من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد هاشم الأهدل.
إجمالي القراءات : ﴿13975﴾.
عدد المشــاركات : ﴿6﴾.

هل يمكن للطالب أن يقيم المعلم ؟
● قبل الولوج في تفاصيل هذا الموضوع اسمحوا لي أن نعيش لحظات حقيقية للمواقف الآتية :
■ موقف (1).
في إحدى الحفلات الختامية المدرسية قرر مدير المدرسة أن يعمل برنامجاً تكريمياً شاملاً لجميع منسوبي المدرسة طلاباً ومعلمين وإداريين، تم الإعداد للحفل بشكل جيد ، جهزت الهدايا والدروع .. الخ.
بدأ الحفل الجميع مبتهج الجميع مسرور تم تكريم الطلاب المتفوقين، تلاه تكريم الطلاب المشاركين في الأنشطة اللاصفية، التصفيق يدوي في أرجاء المحفل الهتاف على أشده الطلاب متفاعلون، حان تكريم المعلمين بدأ المذيع يسرد أسماء المكرمين :
♦ الأستاذ / م ح ف تصفيق وهتاف حارين من قبل الطلاب.
♦ الأستاذ / س ع ص تصفيق وهتاف أقوى وأشد.
♦ الأستاذ / م ك أ لا تصفيق لا هتاف.
♦ الأستاذ / ب ي ج لا تصفيق لا هتاف مع صوت اشمئزاز وخمول.
♦ الأستاذ / ق ل ث تصفيق طويل جداً وهتاف ارتج المكان له .
فقلت في نفسي هذا تقييم وليس تكريم، كان الأمر مفرحاً لبعض المعلمين ومكدراً للبعض الآخر ومحرجاً إلى حدٍ ما لمدير المدرسة. إن ما حدث كان بالفعل تقييماً من قبل الطلاب لمعلميهم ولكن بأسلوب آخر، انتهى الحفل لكن لم ينتهِ تفكيري فيما حدث.
في العام التالي قوبل المدير برفض فكرة التكريم هذه من قبل البعض فضلاً عن تردده هو شخصياً في عمل ذلك مراعاةً لمشاعر البعض !
قلت لمدير المدرسة : لا تتردد فقد يكون ما حصل بالعام الماضي حافزاً لبعض المعلمين لتقديم أداءٍ أفضل في هذا العام.

■ موقف (2).
بحكم عملي في الإرشاد الطلابي أنفذ ضمن برامج الإرشاد الطلابي التفاعلية برنامجاً عملياً تفاعلياً للتواصل مع الطلاب عن بعد وذلك بإتاحة الفرصة لهم في كتابة مشكلاتهم وآرائهم ومقترحاتهم دون الحاجة إلى ذكر أسمائهم ويكتفى بوضع كنية أو رقم خاص للتواصل واستقبال رسائلهم في صندوق خاص ومن ثم أقوم بالرد عليها في مكان بارز داخل المدرسة، تفاجأت ذات مرة بعدد لا بأس به من الرسائل ينتقد الطلاب فيها بعض معلميهم في الأداء تارة وفي الأسلوب تارة وفي التعامل تارةً أخرى وبدراسة تلك الرسائل اتضح أن ما يقوم به الطلاب ماهو إلا تقييم لمستوى أداء المعلم داخل الفصل، المفاجأة الكبرى أن وردت رسائل تثني على أداء معلمين آخرين وتطالب الآخرين أن يحذو حذوهم.
من خلال التأمل في الموقفين السابقين نرى أن الطلاب في الموقف الأول وضعوا درجات تقديرية لمعلميهم ولكن بأسلوب التصفيق والهتاف لأنهم لا يملكون أدوات تقييم غيرها، في الموقف الثاني كان التقييم مختلفاً تماماً حيث احتوى على النقد والثناء والحث على التعديل (التقويم).

■ مواقف وتساؤلات ؟
1- تطالعنا الصحف بين الفينة والفينة بأخبار : (مجموعة من الطلاب يعتدون على معلم) لماذا ؟
2- طالب يهشم زجاج سيارة معلم، لماذا ؟
3- معلم يمشي في أحد الممرات بالمدرسة ويتحلق الطلاب حوله في فرح وحبور، لماذا ؟
4- معلم ينفر منه الطلاب، لماذا ؟
5- مجموعة من الطلاب يبادلون معلمهم التحايا، لماذا ؟
إن ما يحدث في المواقف السابقة تقييم من الطلاب لمعلميهم ولكن كلٌ بأسلوبه.

■ السؤال هنا : هل يمكن أن يقيم الطالب المعلم ؟
الجواب في تقديري نعم يمكن للطالب أن يقيم المعلم أو مدير المدرسة أو وكيلها أو المرشد الطلابي.
● ذلك لعدة أسباب أهمها :
1- أن الطالب هو المحور الأساسي للعملية التربوية والتعليمية ولا يمكن لهذه العملية أن تقوم بدونه.
2- أن الطالب هو الذي يعايش وبصفة مستمرة الأحوال المختلفة للمعلم الانفعالية والعاطفية والسلوكية (عند سروره - عند غضبه - عند قلقه - ردود أفعاله) ولكل حالة لها تقييمها الخاص من قبل الطالب وهذا ما لا يتحقق في حضور المدير أو المشرف الزائر حيث يسخر المعلم كافة طاقاته للظهور بالمظهر الحسن.
3- أن كل ما يكتسبه الطالب من مهارات تعليمية وسلوكية وتربوية هي نتاج أداء المعلم والعكس بالعكس وهنا يمكن القول أن الطالب هو المرآة الحقيقية التي تعكس أداء المعلم وبالتالي تقييم الطالب هو تقييم المعلم.
4- إن قيام مدير المدرسة أو المشرف التربوي بزيارة (قد يكون مرتب لها مسبقاً) للمعلم لتقييم أدائه داخل الفصل مرتين أو ثلاث خلال الفصل الدراسي وربما خلال العام الدراسي لا يمكن أن تعكس الصورة الحقيقية لمستوى أداء المعلم وبالتالي يظل الطالب المقيم الحقيقي لأداء المعلم.
5- أن عدداً من المعلمين لا سيما المتميزين يعمدون في نهاية العام الدراسي إلى إجراء أستطلاع حر أو استبيان لتقييم مستوى أدائهم بهدف تطوير قدراتهم الذاتية مستقبلاً وهذا أمر رائع.
6- أن المرحلة العمرية للطلاب في مختلف مراحل التعليم العام تتميز بالبراءة غالباً وبالتالي فإن الحكم الذي يصدره الطالب يتسم بالعفوية والحيادية شريطة أن تتاح له الفرصة للتعبير عن رأيه في جو آمن (كأن يعفى من كتابة اسمه مثلاً، وأن يترك مسافة كافية بينه وبين زميله) وقس على ذلك بقية أفراد المجتمع المدرسي.
وعلى ذلك فإن إدراج خانة (تقييم الأداء الوظيفي من قبل الطالب) ضمن آلية تقويم الأداء الوظيفي لشاغلي الوظائف التعليمية في رأيي الشخصي يظل أمراً حتمياً.
ليس عند هذا فحسب بل يفترض أن يعتد برأي الطالب قبل تكليف المعلم للقيام بالأعمال القيادية كالإشراف التربوي أو الوكالة أو الإدارة أو الإرشاد الطلابي وغيرها من الأعمال التربوية والتعليمية.

■ فوائد :
إن إشراك الطلاب في تقييم أداء شاغري الوظائف التعليمية معيار مهم لا يقف عند تقويم الأداء فحسب بل إن له فوائد أخرى على الطلاب أنفسهم منها :
1- تعزيز جانب الحوار وتقبل الآخر.
2- رفع مستوى السلوك التوكيدي.
3- تعزيز الثقة في النفس.
4- إنتاج جيل جديد مدعم بخبرات جديدة.
5- رفع رصيد المستوى الثقافي والاجتماعي.

■ بعض الأساليب المقترحة لآلية تقييم الطلاب لمعلميهم :
1- أسلوب الاستطلاع الحر.
2- أسلوب التصويت ومثاله أن يعطى الطالب الفرصة في اختيار من يراه مناسباً لشغل منصب قيادي أو غيره إما عن طريق التصويت الكتابي أو التصويت الإلكتروني كأن توضع صفحة في موقع المدرسة على الشبكة يصوت الطالب من خلالها لمن يراه مناسباً.
3- أسلوب الاستبانة الأسلوب التقليدي المعروف.
4- أسلوب التقييم الجماعي.
5- صندوق التواصل للآراء والمقترحات.

■ ختاماً : أتمنى من القائمين على برامج تطوير تقويم الأداء الوظيفي لشاغلي الوظائف التعليمية أعتبار تقييم الطالب للمعلم جزءاً من عملية تقويم أداء العاملين في المجتمع المدرسي، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.