من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. نبيل محمد جلهوم.
إجمالي القراءات : ﴿3470﴾.
عدد المشــاركات : ﴿154﴾.

الاتعاظ بالموت .. وسيلة تربوية نحو تهذيب النفوس وإيقاظ القلوب الغافلة.
■ أخي :
مَنْ لكَ إذا سكتَ صوتُك وفاضتْ رُوحك، وتمكَّن الندمُ ووقَع بك الفوت ؟
مَنْ لكَ إذا زارك ملك الموت ليأخذ الروح ؟
مَنْ لكَ إذا قيل لك: مَن راق، ونزلتَ منزلاً ليس بمسكون مظلم لا محبوب ولا مألوف ؟
من لك حين يُفرّق مالُك ويُسكن أو يُباع دارك ؟

■ أخي :
هل سبق لك أن تواجدت في جلسة يحتضر فيها أحد أحبابك أو أقاربك حتى فاضت الروح لخالقها ؟
هل شيّعت جنازة وذهبت خلفها حتى ووريت التراب ؟
كيف كنت وأنت تسير في الجنازة, هل كنت حزينا ؟
هل كنت تفكر أثنائها في مصيرك وحاولت أن تتخيل أن الميت المحمول على الأكتاف هو أنت ؟

■ من داخل المشهد :
1. هل كان كل المشيعين معك من يحملون على وجوهم نفس تقاسيم الحزن التي طُبعت على محياك.
2. هل وجدت من المشيعين من شاب شعره ولم تعد فيه شعرة سوداء وحين سألته ما بك فرد قائلا: لقد فقدت من كانت لي سندا وحبيبة.
3. هل وجدت منهم من سالت دموعه على خديه وبانت آهاته المحبوسة فرُحْتَ تسأله ما بك فرد بانكسار : لقد وجدت نفسى فجأة بدون أحبتي شركاء الأخوة والدرب.
4. هل وجدت من بينهم من كان مكلوما ودمعته تنهمر على خده فلما سألته ما بك؟ رد بقوله: لم أعد أرى مِن حولى أحبابي ومعارفي بعدما صاروا مجرد خيالات تمر من أمامي لا تسمع مشاكلي ولا تقف بجانبي ولا تشد من أزرى بسبب تغيبي عنهم فاعتبروني غريبا رغم كل الود الذي جمعنا طويلا على المحبة والأخوة التي كان يحسدنا الناس عنها.
5. هل قابلت في الجنازة من كانوا بلا مشاعر, من جاؤوا فقط ليس إلا تقديما لواجب ثم الفكاك من المشهد عاجلا وكأن الأغلال في أعناقهم وبالسلاسل يُكبّلون.
6. هل قابلت منهم من كانت أرْجُله تتحرك بالكاد وكأنه يساق إلى قبره لا يرغب أن يستمر في السير بل يتمنى أن يرجع حيث أتى.
7. هل كان بجانبك من كانوا منشغلين بحديثهم مع بعضهم عن ظروف العمل وتأخر الراتب وتعب الأولاد ومصاريف الدراسة.
8. هل قابلك في الجنازة من جاء ويا ليته ما جاء.
9. هل وجدت وهل وجدت وهل وجدت ؟؟

■ وأنت يا سيدي كيف كان حالك :
1. هل عشت أنت بوعيك وبقلبك وبروحك في الجنازة أو عند احتضار الميت.
2. هل دار بذهنك ومخيلتك أنك اليوم تشارك في جنازة وتحضر احتضارا وفى الغد ستحتضر وتكون جنازتك ولن تستطيع أن تراها بعينك.
3. هل تخيّلت وأنت في الجنازة حال الميت المحمول على الأكتاف كيف سيكون حاله عند نزوله القبر وعند نزول منكر ونكير, هل سيكون في نعيم أم غير ذلك.
4. هل تخيّلت وأنت تسير بأنك قد لا ترجع إلى بيتك إلا محمولا على الأعناق قد فاضت روحك وانقطع عملك.
5. هل وعيت وأنت تسير أن حياتك الحقيقية ليست هي ما تحياها الآن وإنما هي في حقيقتها تلك التي تبدأ من لحظة وفاتك.
6. هل ندمت على تقصيرك نحو أمك / أبيك / زوجك / زوجتك / أبنائك / أصدقائك / جيرانك / وهل عزمت على إصلاح حالك معهم.

■ نحو استفادة واعية من الموت.
● إلى كل من يهمهم أمر الموت :
1. قدّموا لأنفسكم وذويكم ما يعينكم وإياهم على الوعى بحقيقة الموت.
2. ذكّروا أنفسكم وذويكم دوما بالموت.
3. تحدّثوا عن آيات الموت والعذاب والنعيم والبقاء والخلود وناقشوها مع أنفسكم وذويكم وفسّروها وأحسنوا فهمها.
4. اجعلوا من بين أوقاتكم ولو دقائق معدودة عن الموت عرّفوا أنفسكم وذويكم فيها أن الموت هو من يُفرِّق بين الأحباب والأصحاب، ويُباعد بين الأقرباء، ويَحُول بين القرناء، ويهدمُ اللَّذَّات، ويقطعُ الصِّلات، ويُيتِّمُ البنين والبنات، وينهي كل الطموحات.
5. زوروا المقابر وامكثوا فيها طويلا ودونوا مشاعركم بعد الزيارة واحتفظوا بما كتبتم ترِقَ لذلك قلوبكم وتتهذب بينكم تعاملاتكم وتسمو بذلك أرواحكم.
6. ذكّروا أنفسكم وذويكم بأن الموت حين يأتي فسيَمضِي في طَريقه لن يتوقَّف, ولن يستجيب لصرختك حتى لو كنت ملهوفا, ولا لحسرتك وأنت تفارق من تحبهم ولن يؤثر فيه رغبة راغبٍ ولا خوف خائفٍ ولا لوعة أمٍّ ولا شَفقة أبٍ ولا حنين ولا بكاء زوجه, وأنه {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (34 : الأعراف).
7. علّموا أنفسكم وذويكم أن الانشغال بالنفس وإصلاحها يجب أن يأخذ كل الاهتمام والتفكير.
8. ذكّروا أنفسكم وذويكم بأن الموت هو النقطة الفاصلة بين حياة نزرع فيها وأخرى نحصد فيها ما زرعناه في الأولى مما يوجب إحسان الزرع لننعم بالحصاد.
■ ’’اللهم ميتة سوية’’.