أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : عماري جمال الدين.
إجمالي القراءات : ﴿14351﴾.
عدد المشــاركات : ﴿19﴾.

الأنشطة اللاصفية في التعليم الابتدائي.
بناء على المنشور رقم 566 المؤرخ في 21 / 6 / 2011 المتعلق بعمليات الإعلام حول التنظيم الجديد للزمن الدراسي بمرحلة التعليم الابتدائي.
بناء على المنشور رقم 567 المؤرخ في 21 / 6 / 2011 المتعلق بالتنظيم الجديد للزمن الدراسي في مرحلة التعليم الابتدائي.
بناء على المنشور رقم 641 المؤرخ في 28 / 7 / 2011 المتعلق بالنشاطات اللاصفية في إطار التنظيم الجديد للزمن الدراسي.
بناء على ما ورد من حيثيات في الدليل المنهجي للنشاطات اللاصفية حسب التنظيم الجديد للزمن الدراسي بمرحلة التعليم الابتدائي.
بناء على الملتقيات الجهوية والولائية وعلى مستوى المقاطعة في إطار الأيام الإعلامية والمتعلقة بالأنشطة اللاصفية.
قامت مفتشية التربية والتعليم الابتدائي المقاطعة التاسعة دائرة بئر بوحوش بإنجاز أيام تحسيسية تكوينية لصالح مديري المدارس الابتدائية وكدا معلمي وأساتذة التعليم الابتدائي، لشرح وتوضيح المناشير والسندات المتعلقة بموضوع الأنشطة اللاصفية، وهو من مواضيع الساعة، التي تشغل بال واهتمام المربين هده الأيام.
كل ذلك من أجل إبراز الغاية المستهدفة من وراء تشريع وتقنين هذا المستجد التربوي، الذي أعتقد أنه رصيد يضاف، وجهد يبذل لصالح أبنائنا، ومن أجل الارتقاء بمستواهم ليس تربوياً وعلمياً فقط بل فنياً وثقافياً أيضاً وهو أمر جديد قديم، لا يستحق كل هذه التأويلات التي تصل أحيانا إلى حد التطرف والغلو، واعتقادي المشكلة عندنا ليست في النصوص بقدر ما هي في تطبيق هذه النصوص، إن التربية تعني إحداث التغيير المنشود في حياة الفرد، بإعادة صياغة عقليته ونفسيته، لإيجاد الشخصية الإيجابية المتزنة المتوازنة، بل حتى على المستوى البدني، وتحضرني في هذا المقام مقولة رائعة لرائد النهضة الإصلاحية ببلادنا الإمام عبد الحميد بن باديس ـ عليه رحمة الله ـ حين قال : لا يستطيع أن ينفع الناس من أهمل نفسه، فعناية المرء بنفسه عقلا وروحا وبدنا لازمة له ليكون ذا أثر نافع للناس. إنها التربية الشاملة التي تنمي وتهتم بكل الجوانب، وليس تضخيم مجال على حساب مجال آخر، فيحدث الاختلال، وتظهر التشوهات، وما أكثرها في هذا العصر، وإذا كان التحصيل المعرفي غذاء للعقل، فما غذاء الروح ؟ وإذا كنا قد قطعنا شوطاً وبذلنا جهداً محترماً نشكر عليه جميعاً مهما كان من انتقادات في الساحة فهل فعلنا الشيء نفسه مع أنشطة التربية الفنية، ووفيناها حقها ومستحقها ؟ هل لبينا مطالب هذا المجال الذي لا يقل أهمية عن المجال العقلي في شخصية الطفل، أم أن جل اهتمامنا وتركيزنا منصب على تبليغ المعارف والمعلومات والحقائق لا غير ؟

هذه بعض أسئلة وأخرى كثيرة لا يتسع المقام لذكرها، ومن حق كل مهتم بالشأن التربوي أن يطرح مثل هذه التساؤلات، قديما قالوا : الذي يعمل بيده عامل، والذي يعمل بيده وعقله صانع، والذي يعمل بيده وعقله وقلبه فنان، إن الإنسان في البدء وفي تركيبته الأولى قبضة من طين ونفخة من روح، عقل وجسد، فكر ومشاعر .. وصدق الشاعر الحكيم حين قال :
عليك بالنفس فاستكمل فضائلها • • • فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
إنسان بفكره ونفسه ووجدانه، قبل أن يكون ذلك بجسمه وهندامه.إن التربية الفنية تستهدف تنمية الوجدان والعواطف، وهو أمر مهم للغاية، وإذا كانت التربية الفكرية تجعل الإنسان يتعرف على هذا الكون والحياة وعلى الطبيعة وما تزخر به من مآثر، فيطلع على أسرار كثيرة في هذا الوجود، فإن التربية الجمالية تنمية للوجدان والأحاسيس والمشاعر، وتذوق للمناحي الجمالية في هذا الكون الفسيح الجميل، وهذا الفيض والعطاء الرباني الذي تكرم به الباري سبحانه عز وجل، إن صور الجمال في الكون والحياة دليل على قدرة الله تعالى وعظمته وحكمته، إن القيم الجمالية تؤكد على حق الإنسان في أن يكون أكثر إحساسا، وأرهف شعورا، وأكثر تعاطفا مع القيم الإنسانية الكبرى الحق والخير والجمال. قال الفنان المبدع بشير خلف : إنه مما يؤسف له أن الحس الجمالي والذوق الراقي في آخر اهتماماتنا، إن من يفكرون بعقلية جمالية، نلمس ذلك فيهم ويظهر بدءا من إتقان عملهم، وانتهاء بلطف معاملتهم، إن حصة النشاط اللاصفي في آخر الدوام إذا أحسن المعلم استغلالها انطلاقا من رغبة التلاميذ، وما تتوفر عليه بيئة المدرسة من إمكانات، وبمساعدة مدير المؤسسة لا شك أنها تلبي رغبة وتشبع نهما وشوقا إلى الإبداع والتذوق الجمالي مهما كان بسيطا عند أبناءنا، إن حاجة المتعلمين إلى الأنشطة الثقافية الترفيهية معلومة عند الجميع، وكثير ما يصرح المعلمون بأن التلاميذ يميلون ويتجاوبون مع هذه الأنشطة أكثر مما يتفاعلون مع الأنشطة الصفية والتمدرس العادي، فلما يعتبر البعض أن هذه الأنشطة عبء آخر ينضاف إلى حزمة الأعباء الأخرى ؟ ولما يقلل البعض من أهميتها ؟ إن أبناءنا يمتلكون قدرات خاصة ومتنوعة ويعلم معلموهم ذلك جيداً، أفلا تستحق فلذات أكبادنا الكشف عن مواهبهم أولا ولفت الانتباه إليها، ثم التكفل بها ورعايتها وتوجيهها قدر المستطاع، إننا بوسائل بسيطة نستطيع أن نزج بهم إلى ساحات العطاء والإبداع، ونجعلهم يتحسنون ويتطورون ويكتسبون مهارات جديدة، إنهم يحبون ذلك كثيرا ويرغبون فيه، فلما نبخل ونقلل من قيمة هذه الأشياء الجميلة ؟ يكفي أن نبدأ معهم، ونشجعهم، ونثمن جهودهم، ونشكرهم بإبراز أعمالهم وإنتاجاتهم، وأن نكتب لهم بالنبط العريض شعارا يكون حاديا لهم على طريق الاجتهاد والعطاء.
إنجازات تحققت، وأخرى على طريق الإنجاز، جرب معهم وستر العجب العجاب، تراهم كيف يقبلون بشغف ورغبة وحب، لذا أكدت المناشير الواردة في هذا المجال على قضية رغبة واختيار المتعلم للنشاط الذي يريد. لقد علمتنا الحياة أن كل عمل أو نشاط يحبه المرء - صغيراً كان أو كبيراً - ويرغب فيه ويميل إليه، ينتج فيه بل يبدع، وبالتالي يجد فيه سلوته وهناءه وسعادته، وكما يقال عندنا يجد فيه نفسه، إن لذة المبدع بإنجازه وإبداعه تفوق لا شك لذة الآكل لأكله والشارب لشربه.
فمن جرب ذاق، ومن ذاق بلغ المنزلة، تأمل جيداً واستمتع بالتلاميذ وهم يعرضون إنجازاتهم أمام زملائهم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، صدق الله العظيم.