من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : د. يحيى علي الزهراني.
إجمالي القراءات : ﴿4810﴾.
عدد المشــاركات : ﴿8﴾.

الاستثمار في أيام.
■ لا يختلف تربويان في أن الأولاد ثروةٌ، وعلو قيمتها بعلو ثمرتها، ودون القيمة وواقع الثمن تتقطّع أكباد الإبل ويتفاوت الناس تفاوتاً عظيماً.
أحياناً تعْمَل الكلمةُ في النشء والطالب والرجل ما لا تعمله جُملاً ومواعظ وخطابات. ومتى ما حضرتْ النيةُ الصالحة أوقدتْ في النفوس من العزيمة، والإصرار. والأثر الطيّب والجميل الحسن ما لا يخطر على بال، وقيل إن كلمةً قيلتْ فوقعت في نفس الإمام البخاري موقعا عظيما دفعته لتأليف صحيح البخاري، قضى فيه عُمراً، ورحل في سبيله للأقطار، واستقبل من المخاطر في الأسفار، مع همة وصبر وصلاح وعبادة وعلم وعمل ما جعل الأُمة تُجمِع على أن صحيحه أصحُّ كتاب بعد كتاب الله تعالى.
أسبوعان يستقبلهما الطلاب وبعدها ثالثٌ، وربما سبقهما غيرهما، تحتم على التربوي والناصح أن يُعيد التفكير في استثمار هذه الأوقات الثمينة، والعُمر الأثمن، في ظل تيارات فكرية وتغيّرات تربوية وتعقّدات اجتماعية جعلتْ من جيل اليوم ومجتمع اليوم جيلاً مغائراً لما عاصره مَن عاش قبلُ.

والأفكار الاستثمارية التي تُطرح ليُنتفَع بها في نحو ثلاثة أسابيع كثيرة، ومتنوعة، ومتاحة، والأهم من هذا أن الأسرة المسلمة والمدرسة الناصحة والمسجد المؤسَّس على تقوى ورضوان والأعلام الموجَّه. يُمكن أن يكونوا مفاتيح للخير، وعوناً عليه، بل وشركاء في الأجر، في صحيح مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رَجُلٌ إلى النبي ﷺ فقال: إِنِّي أُبْدِعَ بِي - أي هلكتْ دابتي - فَاحْمِلْنِي، فقال: "ما عندي". فقال رَجُلٌ: يا رسول اللهِ، أَنَا أَدُلُّهُ على مَنْ يَحْمِلُهُ، فقال رسول الله ﷺ: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِه". فانظر رعاك الله، ما ناله هذا الرجل من الأجر من كلمة طيبة، دلّ بها أخاه.

ولا يقتصر الاستثمار في هذه الأسابيع على حفْظ القرآن الكريم، وإن كان هو أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، لكن الاستثمار في علوم أخرى أيضا مهمٌ ومثمِرٌ، فخُذْ مثلاً هذه الأفكار التي يُمكن أن تكون مشاريع استثمارية في كنز ثمين، إن لم تكن معه وإليه، فقد تَتخطّفه الطيرُ من مكان.
حفظُ سورة من القرآن، بشرط أن يكون هناك برنامج يومي للحفظ، ووقت للمراجعة، ووقت للنشء والطالب كنزهة له، وميدانا هادفا يُجدَّد فيه النشاط، وفي المقابل هناك جائزة لمن حفِظ، وأتى بما اتُّفِق عليه من الشروط.

قراءة كتاب، أو فصول من كتاب، أو قطعة من درس، قراءةً صحيحة من الأخطاء اللُّغوية، أو قراءة فهمٍ، أو نقد، أو تحليل، ويُمكن أن يُضاف للقراءة تمثيل المعنى، ومهارات الإلقاء الأخرى. والجائزة.

كتابة النص، أو الدرس، أو الإتيان بكلمات مرادفة أو مضادة لما في الدرس، بحيث يتعلّم الإملاء، ويُنمي حصيلته اللغوية، كأنْ يكون النص: تحدث المعلمُ لطلابه قائلاً... فيعيد بناء الجملة بكلمات مرادفة: تكلم المربي للمتعلمين مخاطباً. فالمهم أن يكتب ويفهم ما يُراد منه. والجائزة.

حفْظ مقطوعة من الشِّعر الهادف، قصيدةً أو جزء منها، ويختار المربي النصَّ المراد حفظه، مع مراعاة فصاحته، وسلامة معانيه، وسلاسة ألفاظه، وجودة مبانيه. والجائزة.

مراجعة وضبْط بعض المقررات الأخرى كالحساب والعلوم، أو اللغات، أو المنظومات، مع مراعاة الحاجة لذلك، وإدراك النشء والطالب وفهم المطلوب، فمَن فهِم سهُل عليه الحفظ والعمل، وبالتالي الإتقان. والجائزة.

واعلم علّمني الله وإياك أن دِقة المربي وصدْقه وصبره وحزمه ووضوح برنامجه ووفائه بوعده مئِنّة على نجاحه وبلوغ هدفه.