشجع في الإقدام على الزج بها فـي دار رعاية المسنين والاكتفاء بزيارتها في مواسم الأعياد فهو في نهاية المطاف لا يستطيع كما يزعم أن يفرط في زوجته الشابة من أجل عجوز مسنة شارفت شمس عمرها على الغروب.

■ ختاماً :
فلا يساورني أدنى شك في أن السواد الأعظم من الشرفاء يتفقون على أن الزج بالوالدين أو أحدهما في دار المسنين هو جريمة إنسانية بامتياز وليست شأناً داخلياً كما قد يدعي البعض، ولكن تظل بكل أسف جريمة لا يعاقب عليها القانون !

image حامد مصلح القرشي.
قمم يرتادها العظماء.
قمم تقود إلى الهاوية.
أروع ما قرأت عن النجاح.
روعة النجاح.
في ثقافة الإرشادات : أفاعي على طريق التربية.
جريمة لا يعاقب عليها القانون.
قلوب خارج التغطية.
تغريدات قلم.