من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

فوائد لغوية ﴿22072﴾.
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد عاطف السالمي.
إجمالي القراءات : ﴿6409﴾.
عدد المشــاركات : ﴿192﴾.

لا نكاد نجد شهراً نال مكانة متميزة مثل هذا الشهر المبارك العظيم, فالأحاديث النبوية الشريفة الواردة في فضله تكاد تجمع على مكانته بين الشهور ومنزلته المتميزة عند المسلمين, وما ذاك إلا لأن الركن الثاني من الإسلامِ يكون فيه أي في صومه, ولقد نظر اللغويون العرب إلى لفظة (رمضان) فشرحوها ووضحوها, لكي يكتمل الدرس العلمي اللغوي والشرعي لهذه اللفظة, فمما ذكروه :
1- أن لفظة رمضان على وزن فعلان, ممنوعة من الصرف ــ أي لا تنون ــ وهي في الأصلِ مصدر (رمِض) بكسر الميم إذا احترق, وذهب الخليل إلى أنه من (الرمْض) بتسكين الميم وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر وجه الأرض عن الغبار, والظاهر أن الدلالتين اللغويتين دالتان على حقيقة هذا الشهر, فهو شهر المغفرة ومحو الذنوب كما أن هذا الشهر يغلبُ عليه الحر الشديد.
2- وذكروا أسباب تسمية هذا الشهر برمضان فقالوا :
سمي بذلك لأن الذنوب ترمض فيه، أي : تحرق الذنوب بالمغفرة, قاله : ابن عمر, وقيل : لوقوعه أيام رمض الحر, أي : شدته, قال ابن دريد : لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي هي فيها, فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته, فكان اسمه في الجاهلية ناتقاً.
وقد جمعه العرب على صيغٍ كثيرة فقالوا : رمضانات, ورمضانون, ورمضانين, وأرمضاء, وأرمضة, وأرمض, ورِماض, وكثرة هذه الجموع تدل على كثرة استعمالهم لهذه اللفظة المباركة.
3- ومما ذكروه حول هذه اللفظة ذلك الخلاف حول استعمالها, فهل يجب دائما أن تسبق بلفظة شهر فيقال شهر رمضان ؟ أم يجوز أن تطلق عارية من لفظة شهر فيقال رمضان ؟ ورد في ذلك قولان :
أ- أنه يجب أن تسبق بلفظة شهر فلا يقال إلا شهر رمضان, والكلمتان مع بعضهما صارتا علماً على هذا الشهر الكريم, وأطبقوا على أن هناك ثلاثة أشهر لابد من سبقها بلفظة شهر وهي (شهر رمضان ـ وشهر ربيع الأول ـ وشهر ربيع الثاني) وفي البواقي لا يضاف الشهر إليها, وقد نظم ذلك بعضهم فقال :
ولا تضف شهراً إلى اسم شهر • • • إلا لما أوله ــ الر ــ فادر
واستثنِ منها رجباً فيمتـــنــــع • • • لأنه فيما رووه ما سمــع

ومن أدلة هؤلاء قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تقولوا : رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا : شهر رمضان).
ب- وذهب بعضهم ــ ومنهم سيبويه وأكثر النحويين ـ إلى جواز إضافة لفظة شهر إلى جميع أسماء الشهور, فجعلوا (رمضان) علماً جنسياً على هذا الشهر, واستدلوا لذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
فوردت لفظة رمضان في الحديث غير مسبوقة بلفظة شهر, وانتهى الخلاف بين الفريقين إلى جواز الأمرين, وذكروا أن حديث (لا تقولوا رمضان .. إلخ) إن صح أنه من أسماء الله تعالى فهو غير مشتق أو راجع إلى معنى الغافر, أي يمحو الذنوب ويمحقها.
والمهم كما ذكرنا جوازُ الأمرين والأفصح أن تسبق بلفظة شهر بدليل قوله تعالى : (شهر رمضان).
نسأل الله أن يجعلنا من صوامه وقوامه وعتقائه, وأن يوفقنا إلى مرضاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
• شهر رمضان في اللغة العربية : (من موقع جامعة أم القرى) بقلم : أ. د. رياض حسن الخوام (جامعة أم القرى).
• انظر لسان العرب ــ والقاموس المحيط, مادة رمض ــ وانظر روح المعاني للآلوسي 2/60 ــ وانظر إحكام العقد الوسيم للكوكباني 221.

|| محمد عاطف السالمي : عضو منهل الثقافة التربوية.